مُمتَنٌّ جداً، وشاكر للزملاء الذين تناقشتُ معهم الأيام الماضية حول الإعلام الجديد الذي بدا لي وللجميع شوكة في خاصرة الإعلام (التقليدي)، وأعني هنا الصحف الورقية والفضائيات. وقد تحدثتُ لكم الأسبوع الماضي عن الإعلام الجديد ودوره في نقل أحداث العالم بشكله الحقيقي، ولم أشأ التوسع لولا أن نقاشي مع الزملاء زادني عِلْماً، وفتح لي آفاقاً جديدة حاولتُ التغاضي عنها في تلك العجالة. إن تنامي ظاهرة (المواطن الإعلامي) جاءت نتيجة انعدام الثقة بين الإعلام والمستهلك، وهو أمر طبيعي حين حاول الإعلام نقل ما يريد والتغاضي عما لا يرغب وفْق ما لديه من أجندات يخضع لها أو تخضع له، وبات الناس يثقون أكثر بالصور واللقطات المتلفزة التي يقوم بها مماثلوهم دونما تقطيع أو تزييف، ولعلّكم تابعتم ما عرضته وتعرضه الفضائيات من لقطات وصور قام بها مواطنون للأحداث السابقة واستفادت منها قنوات كبرى التي بدأت تعلن على شريطها المتحرك الترحيب بأية مشاركات صوتية أو حركية أو صور من الممكن الاستفادة منها. علاقتي بالإعلام الجديد تدخل في خانة (الجهل)، لكن عدم معرفتي باستخدامها لا يعني أبداً عدم قناعتي بتأثيرها بل إن قوتها تُقارع اليوم الفضائيات التي ملأت شاشاتنا من كل حدبٍ وصوب. كل واحد منا اليوم يحمل في جيبه وسيلة إعلامية مصغَّرة؛ فالهواتف مزوَّدة بكاميرات رقمية بعضها عالي الجودة، ومثلها للصوت والحركة، وهواتفنا مزودة أيضاً بالبريد الإلكتروني وخدمة دخول الإنترنت في أي مكان حتى في السماء. بين يديَّ أمثلة (محلية) لهذه الخدمات التي استُخدمت في مكانها؛ فما إنْ هطلت الأمطار على جدة حتى تسابقت الصور إلى هاتفي من كل مكان، وبعضها لم يتعدَّ خمس دقائق منذ أن صوَّر المرسل صورته، ولأن هاتفي الجوال مزوَّد بخدمة البريد فبإمكاني إرسال الصور إلى الصحيفة (مثلاً) في مدة لن تتجاوز الدقيقتين أو ثلاثاً بحسب حجم الصور، وبعد ربع ساعة كأكثر تقدير تكون الصور جاهزة للنشر، أما لو أحببت إعادة إرسالها إلى مَنْ هم معي فلن يتجاوز ذلك دقيقة لتصل إلى أقاصي الدنيا للزملاء المغتربين في أوروبا وأمريكا. نحن اليوم أمام ثورة لا يتجاهلها سوى إنسان (رجعي)، والتوجُّه يكاد يكون جماعياً للخدمات التي توفرها تقنيات الإنترنت وهواتف الجوال التي تلد لنا كل يوم شكلاً جديداً وتقنية جديدة تنافسية. بقي في ذهني أشياء كثيرة لم أستطع ذكرها لحاجز المساحة، لكنني على يقين بأن موضوعاً كهذا يفتح لكم أيضاً آفاقاً جديدة في التفكير بما قلتُ أعلاه، وبما غفلتُ عنه. [email protected]