لمعالي المهندس عادل فقيه تاريخ من الإنجاز المشهود عندما كان تنفيذياً في القطاع الخاص، حيث استطاعت الشركة التي كان يديرها أن تقود سوق صناعة الزيوت النباتية ويصبح اسم أحد منتجاتها بديلاً عن كلمة (زيت ذرة)، وعندما ولي وزارة العمل، والظن أنه سيجلب معه تلك السمة التي اكتسبها وهي القدرة على النجاح، فوزارة العمل بحاجة لقصة نجاح تجعل منها لاعبًا محوريًّا في عملية التنمية الاقتصادية، فالوزارة كانت بمنأى عن معترك المصالح المتضادة لردح من الزمن، ثم أصبحت في كبدها بعد أن وليت إدارة وتنظيم استقدام الأيدي العاملة الأجنبية كأحد مهامها واضطلعت بمسؤولية سعودة الوظائف، هذا الواقع جعل الوزارة تعاني من عدم القدرة على حسم دورها والثبات عليه فلا هي طرف مصارع ولا هي حكم، ولا هي مشجع بل إنها تمثلت كل تلك الأدوار بتبادل غير موفق فباتت ملامة من جميع الأطراف، واليوم وبعد سنة من تعيينه يخلع معالي الوزير مشلحه ويتمثل المسوق البارع ليعرض المنتجات الجديدة لوزارته، هذه المنتجات التي روعي في تصميمها تحقيق نجاحات سريعة اعتمادا على إستراتيجيات تسويقية، فقد تم التخلص من كلمة السعودة بعد أن اكتسبت صورة مشوشة وباتت سمة باهتة (fading brand) وتم استبدالها بمنتجين الأول موجه لذوي الأعمال وسمى نطاقات والأخر موجه لطالبي الوظائف وسمي حافز، وكل المنتجين في جوهرهما هدف إستراتيجي يرمي لتوظيف أفضل للمواطنين بما يحل مشكلة تفاقم البطالة ويخدم النمو الاقتصادي باستجلاب العمالة اللازمة. لقد عمد معالي الوزير لتسويق المنتج الأصعب وهو نطاقات بإستراتيجية فذة فهو يتحدث عن المنتج وخصائصه من دون أن يعرضه للناس، بحيث يستطيع التحكم بالأثر والتأثير بقدر ما يصرح بمعلومات حول المنتج الذي لم يطرح بعد، ليس لأنه غير جاهز ولكن مقتضيات التسويق تستلزم الحديث عن المنتج قبل طرحه حتى يتم التحكم بردود الفعل، والتي بناء عليها يمكن إضافة أو تعديل بعض الخصائص لضمان القبول، والواقع أن نطاقات هو برنامج إجراء تأكيدي (afirmitive action program) بمعايير محددة - لم يعلن عن معظمها - وبرامج الإجراء التأكيدي تستخدم في العديد من الدول وبصور مختلفة ولأهداف مختلفة وتسميات متعددة لإكسابها السمة المقبولة، لذا لا أعتقد بأن برنامج نطاقات سيكون مختلفاً اختلافا جوهرياً عن تلك، ولا أعتقد أن البرنامج سيواجه عقبة في تطبيقه من حيث القبول ولكن التحدي الحقيقي سيكون في قدرة عدد كبير من المؤسسات والشركات على الامتثال من منطلق القدرة وليس الرغبة، فكثير من تلك المؤسسات قائمة على علاقات عمل متنوعة وترتيبات مختلفة وقيود دفترية مختلة، وللانضباط بمقتضيات متطلبات النطاق الأخضر يستلزم هدم كثير من تلك العلاقات، الأمر الذي سيقود لنزاعات قد تجر عواقب وخيمة على تلك المؤسسات هذا من جانب، ومن جانب آخر، نعلم أن كثير من الشركات الإنتاجية وكذلك التي تعمل في تجارة التجزئة والتي تعتمد على التوظيف العددي قد هيكلت تكاليفها بصورة لا تتسق مع كثير من النظم واستفادت من عنصر الكفالة كميزة تنافسية وعندما تطالب بالانضباط بمقتضيات نطاقات ستختل لديها عناصر التكلفة وستفقد ميزاتها التنافسية مما يدفع لخلل في منظومة تلك الأعمال ربما يخل بالعملية التنافسية، هذا التحدي لبرنامج نطاقات يستلزم من معالي الوزير أن يسير على حبل مشدود وهو يدفع بتطبيق البرنامج بنجاح، فتطبيق البرنامج لديه كما قال ليس خياراً وإنما هو خطة تنفيذ. لاشك أن هناك مصلحة وطنية في وضع تنظيم كنطاقات محل التنفيذ والعمل بصورة مستمرة على اكتساب الامتثال له، ولاشك أن تطبيق أي تنظيم جديد يربك ما استقر من تعاملات، ويكون مرهقاً للمنفذ والممتثل وربما يقود لخلل مركب في المنظومة الاقتصادية الشاملة، إذا لم يراعَ فيه سلاسة لا تجعله ليناً فيعصر ولا قاسياً فيكسر، وهو ما أعتقد أن معالي الوزير يدركه ويراعيه في خطة التطبيق، وكنت أتمنى لو أضيف للتنظيم معايير ترجيحية تتمثل في حسن إدارة الموارد البشرية، وتطبيق معايير السلامة المهنية، وحسن العلاقات العمالية، والتدريب والتطوير المستدام، فالمؤسسات التي تعتمد تلك المعايير تكون أقدر على وضع برامج توطين قائمة على خطط تغيير جيدة تضمن سلاسة الامتثال دون أن ترتبك منظومتها الإنتاجية.