الجزيرة الثقافية - سعيد الدحية الزهراني - تصوير - سليمان الغوينم : بقيمة شرائية بلغت نحو 25 مليون ريال.. ضخّها نحو ثلاثة ملايين زائر.. أقفل معرض الرياض الدولي للكتاب 2011م أبوابه.. طاويًا صفحة مهمة حفلت بالعديد من الأحداث الثقافية والمشاهد الدرامية المتنوعة.. ويأتي البرنامج الثقافي المصاحب للمعرض الذي امتد لعشرة أيام.. في طليعة ما يبرز إلى سطح الذاكرة.، حيث لم يكلل بالنجاح المأمول نتيجة للاعتذارات التي طالت فعاليات بالجملة وأسماء ومشاركين آخرين.. وتأتي أحداث العنف والتشنج التي قادتها مجموعات متعددة ممن أطلقوا على أنفسهم (محتسبين).. وتسببوا في مضايقات واسعة للزوار ودور النشر فضلاً عن إحراج وزارة الثقافة والإعلام.. أحد أهم أحداث المعرض التي اضطرت معها الأجهزة الأمنية إلى تكثيف وجودها في المعرض والتعامل بحزم وقوة مع كل من يتدخل في شؤون الزوار والزائرات.. ما خلق في بقية الأيام - بعد يوم الأربعاء الأول - أجواء ثقافية فرائحية إيجابية.. رغم عدم خلو المشهد تمامًا من مشاهد المواجهات ما بين الزوار والزائرات والمحتسبين يوميًا.. ولعل المثير في هذا الجانب هو امتلاك الشجاعة من قبل الزائرات في وجّه كل محتسب يتطاول بالتدخل في قراراتهن الشخصية مثل غطاء الوجه والنقاب ونحوها.. الأمر الذي جعل الكثير من المحتسبين ينسحبون فارين من سيل الشتائم التي انهالت عليهم من نساء بعد أن تورطوا في التجاوز عليهن والتدخل في شؤونهن الشخصية.. وفي هذا السياق يأتي تعرض عدد من الناشرين لمضايقات وإساءات عنيفة باشرها أفراد محتسبون على حد وصفهم حول عرض كتب يرون أنها تدعوا إلى الانحلال والفساد.. ما أدى إلى تشويه صورة الاحتساب بالدرجة الأولى والإساءة أيضًا إلى قيمة الوطن من منظار حضاري وثقافي.. مكتب هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمعرض.. عانى حرجًا بالغًا إثر غارات الاحتسابيين المتنوعة (شملت غارات المحتسبين مسؤولين أحدهم وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة، وإعلاميين وإعلاميات، وزوارًا رجالاً ونساءً، وناشرين محليين وعربًا ومسلمين وأجانب).. ما اضطرت معه الهيئة إلى تكثيف إعداد حضورها إلى أكثر من أربعين عضوًا بينهم قيادات عليا.. بهدف ضبط حالة التجاوز والانفلات في مسائل النصح والإرشاد.. إلى جانب تأكيداتها المتوالية على أن مثيري الفوضى ليسوا من منسوبيها ولا علاقة لها بهم.. مبينة أن أعضاء الهيئة وفق التعليمات الرسمية يعلقون بطاقات انتسابهم للهيئة بصورة واضحة.. وتبرز الحركة البيعية العالية التي حققها المعرض رغم تأكيد إدارة المعرض على عدم التلاعب بالأسعار والتشديد على أن العقوبة تصل إلى إلغاء المشاركة وحرمان الدار منها مستقبلاً.. فضلاً عن استخدام أساليب التلاعب البيعي مثل إشاعة نفاد الكمية أو منع العناوين ونحوها.. وهي الأسباب التي جعلت إدارة المعرض تلغي مشاركة دار الجمل لهذا العام.. وفي حين تركزت الحركة البيعية العالية في الأيام المفتوحة للجميع شهدت الأيام المخصصة للرجال حضورًا متواضعًا من حيث الزيارات والبيع.. ما جعل إدارة المعرض تعلن عن فتح الأيام الأربع الأخيرة للجميع دون تقييد.. وهي الحالة الطبيعية التي يرى زوار المعرض أن تكون كذلك في الدورات المقبلة دون تخصيص لأي جنس أو عمر أو فئة.. ويبرز جانب توقيع الكتب على منصات التوقيع التي حددتها إدارة المعرض في جهتين - متباعدتين - حيث تتصدر المنصة الرجالية وسط المعرض وعلى امتداد الممر الرئيس - الأحمر- له.. في حين تنعزل المنصة النسائية في جناح الطفل وبشروط وضوابط محددة تفرض في حالا معينة.. منصات التوقيع - الرجالية والنسائية - على أي حال.. شهدت حضورًا لافتًا ومبهجًا شكلها نحو 200 موقع وموقعة.. وتميزت بتفاعل واسع من زوار وزائرات المعرض.. في الجانب المقابل.. تحوّل مقر إقامة ضيوف المعرض إلى برلمان ثقافي معرفي تفاعلي حي.. شهدته أروقة وجلسات بهو الفندق الذي حفل بنقاشات وحوارات ساخنة في مختلف الموضوعات والاتجاهات يتخللها ضحكات وتعليقات ساخرة أيضًا.. وفي هذا السياق ظهر المقهى الثقافي الليلي بتنظيم جديد خلق مساحة فاعلة من النقاش والحوار والمداخلات أثراها عدد من المتحدثين والمحاضرين في مزيج من العمق والمباشرة مراعاة للجهد والوقت وبإدارة مميزة من الإعلامي محمد عابس.. معرض الكتاب في عدد من اللقطات يشهد نموًا واضحًا.. ويتجه وفق آمال بعض المسؤولين في وزارة الثقافة والإعلام إلى آفاق عالمية عبر خلق عدد من المسارات منها الأسماء العربية الكبيرة المشاركة في فعاليات المعرض وكذلك الدولة ضيف الشرف إلى جانب المرونة في الرقابة على الكتب مع الالتزام بثوابت الدين والوطن.. ويبقى التأكيد على أن المعرض بحاجة ماسة إلى فرض شخصية مستقلة لا تتأثر باتجاهات أو تخضع لإرادات معينة.. بدأ بالبرنامج الثقافي عناوين ومشاركين.. ومرورًا برقابة مرنة متوازنة.. وانتهاء بممارسات الفوضى والتجاوزات على الزوار والناشرين والكتب.. وسيمتد الأمل -بحول الله- نحو موازاة معرض الرياض الدولي للكتاب لمعرض فرانكفوت الدولي للكتاب..