منذ الشرارة الأولى لثورة تونس وحتى اليوم، ومع الشح الواضح في الموارد (الصحيحة) للخبر ظهر على سطح الأحداث ما يعرف ب(شاهد العيان) وهم في الحقيقة ليسوا محايدين أبداً من خلال ما سمعنا وشاهدنا خلال الثورات الماضية. شهود العيان هؤلاء (تجاهلوا) الحقيقة ولديهم (شبق) كبير في تضخيم الأمور رغم صحة قليلها لكنها للأسف تأتي على الفضائيات بلغة ثورية عجيبة تعيدنا لما قاله الراحل عبد الله القصيمي حين قال إن الأمة العربية هي (ظاهرة صوتية). لا أظن بأن عاقلاً يصدّق ما نسمعه يومياً من شهود العيان، وهم يصفون الأحداث وكأن القنابل النووية تنصب على رؤوسهم والدماء تسيل بينهم كالأنهار. منذ أن عرفنا الإعلام ونحن نفترض في شاهد العيان (الحياد) في نقل ما شاهدته عيناه وسمعته أذناه، لكننا اليوم نسمع ونشاهد ما يراه شاهد العيان في مخيلته بسيناريو عجيب غريب ينساق خلفه للأسف بعض القنوات الفضائية وتروّج له في أخبارها وكأنه مصدر (موثوق). هؤلاء الشهود أقترح أن يتم تسميتهم (شهود أماني) وليسوا شهود عيان، وهم للأسف الشديد أوقعوا كثيراً من القنوات الفضائية (الكبيرة) في حرج شديد بعد اكتشاف زيف نقلهم للأحداث (الوهمية). أتذكر الآن وأنا أكتب المقال مسرحية الفنان المصري عادل إمام (شاهد ما شافش حاجة) والمسمى بالذات ينطبق على شهود العيان (المفترضين) الذين أستمع لهم اليوم متنقلين من فضائية إلى أخرى مع زيادة في جرعة (الكذب) هنا، وهناك. محاصرة الإعلاميين ومنعهم من دخول بعض الدول، وإغلاق مكاتب بعض الفضائيات ساعد كثيراً على (رواج) شهود العيان الذين ما قال واحد منهم الحقيقة كما هي، ربما من وجهة نظري الشخصية.