الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. أما بعد: فإنا نرى في هذه الأيام من فئام قليلة من الناس من يحاول زعزعة الأمن في بلادنا ووطننا الغالي عبر مواقع الشبكة العنكبوتية، وذلك بحجة المطالبة بتحسين الأوضاع ونحو ذلك من المطالب التي قد يكون ظاهرها إرادة الخير والإصلاح، لكن الطريقة التي يطالب بها هؤلاء طريقة ثورية غير شرعية، لأنها لا شك ستفضي إلى زعزعة الأمن، وإفشاء الفوضى، والطعن فيمن ولاه الله أمرنا، وكان على هؤلاء أن يتعقلوا قبل أن يقدموا على هذه الأمور, فإن العقل السليم ينافي ما يفعله هؤلاء من إثارة للفوضى في هذا الوطن المعطاء، وأدعوهم إلى أن يحكموا عقولهم، لأن الذي يبدو أن كثيرا من هؤلاء - وإن كان بعضهم إسلاميين - لن يرضوا بحكم الشرع في مثل هذا الأفعال المشينة، فإن في شرعنا بيانا شافيا للتعامل مع مثل هذه الأحداث، فقد جاء في صحيح مسلم عن حذيفة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: « يكون بعدى أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس «. قال قلت كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك قال « تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع « أخرجه مسلم، وحذر النبي من محاولة الخروج عن طاعة ولي الأمر المسلم، فعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (فإنَّهُ من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية) أخرجه البخاري ومسلم. ولا شك أن الشرع بيَّن هذا لما يعود عليه من المصالح العظيمة على المجتمع، وأظن أن هذه الأحاديث كافية لرد من أراد العبث بأمن البلاد بحجج ظاهرها الخير والإصلاح، وباطنها الشر والإفساد، وقد يعترض بعض هؤلاء بأن هذا من نصيحة ولي الأمر، والدين النصيحة، وما علم أن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في نصيحة ولاة الأمور مغاير لنصيحة عامة الناس، فقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النصيحة لولي الأمر لا تكون إلا سرا, فلا تكون جهارا أمام الملأ، فعن عياض بن غنم - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، وليأخذ بيده، فإن سمع منه فذاك، وإلا كان أدى الذي عليه) رواه أحمد وابن أبي عاصم والطبراني والحاكم والبيهقي بسند صحيح. ومن العجيب أننا نرى من يحاول أن يشبه وطننا الغالي بالأوطان التي فشا فيها البغي والظلم فقامت على إثرها بعض الثورات، وهذا من أعظم البغي والظلم، فكيف تقارن الدولة التي اتخذت دين الإسلام والعدل دستورا لها تسير عليه، وكيف تقارن الدولة التي يشيع فيها الأمن في جميع أقطارها بتلك الدول، إنه لا وجه للمقارنة بيننا وبينهم، ولكن بعض هؤلاء تنكروا لصاحب المعروف فضله وإحسانه، فهذه الدولة اهتمت بهم منذ نعومة أظفارهم إلى أن اشتدت سواعدهم، فكان جزاء الإحسان أن قابلوا المعروف بالإساءة، والجميل بالنكران، لو كان لهؤلاء عقل لتأملوا واقع الدول المجاورة من حولنا، فكم من نفس قتلت، وكم من دور هدمت، وكم من أعراض انتهكت، شاع الخوف وضاع الأمن، وبعد هذا كله هل تحسنت أوضاعهم ؟؟؟ هل وجدوا ما يرغبونه من تحسين الأوضاع ؟؟؟ هل يريد هؤلاء أن نكون أمثالهم ؟؟؟ هل يريدون أن يحل بنا ما حل بهم ؟؟؟ لكني أبشرهم بأن الوضع في هذه البلاد مختلف تماما، فقد رأينا فرحة الشعب بوصول خادم الحرمين الشريفين إلى أرض الوطن سالما معافى، مما يؤكد للجميع أن شعب المملكة العربية السعودية لن يرضى بأي زعزعة للأمن في بلاده ووطنه، وكلنا فداء لدولة الإسلام المملكة العربية السعودية. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية