أنا متزوج منذ سنتين ومشكلتي تتلخص بأني إلى هذه اللحظة لا أعرف هل أحب زوجتي أم لا؟ حيث إنني لا أميل لها وإذا فقدتُها أو سافرتُ لا أشتاق لها وأجاملها بأني أحبها، وأنا لا أشعر بالحبّ تجاهها وحاولت أن أتقرب أكثر لكنني أتوقف بمجرد المحاولة ولا أعلم ما السبب علماً أنها من قريباتي. وفي بداية الزواج كان هناك مشكلة في العلاقة الخاصة سببت الفجوة بيننا ثم زالت المشكلة تقريباً فعجزت أن أتكيف مع الوضع، ولم ننجب أطفالاً باختياري أنا لأني ما زلت أعتقد إلى هذه اللحظة أني لم أرتح نفسياً ودائم التفكير، وأتمنى أن أكون مثل أخي أو قريبي متحابّين مع زوجاتهم بغض النظر عن المشاكل ففي كل بيت مشاكل، بماذا تنصحني فأنا لم أنجب وهناك ضغوطات من الأهل.. ولك سائلي الرد: سؤال أستحسن أن أبدأ به إجاباتي وهو: هل تزوجت عن اقتناع أم أنك أجبرت على الزواج؟ وما أظنه أنك تزوجت عن كامل إرادتك ولم تجبر! وآمل منك استحضار تلك الحقيقة في وعيك. أخي الحبيب بعد طول تأمل في رسالتك، أحسب أنني وصلت إلى سر (برودك العاطفي) تجاه زوجتك ووجود تلك (المسافة) بينكما! أظنه يكمن في سقوطك في مستنقع (المقارنة الآسن)، ويبدو أنك لا تنفك تقارن بينك وبين من حولك وبين زوجتك وزوجات أقربائك... وتلك والله (سقطة) فكرية خطيرة وهي التي حشدت كل تلك العواطف السلبية تجاه زوجتك!! إن المقارنة أسلوب ظالم وطريق معتم ومعيار جائر (يُطرد) فيه المنطق و(تُهمش) فيه الحقائق! وعلة المُقارِن أنه يضع نفسه في مصاف الأولياء والصديقين! ويحسر المُقارَن في زاوية الشياطين والأشقياء، ولا تراه يلتفت مطلقاً إلى عيوبه وأخطائه! يقول بارتيلمي آمبير في رائعته (غيور دونما حب): أحياناً بالنسبة إلى زوجين يكون فن السعادة في التساهل! وأراك تعد النفس وترقب الزلل وما هكذا يتعامل النبلاء أمثالك! أخي الحبيب لا تكن من الذين يتعاملون مع الحياة كالصياد! فهذا والله عين الألم والتعاسة. أخي الكريم يبدو أنك استرقت السمع ذات يوم أو شاهدت موقفاً بين هؤلاء الرجال وزوجاتهم فأثر على نفسيتك وأبعدك عن زوجتك.! أخي الكريم سألحق بك في تلك الرحلة النفسية التي أبحرت فيها... فأنا لا أشك أن خاطراً قد زارك وألقى في روعك يصرخ فيك (آآآه) لو كانت فلانة (زوجة أخيك أو إحدى زوجات أقربائك) زوجة لك!! يا لسعادتي ويا لروعة حياتي... حسنا تخيّل أن هذا أضحى حقيقة! ربما لن تواجه بعض المشاكل التي تعاني منها الآن ولكن أجزم أنك ستواجه مشاكل أعمق وأكثر صعوبة! رب يوم بكيت منه فلما صرت في غيره بكيت عليه أيها العزيز هناك داء قد تفشى بين الكثير من الأزواج وهو ما أسماه د. ريتشارد كارلسون في كتابه الماتع «لا تهتم بصغائر الأمور فكل الأمور صغائر» (الشيء الآخر أفضل)، حيث يظن بعض الأزواج أو بعض الزوجات أنه لو عاش مع غير شريكه لكان أكثر سعادة وكانا أكثر تفاهماً ويؤكد د. كارلسون أن مجرد التفكير في هذا الأمر سيحول بينك وبين الشريك والتمتع بما لديك والاستفادة القصوى من علاقتك القائمة! من أروع ما قرأت وأعمقها معنى أثر يروى عن الفاروق- رضي الله عنه- وفيه: أن رجلا جاء عمر -رضي الله عنه- يريد أن يطلق زوجته فسأله الفاروق عن السبب، فقال: لأني لا أحبها، فقال عمر -رضي الله عنه- أو كل البيوت بنيت على الحب؟! فأين الرعاية والتذمّم؟ نعم أين الرعاية؟ لماذا غيبت صفاتها الحسنة ودفنت خصالها الطيبة؟ أخي الكريم لست في معرض تزيين الأمور وتجميل الواقع أبداً والله، إنما هي دعوة للإنصاف والانعتاق من ظلم النفس والغير.. تقول إنك تتمنى أن تتزين حياتك مع زوجتك بالحب وهذا مطلب رفيع وأمنية عالية ويبقى السؤال أخي الحبيب ماذا فعلت أنت حتى تتغير حياتك؟ وما هي الخطوات التي خطوتها لتحقيق هذا الهدف؟ لا شيء للأسف!! وعلى أية حال فالأطفال، جزء كبير من المسؤولية ولست في معرض الإثقال عليك ولكن الجرح لن يبرأ إلا بتنظيفه وهذا لا يكون إلا بشيء من الألم! انشغلت يا رعاك الله بالمقارنات وألقيت باللوم على الطرف الثاني دون أي مبادرة إيجابية منك. أعد زوجتك فوراً وضع السعادة هدفاً لك واسعَ إليها بكافة الوسائل والأساليب وأبشر بما يسر خاطرك، كما أنصحك بالسعي نحو الإنجاب ولعل حضور طفل في حياتكما يضفي عليها بهجةً وفرحا.. يسّر الله أمرك وأسعدك في الدارين. شعاع: رغباتنا كالأطفال، كلما تساهلنا معها أكثر زادت طلباتها منا!