اختتمت يوم الأربعاء الماضي 13 ربيع الأول الجاري حلقة بحث «أحكام تصرفات المريض النفسي» التي أقيمت في رحاب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تحت رعاية معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الله أبا الخيل وبتنظيم من مركز التميز البحثي في فقه القضايا المعاصرة. وقدمت في الحلقة أوراق عمل من كل من: القاضي بوزارة العدل الشيخ الدكتور علي بن راشد الدبيان، والأستاذ المشارك بقسم الفقه بكلية الشريعة الدكتور زيد بن سعد الغنام، ووكيل كلية العلوم الاجتماعية وعضو هيئة التدريس بقسم علم النفس بالجامعة الدكتور سعد بن عبد الله المشوح، وأدار الحلقة مدير المركز الأستاذ الدكتور عياض السلمي، وشهدت الحلقة حضور عدد كبير من الأساتذة والباحثين المهتمين بموضوع الحلقة من أساتذة في علم النفس وبعض الأطباء النفسيين من مدينة الملك فهد الطبية وبعض طلاب الدراسات العليا، وعرضت أوراق العمل، ثم فتح المجال للتعقيبات والمداخلات التي أثرت محاور الحلقة وجمعت بين الجوانب النظرية والتأصيلية والتطبيقية للموضوع. وبعد الاستماع لأوراق العمل المقدمة من الباحثين ومناقشة المختصين من الحضور خلصت الحلقة البحثية إلى التوصيات الرئيسة التالية: أولاً: التقدم بخالص الشكر والتقدير لمعالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على رعايته لهذه الحلقة، ودعمه لمناشط مركز التميز البحثي في فقه القضايا المعاصرة بغية تحقيق المركز لرسالته وأهدافه، والشكر موصول لمركز التميز البحثي في فقه القضايا المعاصرة إدارة ومنسوبين على حسن اختيار موضوع الحلقة وجودة التنظيم والمبادرة بالمشاركة الفعالة في خدمة المجتمع بالندوات والحلقات المتميزة التي تعالج القضايا المستجدة. ثانياً: يؤكد المشاركون على الأهمية الكبيرة لموضوع الحلقة، إذ إنها تمس شريحة من أبناء مجتمعنا، لهم على المتخصصين من العلماء والباحثين حق تجلية حالهم وإبراز قضاياهم، وحل ما يعرض لهم من مشكلات. ثالثاً: أهمية التذكير بأن المرض النفسي نوع من أنواع الأمراض التي تصيب الإنسان، ويبتلي بها المولى جل وعلا من شاء من عباده، وأن المسلم مأجور على ما أصابه من ذلك إن صبر واحتسب، مع الأخذ بأسباب العلاج ومدافعة البلاء بالوسائل المباحة. رابعاً: التأكيد على أهمية التصور الصحيح لأنواع المرض النفسي وأعراض كل نوع ودرجة تأثيره على مستوى الإدراك لدى المريض، وذلك لما لهذا التصور من أثر بالغ في التكييف الفقهي لتصرفات المريض النفسي، وإلحاقه بما في معناه من أمراض تكلم عنها الفقهاء المتقدمون، ومن ثم الوصول إلى الحكم الشرعي الصحيح على تصرفات المريض. خامساً: يوصي المشاركون القضاة والمحققين والمتخصصين في الطب النفسي بضرورة بذل مزيد عناية بتحقيق المناط الخاص بكل واقعة من وقائع المرضى النفسيين، وذلك بمعرفة حال كل مريض نفسي على حده، والتأكد من أهليته وإدراكه من قبل المختصين الثقاة في الطب النفسي خلال فترة التحقيق معه وقبل عرضه على المحاكم، وذلك لأن حالات المرض النفسي وإن اتحد نوعها وتشابهت أعراضها إلا أن درجة المرض في كل حالة وتأثير العرض على الإدراك في كل منها قد يختلف من مريض لآخر، فتوجب النظر الخاص في كل حالة، والحكم عليها بحسبها. سادساً: يوصي المشاركون بضرورة تحديد الإجراءات التي ينبغي للقاضي والمحقق اتباعها للتحقق من حالة مدعي المرض النفسي، وهذا وإن كان معمولاً بها في محاكم المملكة العربية السعودية وهيئات التحقيق والادعاء العام إلا أنه ما زال بحاجة إلى وضع تنظيم واضح لدى المحقق والقاضي، وأن يعتمد في تقرير الحالة إلى فريق من المتخصصين والممارسين للطب النفسي. سابعاً: يوصي المشاركون بعقد حلقات تدريبية مكثفة للقضاة والمحققين للتعامل المهني مع التقارير الطبية المرفوعة لهم من قبل مراكز الطب النفسي والمتخصصين عن حالات المرضى النفسيين، وأن يتم التعاون بين المعهد العالي للقضاء وخبراء الطب النفسي لإيضاح أعراض بعض الأمراض النفسية المنتشرة، وتحديد درجة الإدراك لدى المصابين بها. ثامناً: يوصي المشاركون بضرورة تحديد آلية دقيقة وواضحة لكيفية تشخيص الحالات المتشابهة في الأعراض للمرضى النفسيين وإجراء المزيد من البحوث والدراسات للتفريق بينها وتحديد الأثر الفعلي لكل حالة على مستوى الإدراك لدى المريض النفسي، ووضع معايير دقيقة لهذه الأمراض النفسية ومدى تأثيرها، حتى يبنى على ذلك الحكم الشرعي في صحة عقود وتصرفات المريض النفسي ومدى مسؤوليته عما يصدر منه من أقوال وأفعال، وذلك عن طريق الشراكة البحثية بين مراكز البحوث المتخصصة في الدراسات الشرعية والطب النفسي. تاسعاً: ضرورة وجود مراكز متخصصة في دراسات السلوك الجنائي للمرضى النفسيين في المملكة العربية السعودية وحصرها ومعرفة بواعثها، وما يحتف بها من أحوال وقرائن، بغية إضفاء المزيد من المعلومات حول تصرفات المرضى النفسيين، لتحليلها واستخلاص النتائج العلمية من جراء استقرائها، وكيفية التعامل مع المرضى بحسب تلك الدراسات. عاشراً: التأكيد على الحاجة إلى التعاون بين الجهات ذات العلاقة بالمرضى النفسيين لوضع لائحة بحقوق المريض النفسي على المجتمع، بما يشمل حقوقه على الأسرة والمجتمع ومراكز الطب النفسي المتخصصة. حادي عشر: يوصي المشاركون بتفعيل التوصيات التي خرجت بها هذه الحلقة من خلال نشرها على الموقع الإلكتروني لمركز التميز البحثي في فقه القضايا المعاصرة، وتزويد المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل وديوان المظالم وهيئة التحقيق والادعاء العام والمراكز الرئيسة المتخصصة في الطب النفسي بنسخ منها.