تعد المتابعة والمشورة الطبية السليمة من أهم العوامل التي تساعد المرأة الحامل على الوصول إلى لحظة الولادة بكل يسر وأمان. والهدف من متابعة الأم الحامل هو إتاحة الفرصة لاكتشاف أي مشكلات جسمانية أو نفسية قد تنشأ أثناء فترة الحمل وعلاجها، ومحاولة منع حدوث أي مشكلات صحية مصاحبة للحمل والاكتشاف المبكر لها وعلاجها على الوجه الأمثل قبل أن تتفاقم، وأن تلد الأم الحامل طفلاً سليمًا كامل النمو. ولذلك فقد زاد اهتمام الأطباء في الخمسين عامًا الماضية بالأم الحامل والعناية بها أثناء الحمل بنفس القدر والاهتمام الذي نوليه للأم خلال مرحلة الولادة التي قد تمتد إلى 14 ساعة، وقد تبيّن أنه من خلال تقديم الرعاية الطبية والمشورة السليمة للأم الحامل فقد انخفضت وبشدة إعداد وفيات الأمهات والمواليد عنه مما كان عليه الحال في السابق، مما يؤكد على أهمية مثل هذه المتابعة. كما أنه من خلال متابعة الحمل تجد الأم الفرصة لمناقشة كل المخاوف والقلق الذين قد تعاني منهما حول فترة الحمل والولادة مع الطبيب المختص، أخيرًا ومن خلال هذه المتابعة يتم إعداد كل من الزوج والزوجة لمرحلة الولادة وتربية الأطفال، وذلك من خلال تدعيمها بالمعلومات الكافية حول النظم الغذائية السليمة، وهذه الأهداف يمكن تحقيقها من خلال زيارات متوالية تقوم بها طبيبة أمراض النساء والتوليد وذلك بمعدل زيارة كل شهر في أشهر الحمل الأولى وحتى الشهر السابع ثم بمعدل مرة كل أسبوعين في الشهر الثامن ثم أسبوعيًا خلال الشهر التاسع، وقد تختلف مواعيد تلك الزيارات حسب الحالة الصحية واحتياج الأم الحامل نفسها للرعاية الصحية. وتعد رعاية الأم خلال فترة حملها من أولى اهتمامات الطب الوقائي ولهذا فإن الاحتياجات الغذائية، حيث تنشر العديد من المعلومات غير الصحية عن غذاء الأم الحامل، فالبعض يقول: إنها لا بد أن تأكل لشخصين والبعض الآخر يربط بين غذاء الأم الحامل وضعف وزن المولود عند الولادة وصعوبة الولادة ولكننا نقول: إن التغذية تبدأ من فترة الصغر وليس في فترة الحمل فقط، وأن تأثيرها مهم ومرتبط بالجوانب والعادات الغذائية لكل أم حسب وضعها الاقتصادي ومكان تنشئتها وإقامتها. ماذا تأكل الحامل؟ وعمومًا فإذا تساءلنا عمّا يجب أن تأكله الأم الحامل لأمكننا الإجابة بضرورة تناول 4 أكواب حليب أو بدائله من اللبن، الزبادي، الجبن و120 جم من السمك أو اللحم أو بيضة واحدة يوميًا، برتقالة أو تفاحة يوميًا والإكثار من الخضراوات الورقية ذات اللون الأخضر الداكن كالسبانخ على الأقل ثلاث مرات أسبوعيًا. وما عدا ذلك ويمكن للأم الحامل أن تتناول كل ما يحلو لها بشرط مراعاة الزيادة الطبيعية في الوزن (من 6 - 12 كيلو طوال فترة الحمل) والابتعاد عن المشروبات الغذائية والمنبهات كالقهوة والشاي والطعام الحار والابتعاد بالطبع عن التدخين. وقد يتبادر إلى الذهن سؤال حول مدى ضرورة أن تأخذ المرأة الحامل فيتامينات أثناء الحمل؟ إن حمض الفوليك هو من أهم الفيتامينات التي تحتاجها الأم الحامل خصوصًا في أشهر الحمل الأولى، حيث إنه يحمي من ظهور التشوهات العصبية لدى الجنين. أما بالنسبة للحديد فإن حبة واحدة من الحديد تؤخذ يوميًا قد تكون كافية لأغلب السيدات إلا من تعاني فقرًا في الدم فقد تحتاج إلى أكثر من حبة واحدة وفي الغالب تؤخذ قبل الأكل، ويفضل أخذها مع عصير البرتقال، حيث إن فيتامين (ج) يساعد على امتصاص الحديد. أما الفيتامينات بصورتها المعروفة فإن أغلب الحوامل لا يحتجن إليها طوال فترة الحمل. الموجات فوق الصوتية وتحتاج الأم الحامل إلى إجراء حوالي 3 موجات صوتية في أثناء الحمل، الأولى عند 7- 8 أسابيع، حيث يتم تحديد حجم الكيس الجنيني وسماع نبضات قلب الجنين والتأكَّد من أن الحمل داخل الرحم. والثانية عند 16- 20 أسبوعًا وهو أدق فحص لكشف التشوهات الجنينية والثالثة عند 34- 36 أسبوعًا. ماذا يجب أن تفحصه الطبيبة في كل زيارة؟ في الزيارة الأولى للأم يتم أخذ التاريخ الصحي لها وعمل فحص طبي شامل بدءًا من قياس الضغط والوزن وعمل تحاليل مبدئية لفقر الدم وفصيلة الدم وبعض الأمراض المعدية والمؤثرة على الحمل كالالتهاب الكبدي وفيروس القطط (Toxoplasmosis) وغيرها من الفحوصات، وفي كل فحص يتم قياس ضغط الدم ومستوى الرحم وسماع نبضات قلب الجنين وتحليل بول كامل. أما بالنسبة للفحص المهبلي لتحديد حجم الحوض بالنسبة لوضعية رأس الجنين ففي الغالب يتم عند 37 - 38 أسبوعًا ويمكن تكراره في الأسابيع التالية. وفي النهاية فإننا نهمس في أذن كل أم بأن تهتم بالمتابعة الدورية والغذاء الصحي السليم وممارسة الرياضة الخاصة بالحامل حتى نصل بسلام إلى ولادة آمنة وطفل صحي سليم. د. جيهان صبحي - اختصاصية النساء والولادة