(البساطة معقدة جداً) بهذا المثل الإنجليزي يمكن أن أصف كتاب (سوالف صحفية) الذي دفع به لعقول الناس الزميل والإعلامي محمد الشقاء خلال معرض الكتاب الذي تدور فعالياته هذه الأيام بمدينة الرياض. سوالف الشقاء الصحفية عبارة عن مجموعة من القصص القصيرة كتبت بأسلوب ساخر غير متكلف وفق قواعد (الكوميديا السوداء) حيث جمعت التناقضات وقدمت للقارئ صورا ملتقطة (بأشعة إكس) لبعض الممارسات غير المهنية التي تدور في الأوساط الإعلامية، ومن فرط سخرية المؤلف أنه كتب باللهجة العامية (المحكية) لينتقد النخب الإعلامية المثقفة. تسكن (سوالف صحفية) في كتاب من القطع المتوسط به 41 قصه موزعة على 89 صفحة، ويستقبلك المؤلف بصورة كاريكاتورية لوجهه على غلاف الكتاب وقد بدا على محياه ابتسامة تحوي قدراً من الطرافة والسخرية معاً. وبعد أن تجتاز الغلاف بسلام تجد الإهداء والذي أثر به المؤلف (زملاء المهنة الجدد.. الصحفيين منهم والصحفيات) قالباَ ظهر المجن للإعلاميين المخضرمين ولسان حاله يقول: (لا يصلح العطار ما أفسد الدهر). وإذا أوغلت قليلاً في قراءة (السوالف) تصل إلى التوطئه والتي هي أقرب ما تكون (لإبرة البنج) المهدئة للقاري قبل أن يخوض في لجج (السوالف)، كما أنها حملت تطمينات من المؤلف للأشخاص (الذين في قلوبهم مرض) بأن الشخوص المذكورين في سوالفه (وهميين)، ولعل من نافلة القول ذكر هذا الأمر لاعتبارات قانونية وأدبية مع أني أكاد أجزم أن هذه السوالف كتبت وفق المثل الشهير (إياك أعني واسمعي يا جارة). صنف المؤلف قصصه في ثمانية اتجاهات هي: (في الميدان، النصف الثاني، صراع، ثقافة صحفية، سطوة المعلن، صناعة، شهرة، فضفضة) مما أضاف قدراً كبيراً من الوضوح والتراتب في سرد الأفكار، وعلى الرغم من بساطة الأسلوب ووضوح الألفاظ في المجموعة بشكل عام إلا أن القاري الفطن سيجد عمقاً في الطرح يوازي عمق الإشكالات التي يناقشها الكاتب. سوالف صحفية استطاعت أن تتحرر من قوانين اللغة وتركز على الفكرة والمضمون وتترك النهايات مفتوحة.