لا أريد أن أتحدث عنه بشكل مباشر، ذلك الشخص الذي لا يغفل عن فرصة ظهور إعلامي إلا ويصطادها، بل ويلهث خلفها، حتى أنه بات نموذجًا ممتازًا لما يسمى «الكيتش»، ذلك المصطلح الذي ظهر في ألمانيا 1860م، تلك المدرسة التي تعني البضاعة الرخيصة أو الذوق الرديء، وتجميل الواقع أو الشخصيات بما لا يتوفر فيها، وتعني أحيانًا وبالعامية السعودية «الترزز والتميلح قدّام الكاميرات بغير مناسبة».. فهذا الكائن العجيب قد تجده مبتسمًا للكاميرا، بل تجد الكاميرا تظهر فجأة من غير مقدمات أينما كان، كأنما يخرجها من جيبه، فمرة تجده يبتسم مع أقراد الجيش، ومرة سيذهب إلى القدس، وحتى لديه استعداد أن يهين امرأة فقط كي يكون حديث الصحف والفضائيات، فكيف إذا شتم الكتّاب واتهمهم بخيانة الوطن، وعمالتهم للغرب وزيارتهم للسفارات و... و...، ألا ينتظر هذا الكائن العجيب أن يكون حديث الكتّاب الصحفيين لمدة أسبوع مثلاً؟. إذا كان هؤلاء الكتّاب وهم ضمير الوطن، وهم من يحترقون لأجل رفعة الوطن وعزّته، وهم من يناشدهم مليك هذا الوطن، منذ أكثر من ربع قرن، بأن يقولوا كلمتهم ورؤيتهم، منذ أن انطلق المهرجان والوطني للتراث والثقافة، استقبل فيه كتّاب ومثقفو العالم العربي بأكمله، وحتى بات على سدّة الحكم، ليقينه أن الثقافة هي منجاة الشعوب لا التخلّف والكراهية والتحريض.. فما الذي يجعل هذا الكائن الغريب يتهم ويقذف بهذه الطريقة، وفي خطبة متوفرة في موقع اليوتيوب؟.. ما الذي يجعل الإنسان، إذا كان إنسانًا حقًا، يشيع مثل هذه الكراهية والفرقة، في مجتمع لا يختلف عن المجتمعات العربية الأخرى؟.. لماذا نحمل كل هذا الكره، ونستعدي المواطن البسيط على المثقف قبل استعداء السلطة والنظام له؟.. ولماذا في هذا التوقيت تحديدًا نفعل ذلك؟.. أعني لِمَ نستغل الأزمات في إثارة بعضنا ضد بعضنا الآخر؟.. أليس العالم العربي في معظم الدول يعيش اضطرابات لا يعلم مداها إلا الله؟.. هل يريد هذا الكائن أن يصطاد في هذه الأوقات العصيبة؟.. هل يحلم بأن يوقف الكتّاب أو أن يعتقلوا -لا سمح الله-؟.. أو يحلم بأن يطرد رئيس تحرير هذه الصحيفة أو تلك، وأن يتولى هو رئاستها مثلاً، -لا سمح الله-؟!. كم تمنيت أن يخطب هذا الكائن، سفير الكراهية، في مسائل تخص أحلام المواطن وهمومه، كما يفعل معظم الكتّاب في صحافتنا؛ كم تمنيت أن يحثّ على نبذ الفرقة وتصنيف الناس حسب أفكارهم أو مذاهبهم، وأن ما يجمع هؤلاء هذا الوطن، هذه التربة التي نشأنا عليها جميعًا، لنا فيها الحقوق ذاتها، وعلينا من الواجبات ذاتها. شخصيًا لا أكره هذا الكائن الظريف، ولا أحمل تجاهه حقدًا، معاذ الله، لكنني أحزن بأن يحمل إنسان، أيًا كان، كل هذا الحقد والكراهية، ليس ذلك فحسب، بل أن يجمع أمامه مئات الناس البسطاء، ينفض يديه أمامهم، وبحاجبيه المقطّبين يغذّي فيهم مشاعر الكراهية والحقد تجاه مواطنين كل ذنبهم أنهم نالوا نصيبًا من الثقافة والأدب، واحترقوا بالحرف والكلمة، كي يكونوا لسان حال المواطن؛ فماذا فعل هو غير بث الشتائم وقذف الناس والمؤسسات؟.