يسرني بمناسبة عودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه - إلى أرض الوطن الغالي بعد العملية الجراحية الناجحة التي أجراها مؤخراً، أن أتقدم باسمي وباسم جميع منسوبي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في كافة أنحاء المملكة، بالتهنئة القلبية الصادقة لمقام خادم الحرمين الشريفين بسلامة الوصول سالماً ومعافى. كما أُهنىء سمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والأسرة الحاكمة والشعب السعودي الكريم بسلامة خادم الحرمين الشريفين، سائلاً الله عز وجل أن يديم عليه ثوب الصحة والعافية، وأن يديم على وطننا الغالي نعمة الأمن والأمان والاستقرار والتطور والتنمية المستدامة. إن كل مواطن على تراب هذه البلاد يشعر بالفخر والاعتزاز إزاء ما حققته المملكة من إنجازات على مختلف الأصعدة منذ تولي الملك عبد الله بن عبد العزيز مقاليد الحكم، وهي بلا شك إنجازات تنطلق من حرصه - حفظه الله - على تلمُّس حاجات واحتياجات المواطنين في مختلف الجوانب التعليمية والصحية والاقتصادية والإعلامية والثقافية والاجتماعية والعمرانية، ومن بينها قطاع التحلية. لقد شهد عهد خادم الحرمين الشريفين الزاهر تحولات تنموية إستراتيجية منها المدن الاقتصادية التي تسهم في إرساء تنمية دائمة ومستمرة، وتُعتبر نقلة حضارية مؤسسة على قواعد قوية وقابلة للنمو والتطور، لكونها تمتلك البنية الأساسية والإنتاجية وكذلك إنشاء العديد من الجامعات وفتح باب الابتعاث أمام الشباب والشابات لتلقي العلم والمعرفة من مصادرها. وعلى مستوى قطاع التحلية والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة بالتحديد نجد أن عهد الملك عبد الله - حفظه الله - قد تميز بدعم يُعد الأكبر في موازنات المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة منذ إنشاء المؤسسة عام 1394ه، في ظل نهضة اقتصادية شاملة، حيث بلغت ميزانية المؤسسة لهذا العام 1432-1433ه ما يقارب (14.9) مليار ريال لمشاريع ومحطات تحلية مياه البحر في بلادنا ونقلها إلى المدن والمحافظات المستفيدة على مستوى الساحلين البحر الأحمر والخليج العربي من خلال إنتاج محطات التحلية البالغ عددها (36) محطة والذي يزيد على ثلاثة ملايين متر مكعب من المياه يومياً وحوالي (6000) ميجاوات من الكهرباء، كما نفذت شبكة من خطوط الأنابيب لنقل المياه المحلاة إلى الجهات المستفيدة تتجاوز أطوالها (3200) كيلو متر طولي، هذا بالإضافة إلى أكثر من (147) خزاناً سعتها الإجمالية تتجاوز ثمانية ملايين متر مكعب من المياه المحلاة. لقد ساهمت هذه المشاريع العملاقة في تعزيز النهضة الحضارية الشاملة التي عمَّت البلاد، فلا حياة بلا ماء، واستمراراً لاهتمام قادة هذه البلاد - يحفظهم الله - في المحافظة على هذه المكتسبات الوطنية ودعمها بما يتواكب مع المتغيرات المعاصرة تم التوجه إلى تخصيص قطاع المياه بهدف التطوير والتوسع في هذا المجال بما يواكب التطورات العالمية، وبما يتيح فرصاً للاستثمار وجذباً لرأس المال المحلي والأجنبي بما يحقق المردود الإيجابي للمملكة، ليس من خلال توفير المياه فقط، بل من خلال فتح الفرص الوظيفية للكوادر الوطنية والاستفادة من نقل التقنية. ومن أبرز ما تحقق للمؤسسة في عهده - أيده الله - التوجه نحو التخصيص فقد صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز رئيس المجلس الاقتصادي الأعلى على البرنامج التنفيذي لتخصيص المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة بالقرار رقم 2-29 بتاريخ 29-6-1429ه. ونص القرار على تحويل المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة إلى شركة مساهمة قابضة، مملوكة بالكامل للدولة، ويبقى معها نظام النقل وبعض المحطات القديمة ومعهد الأبحاث وتقنيات التحلية ومركز التدريب، وتتبع لها شركة إنتاج من محطات التحلية القائمة والمقترحة، ويتم طرح شركات الإنتاج لمشاركة المستثمرين والمطورين من القطاع الخاص، على أن يتم طرح أسهم الشركة القابضة للاكتتاب العام وفق متطلبات هيئة السوق المالية، وطرح الدولة لحصتها في شركات الإنتاج التابعة لها للاكتتاب العام خلال مدة زمنية يتفق عليها مع المستثمرون والمطورون. بعد صدور الموافقة السامية على البرنامج التنفيذي لتخصيص المؤسسة تم تعميد الاستشاريين المؤهلين والفائزين بتقديم الخدمات الاستشارية لتنفيذ برنامج تخصيص المؤسسة وإعادة هيكلتها في شهر شوال 1429ه، وقد أنهت المؤسسة مرحلة تفصيل متطلبات تنفيذ التخصيص وإعادة الهيكلة من خلال ثمانية مسارات (إدارة وقيادة البرنامج، إدارة التغيير والتواصل، إعادة الهيكلة الإدارية والتنظيمية، تنظيم الموارد البشرية، إعادة هندسة الإجراءات وجاهزية الأنظمة، الآثار الإستراتيجية على المتطلبات التنظيمية، التحول للعمل على أسس تجارية، والتخصيص)، بمشاركة فريق يضم أعضاء من المؤسسة والشركات الاستشارية المعنية، حيث أنجزت جميع المخرجات وأهمها مشاريع الترخيص بإنشاء شركة تحلية المياه المالحة القابضة والتي تتضمن مسودة المرسوم الملكي وقرار مجلس الوزراء والنظام الأساس للشركة القابضة، وقد تم الرفع بها للمجلس الاقتصادي الأعلى برقم 528-1 وتاريخ 20-3-1431ه لدراستها والرفع لمجلس الوزراء بطلب الموافقة على الترخيص بإنشاء الشركة ونحن بانتظار القرار السامي بأمل كبير، كما انطلقت المرحلة الأولى من أعمال التطبيق الفعلي لبرنامج إعادة الهيكلة والتحول التجاري في شهر شوال 1431ه، وتستمر لمدة 8 أشهر إلى جمادى الأولى 1432ه. وتهدف هذه المرحلة إلى الاستفادة من العمل الذي تم إنجازه في المراحل السابقة وتطبيق الهيكل التنظيمي على أرض الواقع. لقد أراد الله لهذا الوطن أن يكون أمة متلاحمة ومتماسكة في نسيجها الاجتماعي تحت ظل قيادة حكيمة تهدف إلى بناء وطن متسلح بسلاح العلم والمعرفة والرؤية الثاقبة لمستقبل زاهر. واليوم تغمرنا الفرحة بعودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية وملك الإنسانية، وأسأل الله القدير أن يمد في عمره، وأن يمتعه بالصحة والعافية، وأن يديم لهذا الوطن أمنه واستقراره في ظل حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، وسمو النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود - حفظهم الله وأدام عزهم وعز وطننا الغالي. - محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة