في حضور مميز ضمن معرض (ميناس ارت فير 2011) الذي انعقد في بيروت خلال الفترة 13-16 يوليو الجاري أقيم معرض الفن المعاصر السعودي بعنوان «نبط... نبض إحساس بالوجود» (NABATT «ASense of Being) الذي تقوم على تنظيمه صاحبة السمو ريم الفيصل ولولوة الحمود كانت الصين آخر محطاته في جولته السابقة، حظي خلالها بحضور منقطع النظير. وتأتي هذه المحطة ليستمر فيها هدف فكرة المعرض على اكتشاف أدقّ مميّزات الحياة البشريّة والعلاقات بين مختلف الثقافات والانتماء المشترك لهذا العالم، من خلال تقديم أعمال فنّية خلاّقة لاثني عشر فنّانًا من المملكة العربية السعودية في هذا المعرض من بينهم الفنان مهدي الجريبي الذي يطلق مشروعاً جديداً في هذا المعرض بعنوان (نقاط) الذي يشارك به الفنان ضمن جناح الفن السعودي المعاصر. ومع أن مشروع الجريبي يأتي بعد توقف دام سبع سنوات عن عرض مشاريعه الجديدة منذ آخر أبحاثه التشكيلية: (زنكوغراف) - الذي عرض في العام 2003م، كما يشير في بينانه عن هذه المشاركة التي حملت عنوان (نقاط) هو إنشاء في الفراغ مكون من سبع مسَّنات يدوية (آلات يدوية لشحذ المعادن كانت متداولة في فترات سابقة)، ينصِّب الفنان كل آلة منها على حامل حديدي معالج بارتفاع 120 سم، مثبت على الأرضية بواسطة قاعدة والآلات تنتظم على سجاد أحمر بطول 8م. يقول الفنان الجريبي إن نقاطه تمتلك خاصية الحركة والفعل، في اصطفافها تقف ضمن حيز عرض واحد، لكن كلاً منها يمتلك إحداثياته الخاصة التي تجعل من انوجادها فعلاً غير متزامن. ويضيف أن النقاط تتحرك بواسطة قرص دائري، تقف كإشارة فيما تتسع الدوائر. أضع الآلات السبع كنقاط لانتهاء جملة الخطاب، وهو ما يستدعي العودة إلى قراءة مفردات العالم الذي أنتج هذه الآلة واستخدمها، واستمر في استخدامها. أما النقاط ذاتها فهي منتج دون تاريخ، لكن صلاحيتها لا محدودة في القدرة على الفعل والتشكيل. الجريبي يتحدث عن (نقاط) موضحاً: إنه مشروع يبحث في الزمن، زمن الفعل لا الزمن المعاش والمدرك، يبحث في الاختلاف بينهما، في التزامن واللا تزامن.. مضيفاً أن استقلالية الفنان هي فضاؤه الوحيد والمتاح لإنجاز خطابه الجمالي والفني، مهما كانت الطريق طويلة ووعرة.. ويرى الجريبي أن الشارع هو مرسمه وورشته، لا يتحدث عن توقفه، بل يفضل أن يبدأ من جديد دائماً.. مشيراً إلى مشاريعه الناجزة أخيراً ك(زمزم 2010)، مؤكداً أنه لن يكرر أي فعل فني يمتلك أدواته، في كل نهار هناك بداية جديدة.. وهو يحتفي بنقاطه كما يقول حينما يفرش تحت أقدامها هذه السجادة الحمراء، كما يحتفي بقارئه أيضاً. مهدي الجريبي هو أحد أبرز الفنانين المؤثرين في حركة الفن السعودي المعاصر، بدأ الحضور في الساحة الفنية المحلية منذ العام 1989، شارك في عدد من دورات (بينالي القاهرة الدولي)، ترينالي الهند الدولي، (بابل 2002 ) المتحف الوطني للفن المعاصر، سيؤل- كوريا الجنوبية، معرض ومزاد (30 فناناً ضد مرض الزهايمر) Drouot Montaigne- باريس. فيما ظل مشروعه المثير (جدل) حاضراً بقوة طيلة العقد الأخير كأبرز المشاريع الفنية التي قدمها الفنانون السعوديون، فقد حضر مستعاداً في (Edge of Arabia)- لندن : 2008م، ثم في مزاد كريستيز - دبي 2009م قبل أن تباع 14 قطعة من (جدل-2) في (فن أبو ظبي 2010). كما يشارك من جانبه الفنان فهد القثامي ضمن المجموعة التي اختيرت بعناية من بين التشكيليين المعاصرين بالمملكة خصوصاً الشباب. قدم القثامي اثنين من المشاريع الفنية الجديدة المشروع الأول (على الخط) هو عمل مطبوعة على ورق عصا يتألف من 4 قطع، بينما المشروع الآخر هو فن الفيديو بعنوان (قانون الفعل الماضي) والذي هو شريط فيديو ثانية 2:40 الطويلة التي يمكن تمديدها لفترات طويلة دون نهاية محددة تقررها متفرج كما يوضح الفنان «كان الفعل في الماضي، لكنه ماض مستمر، على الرغم من أن هذا النوع من الأفعال غير موجود في اللغة العربية، ولكن يمكن التقاطها من خلال الفن». في «الفعل الماضي»، ونراقب المشهد حيث شخص يغسل أيديهم، ثم تحقق ضعف ذلك، وكرر هذا العمل مرة أخرى ومرة أخرى، في كل مرة مع سرعة مختلفة وزوايا الكاميرا المختلفة وغير متوقعة، يرافقه المؤثرات الصوتية المستمرة التي تطارد وتشجيع المشاهدين على التأمل. «إنه عمل في الماضي مع مرور الزمن بين لحظة وتظهر لحظة المشاهدة، والوقت المنقضي بين إطلاق النار وتبين الفعل والعرض، آل Gethami التعليقات. أما بالنسبة لعمل آخر بعنوان «على الخط»، ونحن نرى صورة مطبوعة من الجمل مع تجهيزات إضافية، طبق الأقمار الصناعية ومعدات الصوت وضعت على ظهرها... العمل الذي يعتمد على العديد من التقنيات، بالتلاعب في القواعد الفنية التصنيفات (كما هو الحال دائماً مع شركة تعمل في Gethami)... الفنان يقدم أفكاره باستخدام مزيج هجين من التقاليد الفنية المختلفة، في حين تظهر واحدة من السمات الرئيسة للبيئة: الجُمل. الدولة ثابتة من الإبل يتناقض بواسطة أدوات الاتصالات المتغيرة، وتسليط الضوء على المفارقة والأصالة من الصورة. من المفارقات والعناصر العادية إرسال إشارة على المشاهدين في حين أن الجمال لا يزال في تلقي وإرسال الإشارات. تجدر الإشارة إلى أنّ معرض «ميناسارت فير» قد انطلق في العام 2010. واستطاع هذا المعرض أن يصبح محطّ أنظار دور المزادات العامة ومتاحف العواصم الفنيّة في المنطقة والعالم، ما جعله بالتالي أحد المعارض الفنيّة الأكثر أهميّة لهذه السنة.