تعليقاً على ما يطرح في هذه الجريدة وفي الساحة الإعلامية حول إثارة وكلام الدكتور طارق الحبيب أحببت أن أضيف عبر عزيزتي التي نشتاق لها كثيراً ونغيب عنها طويلاً الآتي: نحن أمة رسالة مبادئ وقيم، أمة عمل ونجاح وفلاح، الأهواء والأمزجة ليست مرجعيتنا، مرجعنا عقيدة، ودين وشريعة تضبط تصرفاتنا، وتحكم تعاملاتنا فيما بيننا، ومع سائر الخلق.وما يدور في الساحة اليوم من ردود وردة فعل ومناقشات حول أخطاء الدكتور طارق الحبيب، ينبغي أن تناقش بمنطق وعقل دون سب وإسقاط ومحاولة تحقير وتحطيم للشخص نفسه، وأنا هنا لست مدافعاً عن الدكتور ولا أؤيده بكل ما يقول: فمثلاً كلامه عن أهل الجنوب والشمال اعتذر لهم وتاب عن زلته فعلينا أن نقبل اعتذاره وأن نحسن الظن ف: (إياكم والظن فإنه أكذب الحديث) فليس لنا إلا الظاهر ولنحذر من الخوض في البواطن فهي للذي يعلم السر وما أخفى كما علمنا الفاروق رضي الله عنه ينبغي أن نلتمس لأخينا سبعين عذراً لا كما يحدث الآن من قسوة وشدة في الكلام على الدكتور طارق فهو رجل ناجح في خدمة أمته ومجتمعه وينبغي علينا أن نحتفي بالناجحين وأن نحترمهم ونقدر لهم جهدهم ونفرح بتميزهم وكذلك أن نمد لهم يد العون وأن نحفزهم بالثناء والشكر ليزدادوا نجاحاً وفلاحاً ونتاجا وعندما يخطئون ويزلون فعلينا أن لا نشنع عليهم وأن لا نكوم محتقنين تجاههم وأن نناقشهم بالحكمة ونردهم إلى جادة الصواب (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون).وأما زلته الخطيرة في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا يناقشه فيها علماء الشريعة ويبينون له زلته ومزلقه ويطالبونه بالمراجعة والتوبة، فرسولنا الكريم مصطفى ومختار من الله وشخصيته مقدسة، وهو مرجع لنا ومثل ونموذج يحتذى في الشخصية الكاملة فمهما أوتينا من علم وفكر وحفظنا واستوعبنا نظريات كاملة يبقى عاجزاً وقاصراً عن قراءة وتحليل شخص الرسول صلى الله عليه وسلم المجتبى والمختار من الله - نسأل الله السلامة والعافية- أن تجرنا أقلامنا أو أفكارنا أو شهاداتنا إلى مزالق تمس مقدساتنا. والبروفيسور طارق رجل فاضل وداعية وإيجابياته كثيرة في إصلاح أمته وتوعية مجتمعه وهذه لا تخفى على أحد وعنده مساوئ وسلبيات قليلة كسائر البشر لكنها تغمر في بحر إيجابياته ومشاركاته الفاعلة في تثقيف وتوعية أبناء مجتمعه ولا أظنه تقصد ذلك وحاشاه أن يمس شخص المصطفى لكنه أخطأ في التنزيل والتطبيق والفهم.فالدكتور طارق - فيما يبدو لي- ومن خلال متابعة الكثير من طرحه عنده خطأ أساسي ينبغي أن ينتبه له، نحن لا نتكلم في تخصصه ومعلوماته الطبية النفسية فهو متمكن ونحن فخورون به وفرحون بنجاحه، وما يعجبني فيه أنه عندما يقال له:أطباء علم النفس في الغرب لا يعترفون بالتلبس أو غيرها من المعالجات التي تنطلق فيها من شرعنا، لا يتغطرس ويتعالم ويجيبك إجابة المسلوب المنبهر بل يقول: لا شأن لي بهم أنا أنطلق من عقيدة وروحانية ودين. وكذلك قال عن قضية دخول الجان بالإنسان والتأثر أنها قضية غيبية ينبغي أن لا نشغل أنفسنا بها ومرجعنا فيها ما عندنا من نصوص شرعية فهذا كلام جميل ومبدأ مؤصل. لكن الخطأ الذي وقع فيه مع الرسول صلى الله عليه وسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم مقدّس مرجع وأساس لنظرياتنا وعلومنا النفسية، فهو الأصل والأساس والخطأ من عندنا ومن عند فهمنا ومن عند معلوماتنا، فأفعال الرسول وأقواله هي نبراس لي أستضيء بها وتنير دربي في طريق البحث والعلم، أما إن خطَّأتها أو حاولت أن أطبق عيها نظريات بعضها من الأساس فاشلة، فسأضل ولا أهتدي ففي أمور الزواج والعلاقة بين الزوجين وزواج الكبير من الصغيرة والعكس وغيرها من أمورنا الحياتية، هو مرجعنا بها وهو المشرِّع لنا بعد القرآن وليس لنا أن نحلل شخصيته كي توافق ما عندنا من فهم أو نظريات بشرية قاصرة، فزواج المصطفى من خديجة وهو صغير وزواجه من عائشة وهو كبير هذا تشريع للأمة وجواز، وليس لنا إلا التسليم وأن نستخلص الإيجابيات من هذا الزواج أما إن كانت رؤيتنا ونظريتنا لا تؤيد هذا الزواج فالخطأ منها وليس من عند المشرع وعلي أن أستلهم فعل الرسول وتجربته الناجحة وأضفيها على ما عندي من رؤية وفكرة وبحث واستقراء فتزداد قوة ونضجاً وتكون أكثر إضاءة وتأصُّلاً. سطور أخيرة: الأحداث كبيرة والأزمة على الأمة خانقة ولا ينبغي أن نبذر طاقتنا وأن نصرفها في فضول الكلام والقيل والقال وكثرة السؤال ونحن في بلدنا السعودية - حرسها الله- بحاجة إلى أن نصطف وأن نلتف مع بعضنا وأن نلتحم مع قيادتنا كي لا يُشق صفنا ويفرح بتنافرنا عدونا. خالد عبدالعزيز الحماد