وثمة ما يدور في مخيلتي عن صغير أخذ بالأمس يدور في حديقة الدار، يتعقب سير نملة بدأ من جوار جذع الشجرة.. ومضت في مسارها..، عبرت بالتربة,.. وبأحواض الزرع،.. ثم صعدت شطرا من جدار..، و اتجهت نحو الباب المقابل لمدخل البيت..، تركض حينا.. وتمشي الهوينا حالات..، تندس في العشب الأخضر على طرفي مضمار المشي... تارة، ثم، تعود تمر بأطراف مداخل الدار..، وهو يتبعها،.. دون كلل، بل محياه باسما كان.. ما لبث أن اندس بسرعة داخل المطبخ..، أتي بعلبة معدنية صغيرة..، عاد يتعقبها، في دهشة جذبت انتباهي لمتابعته هو الآخر.. قليلا ثم مد للنملة يدا..، وبيده الأخرى قرب منها العلبة العلبة..، والنملة لا تعبأ به، ولا تعر أي اهتمام للهفته وتعقبه..،.. وركضه ومتابعته، وانحناءته، وتسلقه.. بدا من ثم أنه قد ضاق ذرعه..، وهو صامت..، فإذا به يترجاها: «تعالي هنا، تعالي داخل العلبة.. سألعب معك، سأضع لك تربة وماء وخبزا».. والنملة تمضي نحوا بعيدا إلى جذع الشجرة..، وتعتلي..، ما لبثت أن اختفت.. والصغير يفغر فاهه، ثم يتلفت، باحثا عن وسيلة ليصعد نحو ضلفة اللحاء في الشجرة, حيث اختفت.. ظن أنه باب..، وأن لها بيتا قد دلفت منه لداخله.. شهق باكيا... لم البكاء..؟ أجاب الصغير..: تعبت، والنملة اختفت، هي لا تحبني..! ولم تفلح أي محاولات لشرح الفارق بينه وبين النملة..، فهولا يصدق أنها لا تسمعه..، ولا تفهمه..، فليس لديه أي قناعة بأن لحاء الشجرة مخبأ..، غير أنه ليس مستقرَّا لها..، بل ربما من هناك..، تكون قد سرت اتجاها آخر.. بقي الصغير على أمل أن تأتيه النملة في الغد طائعة..، وتستقر في علبته المعدنية..، حيث وضع لها تربة مبللة..، وقطعا من البقدونس.. والخس.. هو اختارها..، وقطعة خبز من عشائه..، ثم غلبه النوم فنام..، بجواره العلبة،.. وفي رأسه حلم.. ستعود النملة في الغد.