خلال أحد اللقاءات الصحفية التي أجريت مع الراحل البانديت جواهر لال نهرو، رئيس وزراء الهند، وفي معرض حديثه عن مواجهة الهند للبريطانيين وإرغامهم على الانسحاب من الهند قال: كنت أحدث المهاتما غاندي عن ذلك وأشدد على ضرورة مواجهة البريطانيين بالقوة وفيما هو يستمع إليّ صابراً ثم ليقول لي: أنت مأخوذ بغرور القوة الأوروبية، تواضع قليلاً، لا تستطيع أن تصل إلى الحقيقة إلا بالتواضع، هذا الذي لا يجعل (الذات) تقف سداً بينك وبين الموضوع. إذا قابلت غرورهم بالقوة ب(غرورك) أنت بالقوة فإن غرورهم يغلب غرورك أنت بالقوة، تواضع إن الهند لن تستطيع أن تغلب الإمبراطورية بالغرور وإنما ستغلبها بالتواضع وستنتصر الهند في النهاية. وكان العصيان المدني، كما قال نهرو وإعمال العقل والحكمة، حتى تحقق للهند النصر على البريطانيين، إنها الحكمة الهندية من ذلك الزعيم الحكيم المهاتما غاندي. أين بعض الزعماء العرب من مثل هذه الحكمة والدهاء وأين هم من تجارب الآخرين. لقد قادهم غرور القوة إلى النكسات والهزائم، وكما فعل جهلهم بنوايا أعدائهم ومنظومات المصالح الدولية، حتى الصديق الأقرب والمفترض لم يكن على تمام المعرفة بما يمكن أن يصير في حالة متى رأى أنه من غير مصلحته المضي في الدعم والتأييد بل ربما صار إلى نقيضه، ومثل ذلك صار وإن في الخفاء وليس العلن، وكما تأتي به مذكرات كبار القادة والزعماء لتلك الدول، كم كان بالإكان تفادي الخطر والحيلولة دون ما صار من نكسات مؤلمة لو توفرت لدى هؤلاء الحكمة: ولو قرؤوا جيدا وفهموا ما كان يدور من حولهم ولا ننسى مقولة وزير الدفاع الإسرائيلي: (العرب لا يقرؤون).. والتي يمكن أن يضاف إليها ولا يعتبرون، ونحمد الله أن أعطى لحكام هذه المملكة التواضع والحكمة والبصيرة، وحماها بحوله وقوته من كل مكروه. حفظ الله بلادنا وقادتنا، أولئك الرجال الميامين وأدام عليهم توفيقه وعنايته، ومدهم بعونه إنه سميع مجيب.