يحثّ ديننا أفراده على تهذيب نفوسهم، ويحذرهم من كل ما يتسبب في إضرارهم لذلك أمرهم بالمحافظة على أنفسهم، والبعد عن كل ما يُعرضها للهلاك أو الأذى، ومن تعمد ذلك فقد دخل في قوله -صلى الله عليه وسلم-:» ومن تحسى سمًا فقتل نفسه أي: من شرب وتجرع سمًا فسُمُّه في يده يتحسَّاه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا «رواه البخاري ومسلم وبدون مقدمات أو مبالغات هذا السم يشتريه البشر بمحض إرادتهم فيقتل أكثر من خمسة ملايين إنسان في كل عام على مستوى العالم ليكون وبجدارة أعظم قاتل للبشر؟! بينما الإيدز والذي يعد من الأمراض الخطيرة في العالم فقد قتَل خلال العشرين عامًا الماضية ما يقرب من عشرة ملايين شخص فقط، وبسبب هذا السم أيضاً يموت سنوياً 35000 إنسان في الدول الخليجية وبالتحديد 20000 شخص في بلادنا فقط !!. ويخسر السعوديون في نفس السنة على قتل أنفسهم به خمسة مليارات ريال سعودي !. ليناولوا وبجدارة الترتيب الثالث عالمياً في استهلاك الدخان !! ولا غرابة فهو يدخل بدون صعوبات ويتوفر في جميع التموينات بل ويباع بالجملة والمفرق على الكبار والصغار!!. وأخطر من هذا وذاك قيام إحدى شركات التدخين خلال الفترة الماضية بتوزيع هداياها الدعائية منه على أحبتنا شباب محافظة الطائف؟!، إن من أعظم المزالق التي يرتكبها البعض من أفراد مجتمعنا وتُلحق الضرر بهم اقترافهم شرب (الدخان) بأنواعه، والذي ينتشر بشكل أكبر في أوساط الشباب والمراهقين من الجنسين وقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه جالب لكثير من الأمراض مضيع للمال والمدخن يدرك ذلك!. فلو سألته عن هذه السيجارة التي يمسكها بين إصبعيه: هل هي من الطيبات؟ لأجابك بكل صراحةٍ واقتناع.. لا وألف لا، والله الرحيم بنا يخاطبنا بقوله {وَلا تَتَبَدَّلُوا الخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} النساء :2 ثم إن أضرار التدخين لا تقتصر على المدخن نفسه، بل إنها تعم كل من حوله، وأقربهم الملكان اللذان عن يمينه وشماله، وقد جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم» رواه مسلم. ثم كيف يليق بعاقل أن ينفث الدخان في وجوه من حوله وأهمهم والداه وأبناؤه وبناته وزوجته، ويكدّر عليهم صفو جلستهم؟ وبالتأكيد هو يسهم في قتلهم!، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤذُونَ المُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ بِغَيرِ مَا اكتَسَبُوا فَقَدِ احتَمَلُوا بُهتَانًا وَإِثمًا مُبِينًا} الأحزاب:58 معالي وزير التجارة.. أين أنتم من هذه الآفة التي عاثت في بعض شبابنا والتي هي بريد شر إلى ما هو أشد منها ألا وهي المخدرات ففي خبر مثير للإدارة العامة لمكافحة المخدرات أعلن أن 90 % من المتعاطين للمخدرات في بلادنا كانوا مدخنين؟!. أنتم ولاشك حريصون على حفظ أبنائنا الشباب عماد الأمة والرئة التي يتنفس بها الوطن. ولا ترضون بأي حال بيع سلعة مخالفة خطرة تالفة بمحلات البيع. فكيف بهذا الدخان يباع جهاراً نهارا؟، إن منع بيعه هو الحل الأنسب في ظل تهافت الشباب عليه وإغلاق المحل الذي يثبت أنه يبيعه على الأطفال قطعاً لهذه الآفة ومستورديها، ومما يحمد لبعض المجالس البلدية في بعض المناطق والمحافظات أنها قد فعلت وسائل مختلفة حدت من خلالها من بيع الدخان داخل النطاق العمراني في المحلات التجارية الصغيرة والكبيرة حفاظاً على الصحة العامة وذلك بدافع الحرص على أبناء المجتمع، هذا وكانت جمعية مكافحة التدخين الخيرية قد صرحت مؤخرا عن ارتفاع تكلفة علاج المدخنين في بلادنا والتي بلغت سنوياً 8 مليارات ريال مشيرة إلى فشل حملات البرامج التثقيفية تجاه مخاطر التدخين، مما يستدعي وجود قرار رسمي من قبل وزارة التجارة بمنع التدخين في أماكن العمل والأماكن العامة والحد من بيع السجائر بكافة الطرق إضافة إلى التعاون مع جمعية حماية المستهلك وكذلك وزارة الإعلام لإقامة حملات توعوية في هذا الجانب مع الاستفادة من التجارب المميزة لجمعيات مكافحة التدخين، القرار بيدكم معالي وزير التجارة. فحرصكم على إخوانكم المواطنين شجعني على طرح هذا النداء المليء بالنفع والمحبة، بارك الله في جهود الخيرين وحفظ أبناء الوطن وأسعدهم في الدنيا والآخرة.. آمين. [email protected]