ينزلق حكام العراق الجدد الذين عاد معظمهم للعراق بحماية الدبابات الأمريكية إلى صراع وصل إلى حد التصفيات الجسدية باستعمال المسدسات المزودة بكواتم الصوت. الصراع القوي والحاد الذي ظهر جلياً بين إياد علاوي زعيم القائمة العراقية التي تجمع ائتلافياً التيار العروبي والليبرالي والبعثيين المنخرطين في العملية السياسية، وبين نوري المالكي الذي يرأس ائتلافاً يجمع الأحزاب الشيعية التي ترتبط بصورة أو بأخرى بإيران، ويعتمد على حزب الدعوة الذي يرأسه في تكوين هذا الائتلاف الذي أسماه ب(دولة القانون). ومثلما يعاني إياد علاوي من انشقاقات وخلافات في (القائمة العراقية) فإن نوري المالكي يعاني انشقاقاً مزدوجاً في الائتلاف الوطني الذي يجمع قائمة دولة القانون بأحزاب المجلس الإسلامي والتيار الصدري وحزب الفضيلة والمؤتمر الوطني، فهذه الأحزاب الشيعية تأخذ على المالكي التفرد بالقرار وعدم تنفيذ التعهدات التي انضموا على أساسها إلى الجبهة التي دعمت وصول المالكي إلى منصب رئيس الحكومة ومكنّوه من التفوق على علاوي رغم أن كتلة الأخير تتقدم عليه بصوتين. ومثلما انشقت (العراقية البيضاء) عن علاوي، يتخذ المجلس الإسلامي برئاسة عمار الحكيم مواقف مستقلة تتقاطع مع مواقف المالكي مثلما يفعل أحمد الجلبي وإبراهيم الجعفري ومقتدى الصدر. إذن هناك (تفسخ) في تركيب الأحزاب والكتل السياسية سواء المتحالفة مع المالكي وعلاوي، وإن وضح ذلك بصورة أكثر في معسكر المالكي، ولعل هذا ما شجع إياد علاوي على أن يصعّد من هجومه على نوري المالكي واتهامه هو وحزبه (حزب الدعوة) بأنهم (خفافيش الظلام) وأن المالكي هو السبب في فشل الحكم من بسط الأمن وتقديم الخدمات منذ خمسة أعوام، حكم حزب الدعوة. علاوي الذي يُذكر بأنه يفكر بالإقامة في كردستان قطع كل جسور التفاهم مع المالكي، وأشعل النار مع إيران التي تدعم المالكي، ويعتقد علاوي أنه في إعلان الحرب على الاثنين توافُقٌ مع طبيعة الأوضاع الدائرة في المنطقة؛ فهو يريد التعجيل بإشعال النيران في العراق ويزيد من تأججها فتصل إلى إحراق إيران وحلفائها.