(عندما يكون المرء مغلفاً بأفكاره، فإن ذلك يؤلّف صرة صغيرة جداً) - حكمة إنجليزية - مهم جداً أن تتأمل أفكارك، صدقني هي الأساس في كل تصرف أو كل سلوك تسلكه. سأعطيك مثالاً يناديك مديرك وتنتظر طويلاً دون أن يأذن لك بالدخول بماذا تفكر؟ هل هو حقاً مشغول وبالتالي لن يستغرق لقاؤك به وقتاً طويلاً، إذن ستكون ملامح وجهك مرتاحة لأن شعورك الداخلي إيجابي، لكن ماذا لو فكرت في اتجاه آخر... ماذا لو فكرت لماذا تأخر السكرتير في السماح لي بالدخول... ربما المدير يتعمّد ذلك لأنه في آخر مرة أنذرني بسبب خطأ ارتكبته، هنا سيتملك القلق منك، وسوف ينعكس ذلك على جسدك ربما يتصبب العرق أو تشعر أن رأسك يؤلمك وبذلك فما الذي تتوقّع أن ينتج من سلوك مقدماته بهذا السوء؟ تفسيرنا للأشياء والأشخاص من حولنا تأتي أولاً من قناعاتنا ومعتقداتنا ومن ثم نفكر وفق بنائنا المعرفي ونفسر كل شيء من حولنا. في العامية نقول: «كل يشوف الناس بعين طبعه» وهذا صحيح لأننا إنما نرى الناس والأشياء من خلالنا ومن خلال قيمنا المتآلفين معها. كما أن أفكارنا إن كانت إيجابية أو سلبية فهي لا تأتي من فراغ إنما هي جزء منا. كل ما نشأنا عليه في صغرنا ينعكس في تعاملنا في حياتنا مع الناس من حولنا. والعرب تهتم بأصول الفتى لكنني أرى أن الواقع الآن وفي عصر التكنولوجيا يحتم علينا أن نهتم بأسرة الفتى كيف تربى وما هي قيمه فلم تعد سلوكيات الناس تقاس بما ورثوه من أمجاد صيت أو مال أو بما تعلموه في المدارس والجامعات، بل بما تأسسوا عليه في أسرتهم الأولى، ولذلك تجد الناس مختلفين في أفكارهم وقيمهم، ولذلك الصورة الواحدة يراها كل منا برؤية مختلفة ناجمة عن قيمه. لذلك من أمتع ما يمكن تأمله اختلاف الناس حول تفسيرهم لأي حدث، جرّب مرة أن تفعل ذلك فقط تتأمل وستعرف أن السبب دوماً في سلوكنا هي أفكارنا التي زرعت في أرضنا يوم كنا صغاراً.