قضية رادوي كشفت لنا عن عدة أمراض تعاني منها الرياضة السعودية، أولها أن هناك تنافساً غير شريف داخل المستطيلات الخضراء السعودية، بل تنافس غير إنساني للأسف. فرادوي ومنذ وطأت قدماه الملاعب السعودية وكشف قدرات فنية هائلة وهو يتعرض لاستهداف واضح من بعض الأندية واللاعبين من أجل تعطيله بأي شكل من الأشكال، ليقين أولئك أن في ذلك تعطيلاً للفريق الهلالي. وقد رأينا كيف أن عضو شرف كبير لأحد الأندية لم يتمالك نفسه فقام من مقعده في المقصورة مصفقاً بحماس لنيل رادوي بطاقة صفراء سوف تحرمه من تمثيل فريقه في المباراة المقبلة..!! وللأسف أن تعامل بعض اللاعبين مع رادوي الذي يكون بإيعاز وتعبئة من إداريين ذوي قصور في الفهم والوعي والإدراك يأتي خارج إطار التنافس الرياضي الشريف وخارج الإطار الإنساني ومنافياً للهدي الإسلامي الذي يشدد على وجوب التعامل بالرحمة والرأفة مع الحيوان فما بالك بالإنسان. أنا أعلم أن ردود أفعال رادوي تأتي عنيفة أحياناً، ولكن لماذا نضخم رد الفعل وننصب المشانق لصاحبه ونتجاهل صاحب الفعل والبادئ بالعنف والأذى. أضعف الإيمان أن تتم مساواة مرتكب الفعل بصاحب رد الفعل. إن رادوي يتعرض لممارسات غير إنسانية من بعض اللاعبين في أغلب المباريات التي يخوضها مع الهلال ومن أبرزها شواهدها ما فعله اللاعب تركي الثقفي عندما دخل بكعب الحذاء على ساق رادوي فمزق لحم ساقه وأحدث جرحاً طويلاً وعميقاً بلا مبرر ودون أن يبدر من رادوي أي تصرف يستدعي أن يتعامل معه الثقفي بذلك. لتأتي مباراة الوحدة فيحاول برناوي تكرار ما سبق أن فعله مع رادوي في المباراة السابقة بين الفريقين في مكة عندما وجّه له ضربة أخرجته من الملعب فاقداً للوعي بهدف زعزعة القوة الهلالية وإضعافها..!! ورأينا كيف لاحق برناوي رادوي في المباراة الأخيرة بالرياض في كل أرجاء الملعب بمخاشنات وعنف غير مبرر حتى أخرجه عن طوره فتصرف رادوي ذلك التصرف الأرعن فتلقى على إثره البطاقة الحمراء. تلك كانت بعض المشاهد مما يلقاه رادوي في الملاعب من تعاملات غير رياضية وغير إنسانية. نأتي بعد ذلك لمرض آخر أفرزته حادثة رادوي وهو تعامل اللجان الرسمية ممثلاً هذه المرة بلجنة الانضباط التي كشفت عن انحياز واضح وسافر في التعامل مع الحالات المماثلة بين الأندية. فاللجنة التي تجاهلت ركل زيايه ودعس المولد للاعبي الفيصل وأكواع فيقاروا المعتادة في كل مباراة انتفضت بشكل عاجل وأصدرت قراراً بإيقاف رادوي مباراتين مضافتين لثلاث مباريات إيقاف أصدرتها اللجنة الفنية، وكان من حرص وفرح لجنة الانضباط بالعقوبة على رادوي أنها ارتكبت جملة أخطاء نظامية وقانونية أجبرت لجنة الاستئناف على إبطال ذلك القرار ليس لأنه مجحف أو قاسٍ أو غير مستحق للاعب ولكن لأن اتخاذه جاء من خلال ارتكاب جملة من الأخطاء النظامية والإجرائية التي أحرجت اتحاد الكرة وجعلته يظهر أمام الرأي العام كما لو كان العاملون في لجانه غير ملمين بمهامهم ولا يملكون المعرفة بالأساليب الواجب اتباعها والإجراءات الواجب اتخاذها في العمل. فضلاً عن إظهار لجنة الانضباط كطرف منحاز وغير عادل. إضافة إلى ما سبق فقد كشفت حادثة رادوي عن مقدار الانحياز لدى فئة تنتمي للإعلام الرياضي والتي طالبت بإنزال أشد العقوبات على رادوي دون أن تنظر بعين الموضوعية والعدالة للحالة من كل جوانبها أو الأطراف المشاركة فيها، ودون أيضاً أن تساويها بحالات مماثلة للاعبين من فرق أخرى صمت عنها تماماً أولئك المطالبين بمعاقبة رادوي..!! وكأن العدالة هي أن تعاقب لاعبي الهلال فقط..!! وزاد أولئك في تضليلهم للشارع الرياضي أنهم اعتبروا قبول استئناف الهلال وإلغاء عقوبة لجنة الانضباط بأنه (دلال) لنادي الهلال وتمييز له عن بقية الأندية..!! يا للعجب.. خفض العقوبة من خمس مباريات إلى ثلاث يُعدُّ في عرف أولئك دلالاً وتمييزاً وتفضيلاً.. بينما تجاهل لاعبين آخرين من أندية أخرى قاموا بنفس الفعل (كزيايه والمولد) وعدم تطبيق أي عقوبات عليهما ليس تمييزاً ولا تفضيلاً ولا دلالاً..!! أي تضليل وأي تلاعب بمصداقية وأمانة نزاهة الإعلام أكثر من هذا. الذي أدعوه وأرجوه في الختام أن يتقي الله أولئك اللاعبون فيما يرتكبونه من مخاشنات وعنف مع زملائهم اللاعبين الآخرين سواء كانوا سعوديين أو أجانب وأن يتحلوا بأخلاقيات المنافسة الشريفة وإن لم يستطيعوا فليلتزموا بالاعتبارات الإنسانية وإن لم يتمكنوا وكانت النزعة العدوانية عندهم أكبر من أن تسيطر عليها مبادئ اللعب النظيف والاعتبارات الإنسانية فليستحضروا في أذهانهم وقلوبهم القيم الدينية والهدي الإسلامي الذي يدعو لتأليف القلوب والرأفة والرحمة، وينهى عن الاعتداء وإلحاق الأذى بالآخرين. فأنا أجزم مثلاً أن لاعباً غير مسلم مثل رادوي يمكن أن يفتح الله على قلبه ويشرح صدره للإسلام من خلال المعاملة الحسنة التي يمكن أن يجدها في ملاعب الكرة السعودية، ولكن أولئك العدوانيين من اللاعبين أعتقد أنهم لا يعطونه الفرصة لأن يرى سماحة الإسلام كما يجب ولا أن يعرف أخلاقيات المسلمين على حقيقتها، بل على العكس يقدمون صورة معاكسة وبشعة عن المسلمين. فيا أيها اللاعبون السعوديون اعلموا أنكم على ثغور من خلال تعاملكم مع اللاعبين الأجانب فإما أن تقدموا لهم صورة الإسلام والمسلمين على حقيقتها الناصعة وإما أن تشوّهوا تلك الصورة بدعوى الانتصار في الكرة فتخسرون ما هو أفضل وأكبر وأسمى. فيا أيها اللاعبون إن لم تستطيعوا التعامل مع رادوي بمبادئ اللعب النظيف أو بالقيم الإنسانية فلا أقل من أن تتعاملوا معه بأخلاقيات اللاعب المسلم.