الاستسلام للجلوس لفترات طويلة أمام الإنترنت يسرق الوقت من حيث لا تشعر، وأصبح المثل القائل (الوقت كالسيف) ضائعاً أمام بحور الإنترنت وأصبح التحكم بالوقت أمام هذا الطوفان صعباً جداً ولكن ما أثر ذلك على المستخدمين؟ هذا السؤال تجيب عنه (الجزيرة) عبر لقائها مع المختصين في هذا الشأن. البداية كانت بالاستفسار عن وجود تأثير ضار من الجلوس لفترات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر فقال د. حاتم محمد بحيري - المشرف على البرنامج الوطني للإلكترونيات والاتصالات والضوئيات - مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية: يختلف التأثير باختلاف التقنيات المستخدمة في الشاشات، ففي حين أن الشاشات القديمة غير المسطحة، والتي تستخدم تقنية (كاثود راي تيوب) تشع معدلات عالية وعلى بعد 30 سم من جميع الجهات، فإنها تعتبر عالية نسبيا وتشكل تهديدا على صحة الإنسان وخصوصا إذا تعرض لها لفترات طويلة، أما الأنواع الحديثة المسطحة والتي تستخدم تقنية (ال سي دي) أو (ال أي دي) تعتبر أكثر أمانا حيث إن معدلات الإشعاع أقل بكثير من الشاشات القديمة ولا تكاد تذكر، مما يجعل تأثيرها إشعاعيا معدوم نسبيا. وبين د. حاتم أن بعض أجهزة الحاسب تحتوي على عدة مكونات يمكن أن تكون مصدر لانبعاثات الأشعة مثل مولد الطاقة، القرص الصلب، وأي أجهزة إلكترونية أخرى داخل الجهاز، وينصح د. حاتم بأن يكون الجهاز على بعد 60سم على الأقل من الشخص، وكلما زادت المساقة بقدر ما تسمح به الأسلاك كلما كان أفضل، علما أن قوة الاشعاعات المنبثقة تزيد عند (المنطقة الخلفية) في الجهاز عادة، كما ينصح بوضع الجهاز على الأرض وليس على سطح المكتب لإبعاده بقدر الإمكان عن منطقة الرأس. وأما عن وضع اللابتوب مباشرة على الجسم أثناء الاستخدام وما له من مضار أفاد د. بحيري أن المشكلة الرئيسية في أجهزة اللابتوب هي وضعها على المنطقة العليا من الأرجل والتي يعتقد أنه ربما يكون لها تأثير في نسبة الإخصاب لدى الرجال أو بالسرطان لا سمح الله، وقال: المشكلة تكمن في احتماء الجهاز ومقدار الحرارة المنبعثة من جهاز اللابتوب وكذلك لاحتواء جهاز اللابتوب عادة على أجهزة اتصال لاسلكية كأجهزة البلوتوث والوايفاي، ونسبة إلى منظمة الصحة العالمية فإن الإشعاع من أجهزة الوايفاي المستخدمة للدخول إلى الشبكات في اللابتوب هو أقل من المستوى الذي يضر بجسم الإنسان. ولفت الدكتور حاتم إلى عدة إجراءات وقائية للحد من أضرار استخدام أجهزة الانترنت مثل: إغلاق العين لعدة دقائق كل 20 إلى 30 دقيقة والتحديق على مكان آخر بعيد عن الشاشة وإغلاق وفتح العينين مرات أكثر وذلك عن طريق إغلاقها 10 مرات كل 20 دقيقة بالإضافة لفرد أصابع اليد لعدة ثوان مع المحافظة على وضع الرسخ في وضع مستقيم.والقيام والمشي قليلا وفرد الظهر والعضلات لمدة 5دقائق كل ساعة. ولمعرفة الرأي الطبي حول الأضرار أو السلبيات التي من الممكن أن يتعرض لها الأشخاص بسبب الجلوس لفترات طويلة أمام الكمبيوتر المكتبي أو اللابتوب توجهنا للدكتورة نوال عثمان العبد الوهاب أخصائية أطفال وفيسيولوجيا الأعصاب بمستشفى اليمامة بالرياض فقالت: فعلا يكثر في هذه الأيام التطرق لأضرار الأجهزة الإلكترونية مثل الكمبيوتر النقال أو اللابتوب وغيره، ويكون الناس بين مؤيد ومعارض مما يطرح من سلبيات أو أضرار صحية للأجهزة ولعدم وجود الدراسات العلمية المثبتة لصحة هذه المخاوف أو نفيها، قد يصعب الجزم بهذه الأخطار، ولكن ما يتوفر من معلومات عن هذه الأجهزة نستطيع أن نوجز أضرارها ونصنفها كما يلي: 1- أضرار ناتجة عن مدة وطريقة جلوسنا مع هذه الأجهزة وما يتبعها من مضار جسدية. 