يتدرج القمر في خسوفه.. ينغمر جزء.. تترقب القلوب ثمة حلكة.. تتعالى الابتهالات.. ينغمر نصفه.. تتدافع الصلوات.. يتأمله الحالمون في اختفاء ضوئه.. يناجيه الساهرون ذيول بهائه.. يزداد نشيج الصدور.. قليل يعلمون ما وراء اختلال سيرورته الاعتيادية.. كثيرون يدرون آية الله في ميزان عطائه وحرمانه.. كل من يدب على الأرض يتأمله في السماء.. تأمل متبتل في هدأة وعيه.. أو تأمل متابع لظاهرة استوائه في خط واحد مع الأرض والشمس.. أو تأمل مناج جعله رفيق ترحاله, وخلي سهده, وسجل شكواه.. أو تأمل دارس بين لاقطته, ويراع تدوينه, ورصد معرفته.. ينغمر كله في ظلمة خفاء.. تعتلج رهبة في نفس مؤمن.. تترى أسئلة في فضول متعلم.. قلوب كما كانت في بهجة مناجاته, وانغماس رؤاها في سفين آماده تتفاعل انبساطاً وانقباضاً كلما طال غيابه, زادت دقاتها.. القمر ينقشع عن طرفه سواد الغيبة.. تنفرج الشفاه.. تعود تترقبه القلوب.. تعلو التراتيل والمناجاة أكثر.. ينتصف منيراً.. تنفرج الأسارير أكثر.. وحتى انبلاج وجهه النوراني.. الله أكبر..