لمدارس التكوين والأكاديميات في أوروبا دور محدد وهو تطوير الناشئين و تكوين شخصيتهم الكروية وإعدادهم نفسيا بشكل نموذجي يستطيع من خلاله اللاعب مواجهة الصعاب والعراقيل في حياته، كما يهتم الأوروبيون بضم ناشئيهم في أكاديميات داخلية ووضع برامج تغذية و إعداد بدني لهم إلى جانب الاهتمام بتثقيفهم كرويا، وهذا من أهم الأسباب التي جعلتهم يصلون إلى أعلى القمة والمجد الكروي. هنا في المنطقة العربية تنشئ بعض الأندية أكاديميات رياضية لأهداف تجارية بحته بل إن بعضها حادت عن مسارها الحقيقي وعن الهدف الفعلي لوجودها. في الحقيقة أن الاهتمام بالناشئين من أهم عوامل تقدم أي دولة رياضياً ولنا في ساحل العاج المثال فقد رأينا مدرسة نادي اسيك ميموزا التي تخرج منها عدد من اللاعبين وأيضا أكاديمية اياكس من اللاعبين الذين تألقوا في الخارج والداخل بحيث تجد دولة مثل الأرجنتين تهتم بتكوين اللاعبين على مستوى المنتخبات الصغرى وتخصص مدارس خاصة بهم بالإضافة إلى الموهبة والقدرة على التأقلم في المحيط الكروي الكبير.. كل هذا يعود حتما بالفائدة وتربعها على المكانة التي يحضى بها الناشئ لديهم، وهو ما يعود بالتأكيد على المنتخب الأرجنتيني الأول بحكم أن هؤلاء الناشئة هم من سيحمل غدا المشعل في المنتخب الأول لذلك يخصصون لهذه المدارس والأكاديميات كل السبل الكفيلة لنجاح اللاعب بحكم أن هذه المرحلة العمرية هي أهم مرحلة في بناء الشخصية الذاتية له والتي تنعكس على الشخصية الكروية لديه. نحن نعاني كثيراً من هذا الجانب (التكويني) والذي لم نجد له تفسيراً في الدول العربية، ففي البلدان الأوروبية المتقدمة نجد الاهتمام بالأكاديميات، لكن في بلادنا العربية نحن عاجزون على بناء حتى مدرسة لتعليم كرة القدم يليق بسمعة البلد أوالنادي، بالرغم من وجود مدارس بالاسم فقط في كل البلدان العربية لكنها من ناحية مهمشة ومن ناحية أخرى ليست مبنية على أسس مستقبلية لضمان الاستمرارية في العمل والتخطيط لجيل المستقبل، فمسؤولونا لا يعطون المدرسة التكوينية أو الأكاديمية أهمية أبداً بما أنهم نسوا بأنها هي التي تؤسس بناء اللاعب بالإضافة إلى موهبته وهي التي تساهم بدرجة كبيرة في صقل تلك الموهبة وجعله مؤهلا من كل الجوانب سواء فنية أو بدنية، فعدة مراكز تكوين تعتبر أساسا وسر نجاح بعض المنتخبات و النوادي الكبرى ولنا المثال الفرنسي وكيف بقيت فرنسا تخطط وتكون لمدة طويلة تزيد عن العشرين سنة للحصول على كأس العالم والذي تم في سنة 1998 بفضل التكوين الأكاديمي الذي تلقاه ذلك الجيل الذهبي. إن المدارس الحقيقية وأكاديمياته تساعد بنسبة عالية جدا بالإضافة إلى قليل من الرغبة والموهبة في ضمان مستقبل كروي لأي ناد أو منتخب وهي على الأقل تضمن ضمان الاستمرارية داخل النوادي من تكوين قاعدي مستمر ومباشر والطمأنة الكبيرة من ناحية الإدارة والهياكل الرياضية في البلدان بصفة عامة. في الختام أريد أن أطرح آفاقا جديدة وتطلعات أخرى للحديث عن الطريقة المثلى للوصل مبكرا وهذا يحتاج إلى عمل جبار من الاتحاد السعودي بتعاون مع الأندية والتطلع إلى منهاجية إستراتجية في بناء أكاديميات لتطور الكرة في هذا البلد الذي يضخ أعدادا كثيرة من المواهب التي نحتاج لصقلها وتنمية قدراتها: يجب أن نبدأ من الصفر وبقفزة بعيدة لكي نصل إلى القمة مبكراً ونلحق من سبقنا: - أولاً: إنشاء أكاديميات مبدئياً في الأماكن الأكثر سكانا مثل الرياض، جدة، المنطقة الشرقية. - ثانياً: يعمل في الأكاديمية كوادر ذوو خبرة عالية ولهم خبرات في المجال الأكاديمي، وفي مجال التعليم. - ثالثاً: يتفق الاتحاد السعودي مع إدارة التعليم ويدمج فيها التدريس وتعامل مثل المدارس الخاصة، ويشرط أن تكون داخلية يقيم فيها اللاعب. - رابعاً: يجب أن تكون لنا نظرة بعيدة لاتقتصر على سنة أو سنتين بل لعشرات السنين فطالما أنك تملك قاعدة صحيحة وهي مسؤولية الأكاديميات كما ذكرنا فاعلم أنك مؤهل لصناعة فرق ومنتخبات قوية لاتحتاج سوى البطولات لاكتساحها. إن الأكاديميات رافد مهم ومغذٍ للأندية والمنتخبات ولها فعالية كبيرة ومؤثرة، أقرب مثال أوربا تعتمد اعتمادا كليا على أكاديميات كرة القدم تهتم بالأطفال بدنيا وتثقفهم كرويا بمعنى يزرعون الاحتراف من هذي المرحلة، من هذا السن المبكر لذلك نرى إنتاج احترافيتهم بالمستقبل. فيصل سعد الدعيرم * إداري فريق ناشئي الهلال لكرة القدم - حاصل على شهادة مدراء وإداريي الفرق من الفيفا - دورة في الاتحاد البحريني في التحليل الرياضي - دورة في اللياقة البدنية في جامعة الملك سعود.