استطعت الحصول على موعد معه بعد جهد مضني ووقت طويل من المكالمات.. كان الأمر يشبه الخيال، فمنذ أسبوع أو أكثر وأنا أحاول اللقاء به إلا أنه لا يرد على اتصالاتي المتكررة وفي أفضل الأحوال يرد علي أحد مساعديه ويخبرني أنه مشغول ويطلب مني الاتصال به في وقت آخر. أخيرا حل الموعد المنتظر.. ارتديت ملابسي الجديدة والتي لا ألبسها إلا لصلاة الجمعة.. وضعت عطراً خفيفاً، وركبت سيارتي باتجاهه.. عندما دخلت استقبلني أحد مساعديه بلطف وطلب مني الجلوس في صالة الانتظار... بعد حوالي النصف ساعة خرج إلي وناداني.. أدخلني إلى قسمه الخاص.. أجلسني على كرسي وثير وطلب مني خلع شماغي كي أحس براحة أكثر.. بعدها نادى أحد مساعديه وطلب منه إعداد فنجان قهوة لي وأكد عليه أن تكون بلا سكر فهو يعرف ذوقي في القهوة كما يعرف عني أشياء كثيرة لا تعرفها حتى زوجتي. انهمك في عمله وبدأ يحدثني عن الضابط سعيد والذي قبض عليه بتهمة استعمال المخدرات، كذلك قضية أحمد وفهد، وكيف داهمتهم الهيئة بصحبة فتيات أجنبيات.. عندما قارب على الانتهاء من عمله أخبرته بمشكلتي مع المرور نتيجة كثرة المخالفات وتراكمها علي مما أدى لعجزي عن تسديدها، فأجابني ضاحكاً: - لا تهتم سأتحدث مع مدير المرور من أجلك، وسيخفض مخالفاتك إلى الحد الأدنى.. هذا إن لم يلغها وكأنها لم تكن. عندما رأيت ابتسامته تشجعت وفاتحته بخجل حول وضع والدتي الصحي وأنني لم أستطع الحصول لها على موعد طبي، فضحك مرة أخرى وطلب مني الذهاب غداً إلى الدكتور خالد في عيادته مباشرة دون المرور على قسم المواعيد وتعقيداته، وأن أخبر الدكتور أنني من طرفه وسيهتم الدكتور بالباقي، فشكرته وأخبرته بدعوات والدتي له. نهضت من الكرسي بعدما انتهى من عمله، وارتديت شماغي وتركت له مبلغاً بسيطاً على الطاولة إلا أنه رفض وأعاد لي النقود، وقبل أن أخرج همس في إذني قائلاً: إن ملفي الأمني نظيف جداً، وأن ترقية كبيرة تنتظرني خلال الشهر القادم. لم أصدق ما سمعته من شدة فرحي وخرجت متجهاً إلى سيارتي.. عندما ركبت السيارة فكرت.. كيف لرجل مثله أن يعرف كل هذه الأشياء عني وعن المدينة بأسرها؟ المؤكد أنه لا حلاق آخر يستطيع أن يعرف مثلها.. مهما حاول!