2- أضرار ناتجة عن الأجهزة ذاتها وما تصدره من إشعاعات حين يجلس الإنسان البالغ أو حتى الأطفال لساعات طويلة أمام الكمبيوتر، فهذه بحد ذاتها قد تسرق وقته وتبعده عن أنواع الرياضة أو حتى الحركة اليومية الضرورية، وهذا ينتج عنة ألام في الظهر والمفاصل وخمول في حركة الدم وتخثره في بعض الشرايين والأوردة، وكذلك التصلب في العضلات حين لا يجلس الشخص بطريقة صحيحة وينتج عنه ألام الرقبة والعمود الفقري وآلام والتهاب الرسخ. 3- التركيز في الشاشة لفترات طويلة متواصلة له تأثير على العين وإجهاد للنظر. أما من ناحية ما يصدر عن هذه الأجهزة فأوضحت الدكتورة العبد الوهاب أنها كثيرة ومنها: حرارة الجهاز القوية حين نضعه على منطقة الحوض أو بالقرب منها، فإنها تزيد من حرارة الأعضاء الخاصة للرجال وهذا يقلل من الخصوبة بشكل كبير. وأيضا الإضاءة الصادرة من الشاشة لها تأثير سيئ على العين وكذلك مراكز استقبال الإشارات العصبية من العين في المخ، وقد تحدث عند البعض من الناس الذين لديهم قابلية للتشنجات بأن تحفزها. وأبانت د. نوال أن الذبذبات الكهربائية والمغناطيسية من أهم ما يؤرق العلماء في هذا الشأن، وكما يعرف الجميع أن الكون فيه مسارات للطاقة على شكل طاقات كهربائية ومغناطيسية، وخلقها البارئ بما يتناسب مع أجسامنا. ونصحت الدكتورة نوال بعدم الجلوس لفترات متواصلة طويلة عند استخدام الأجهزة النقالة وغيرها وأن لا تتعدى الساعتين المتواصلة وإبعاد جميع الأجهزة فترة النوم ويستحب إخراجها من الغرفة وعمل بعض التمارين الرياضية للتعويض عن تيبس الجسم أثناء الاستخدام واستخدام لوحة المفاتيح (الكيبورد) قدر الإمكان بدلاً من الفارة «الماوس».وعن سلبيات البقاء لفترات وأوقات طويلة أمام الكمبيوتر سواء للكبار أو الأطفال قالت الأخصائية النفسية الأستاذة سلطانة صالح الدوسري البعض من الناس لا يتعامل مع الضغوط النفسية بشكل واع وصحي، فيكون الهروب من المشكلة بالجلوس الطويل أمام شاشة الكمبيوتر، إن إدمان الإنترنت له علاقة في العديد من الاضطرابات النفسية والتي منها الحالة الشخصية الانطوائية والميل إلى الأنشطة الانعزالية، ويرتبط بهذا السبب أولئك الأشخاص الذين يعانون من اهتزاز الثقة بأنفسهم ولا يستطيعون تكوين علاقتهم مباشرة مع الناس فيلجؤون إلى الإنترنت كوسيلة أفضل لهم.وقد يكون سلوك قهري كما هو الحال في اضطراب الوسواس القهري المعروف أو اضطراب القدرة على السيطرة على المشاعر والدوافع أو قد يكون إدمان الانترنت سببا من نوبات الاكتئاب أو يزيد من حدة نوبات الاكتئاب إذا كانت موجودة أصلا، ناهيك أن الانشغال بالإنترنت يؤدي إلى تراكم المهام والأعمال على الشخص بسبب إهماله لمهامه ودوره الاجتماعي، مما يزيد من حدة الاضطرابات وخاصة القلق والتوتر. الأطفال والإنترنت أما بالنسبة للأطفال فاستخدام الإنترنت وألعاب الكمبيوتر لوقت طويل ودون رقابة من الأسرة يؤدي إلى ظهور اضطرابات سلوكية، منها العدوانية والعنف والانحرافات الجنسية وضعف التواصل الأسري والفشل في تكوين صدقات، بالأخير هو سلاح ذو حدين إذا استخدم بشكل صحيح فإنه يساعد في بناء شخصية الطفل وتنمية مهاراته، مما يؤدي إلى رفع مستوى الثقة لديه، بينما إذا استخدم بشكل سيئ أدى إلى ظهور العديد من الاضطرابات السلوكية والنفسية ناهيك عن الأضرار الصحية. على سياق متصل تقول الطالبة الجامعية دلال عبد العزيز: لا أشعر بالوقت أمام الكمبيوتر وأشعر بالمتعة للتواصل مع الصديقات ولكن لماذا أشعر بالعصبية أحيانا بعد قضاء وقت طويل أمام الكمبيوتر. بينما تقول هيفاء علي وهي طالبة جامعية: التواصل مع الصديقات ممن يكملن دراستهن خارج الوطن ممتع ويستغرق وقتا طويلا للمحادثات ويمر الوقت سريعا دون شعور، لكن يأخذ من وقت الأسرة والدراسة وشعور التعب بعد الجلوس لفترات طويلة كبير. وتضيف نورة محمد وهي ربة منزل: الفراغ يجعل الشخص يجلس لفترات طويلة أمام الكمبيوتر دون شعور بالوقت ولكن عانيت من آلام الرقبة وأصبحت أفضل قضاء معظم الوقت أمام الشاشة.