غيّب الموت عن هذه الحياة في يوم السبت الموافق 9/3/1432ه الموافق 12/2/2011 رجل الأعمال المعروف الشيخ صالح بن عبد العزيز بن صالح الراجحي، إثر سكتة قلبية عن عمر يناهز 88 عاماً رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وصلي عليه في جامع الراجحي مخرج 15 في الدائري الشرقي بعد صلاة العصر يوم الأحد الموافق 10/3/1432ه 13/2/2011م. ومع رحيل الشيخ صالح الراجحي عن هذه الحياة الفانية إلى الدار الآخرة فقدت المملكة العربية السعودية أحد أهم رجال الأعمال المعروفين والداعمين للمشاريع الخيرية، راجين من جميع رجال الأعمال والأثرياء ان يحذوا حذوه وينهجوا نهجه رحمه الله فقد أفاد الوطن وأبناء هذا الوطن بأعماله الخيرة النبيلة. فالشيخ صالح الراجحي ولد في بلدة البكيرية التابعة لمنطقة القصيم ونشأ فيها وطلب العلم وأتم حفظ القرآن الكريم في الثالثة عشرة من عمره، وانتقل إلى الرياض ولزم مجالس الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي عام الديار السعودية -رحمهما الله- ونهل منه العلم والأخلاق وحب الناس والإحسان إليهم، وكان يحب مجالسة العلماء وطلاب العلم ويدنيهم منه في مجلسه. بدأ بأعمال بسيطة ثم عمل في الصرافة على بساط (سجادة) في سوق الديرة بالرياض، ثم افتتح أول محل تجاري له في الديرة للصرافة، وكان من ذلك استمراره في عالم التجارة المصرفية، والعقار والتجارة العامة بشكل عام، وبنى لنفسه بعد توفيق الله له إمبراطورية تجارية ضخمة وبنى بنفسه الاسم التجاري لاسم «الراجحي»، واستطاع معها أن يؤسس أول مصرفية إسلامية استمرت حتى تحولت إلى «مصرف الراجحي». أما صفاته الشخصية التي اشتهر بها: فقد عرف بالكرم وحسن الخلق ودماثة الأخلاق والتواضع، حيث كان منزله مقرالقادمين من أقاربه وجماعته للرياض، وذلك منذ انتقاله للرياض رغم قلة ذات اليد في بداياته، إلا أن الخصال والسجايا الحميدة التي تربى عليها كان لها أكبر الأثر والدافع لاستمراره على ذلك المنحى، حيث كان بيته عامراً بالضيوف دائماً، كما عرف عنه حبه لبذل الصدقة والإحسان، والخلق الحسن والتواضع الجم التي يشهد بها كل من عرفه وعايشه، فهو لا يرد سائلاً، ويعطي بما تجود به نفسه، وأسهم- رحمه الله- بالكثير من الأعمال الخيرية في المملكة وخارجها، وأسهم ببناء مئات المساجد، ودعم جمعيات البر الخيرية، وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم، وجمعيات مساعدة الشباب على الزواج، وجمعيات أصدقاء المرضى، وأقام- رحمه الله- مؤسسة وقفية كبرى تقدر أصولها بعدة مليارات من الريالات؛ جعل مصارفها في أعمال الخير المختلفة، وأنفقت هذه المؤسسة عدة مئات من الملايين في مشروعات وبرامج دعوية وتعليمية وصحية واجتماعية. هؤلاء النفرمن الناس المخلصين الأوفياء هم الذين شاركوا بفكرهم وعملهم الدؤوب المتواصل وخبرتهم بإحداث نقلة حضارية مشهودة في مؤسسات آلية الدولة العربية السعودية العصرية الحديثة بما لها من قوى تنظيمية وإمكانات مادية واقتصادية وبشرية فاعلة ووحدة إرادة وغايات واضحة وعلاقات حسنة وطيبة على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي على السواء، فالحديث عن خصاله ومحاسنه وسماته ومزاياه يعجز عنها القلم، ففقيدنا الراحل العزيز الغالي يحتاج إلى صفحات كثيرة لذكرها، ولكن نكتفي ببعض منها لأفعاله وأعماله الخيّرة النبيلة فإن ذلك هو الدليل الدافع له لحبه لفعل الخير وبذل المعروف والمكانة التي كان يتمتع بها طوال حياته رحمه الله رحمة واسعة. نعزي فيه أنفسنا ومن فقده ممن أحبوه وأحبهم وجميع أسرة الراجحي في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية وأخص بالعزاء وصادق المواساة أولاده وبناته وأفراد أسرته ومحبيه وأصدقاءه وزملاءه وجيرانه، سائلين الله أن يلهم الجميع الصبر والسلوان ويرحمه رحمة واسعة ويرفع درجاته يوم يلقى ربه وأن يسكننا وإياه وجميع المسلمين داركرامته {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إليه رَاجِعونَ}. د. فهد بن عبدالرحمن السويدان - مستشار قضائي وأستاذ أكاديمي وعضو التحكيم والمصالحة وكاتب