هل سمعت من قبل بلغز مونتي هول؟ هذه المعضلة غريبة وحقيقية في نفس الوقت، وقد حيرتني كثيراً، فإذا كنتَ ممن يستمتع بالألغاز المنطقية فهذه المعضلة ستعجبك. سميت المعضلة باسم «مونتي هول» على اسم مقدم برامج كان يقدم برنامج «لنعقد صفقة» في أمريكا في ستينيات القرن الماضي، وطريقة البرنامج تعتمد على الاحتمالات، وهي كما يلي: يتقدم المتسابق ويرى أمامه 3 أبواب، نسميها «أ» و»ب» و»ج». يخبره المقدم أن وراء أحد تلك الأبواب سيارة، وهي الجائزة الكبرى، وأن وراء كل من البابين الباقيين صورة عنز، أي لا شيء يربحه. الأبواب الثلاثة مغلقة ولا يدري المتسابق ما وراء أي باب. يختار المتسابق أي باب يريده، لنفرض أنه اختار الباب «أ»، لكن الباب لا يُفتح بعد. يأتي مقدم البرنامج ويفتح الباب «ب» (وهو عارف ما وراء كل باب) وإذا وراء الباب صورة عنز، حينها يسأل المقدم المتسابق: هل تريد إقرار اختيارك الأول؟ أم تريد التغيير وتختار الباب الآخر؟ ما رأيك؟ ماذا سيكون اختيارك؟ لأول وهلة قد تعتقد أنه لا يهم الاختيار الآن، فبما أن باباً قد فُتِح ووراءه عنز فهذا يعني أن أحد البابين الآخرين وراءه سيارة والآخر وراءه عنز، وأن الاحتمالات متساوية، فالباب «أ» (والذي اختاره المتسابق) وراءه إما سيارة أو عنز، والباب «ج» أيضاً وراءه إما سيارة أو عنز. المتسابق يريد السيارة، فبديهياً يعتقد أن احتمال ظهور السيارة وراء الباب «أ» هو 50%، وهو نفس احتمال ظهور السيارة وراء الباب «ج» أيضاً. هل هذا رأيك أيضاً؟ إليك المفاجأة: هذه الحسبة خاطئة! الأحسن أن يغير إجابته ويختار الباب «ج» لأن احتمالات ظهور السيارة فيه أكثر من الباب «أ» الذي اختاره المتسابق بنسبة الضعف! هذه حقيقة وقد جُرّبت مراراً وتكراراً، ولأنها غريبة وتعاكس البديهة فقد سُميت معضلة أو مسألة مونتي هول. كيف هذا؟ الحاصل كما يلي: أنت كمتسابق عندما تنظر للأبواب الثلاثة فإن فرصك في الفوز بالسيارة هي واحد من ثلاثة، وفرصك لأن تخسر وتظهر لك العنز هي اثنين من ثلاثة، لأن السيارة خلف باب واحد والعنز خلف بابين، ففرص الخسارة أعلى. تشير إلى الباب «أ» وتختاره، متمنياً أن السيارة وراءه. لا زالت احتمالات فوزك هي نفسها، أي إن فرصة السيارة في الظهور هي 1-3 بالتساوي خلف كل باب. يأتي مقدم البرنامج ويفتح الباب «ج» ويُظهر لك صورة العنز التي وراءه، ثم يسألك: «هل تريد تغيير اختيارك أم تظل على الباب أ ؟». هنا اللب الآن: أنت اخترت الباب «أ» والذي كانت احتمالات ظهور السيارة فيه 1-3، وعندما تنظر للبابين الآخرين فإن احتمالات ظهور السيارة خلف كل منهما هي 1-3، أو 2-3 لكلا البابين. ماذا حدث؟ الذي حدث أن المقدم قصد البابين (واللذينِ مجموع احتمالات الفوز بالسيارة فيهما معاً هو 2-3) وفتح أحدهما وأفادك أنه لا سيارة وراءه، إذاً صار الوضع هو واحد من خيارين: إما أن تظل على بابك والذي احتمالات فوزه هي واحد من ثلاثة، أو أن تختار الباب الآخر والذي احتمال فوزه هو اثنين من ثلاثة، لأن الآخر أظهر عنزاً، فانتقل مجموع الاحتمالات - أي اثنين من ثلاثة - إلى الباب «ب» الذي لم يُفتَح. إذا لم تستوعب، فدعنا نزيد عدد الأبواب. تخيل أنه بدلاً من 3 أبواب فإن لديك ألف باب، واحد منها خلفه سيارة و999 خلف كلٍ منها صورة عنز، أي خاسرة. ما هي فرصك للفوز؟ ضئيلة جداً، واحد من ألف. تشير إلى الباب رقم واحد وتختاره وأنت موقن بالخسارة. يأتي مقدم البرنامج ويفتح 998 باباً وكلها تظهر وراءها العنز، ويبقى بابان فقط، الباب رقم واحد الذي اخترته والباب رقم سبعة. يسألك المقدم «هل تريد تغيير اختيارك أم تريد أن تظل على الباب رقم واحد؟». الإجابة الآن صارت واضحة: لا شك أنك ستغيّر الاختيار إلى الباب رقم سبعة لأن احتمالات الفوز فيه مؤكدة بشكل شبه تام. غريب أليس كذلك؟ في الحياة عجائب، ورغم أن البديهة غالباً نافعة إلى أنها تخون الإنسان أحياناً كما يثبت هذا المثال!