يقع مهرجان برلين الدولي في مقدمة المهرجانات السينمائي الدولية العالمية مكانة وقيمة فنية، فهو من بين مهرجانات قلة تشترط عرضاً أولياً للأفلام المعروضة في مسابقته الرسمية مع مهرجانات سينمائية دولية مثل كان وفنيسيا، ويحمل المهرجان الألماني ميزة رائعة وهي دعمه للمخرجين المستقلين والأسماء الجديدة في عالم الإخراج السينمائى، كذلك لا يهتم كثيراً بالضغوط السياسية التي يتعرض لها طوال تاريخه المثير للجدل فهو حريص على اختيار أفلام لها علاقة بحقوق الانسان المعدومة في دول العالم الثالث والنامي. ويقدم المهرجان العديد من الأفلام التي تنتقد الأنظمة السياسية الريدكالية والدكتاتورية سواء في شرق أووربا أو في الشرق الأوسط وإفريقيا، وأيضا يسلط الضوء على العديد من القضايا الاجتماعية المثيرة للجدل في دول عدة كتعرضه لقضية الإيدز في إفريقيا وحقوق المرأة في الشرق الأوسط والشذوذ في آسيا وغيرها من القضايا والتابوهات المحرمة في العديد من الأنظمة والقنوانين التشريعية في بعض الدول. وللمهرجان قيمة هامة لدى الجمهور والنقاد في أووربا من خلال تقديمه لعدد من الأفلام التي تنال اهتمام الأووربيين والذين يحرصون على متابعة الثقافات الأخرى خصوصاً سكان مدينة برلين الشهيرة باحتضان الفنون بكل أنواعها وليس فقط السينما، جوائز المهرجان متنوعة وجذابة لصناع الأفلام وأهمها جائزة برلين الكبرى «الدب الذهبي» تليها جائزة أفضل مخرج «الدب الفضي». كذلك الجوائز الفرعية مثل جائزة أفضل ممثلة وممثل وأفضل موسيقى وأفضل فيلم عمل أولي وجائزة التكريم عن مجمل الأعمال هذا العام. يقدم المهرجان أفلاماً متميزة يغلب عليها الطابع الاجتماعي السياسي، ومن أهم الأسماء المشاركة لهذا العام فيلم الممثل البريطاني «راف فينيس» والذي يحمل عنوان كوريولانوس وهو من أخراج راف فينيس نفسه، يحكي الفيلم قصة جندي في الإمبراطورية الرومانية وهو يقف إلى جانب الشعب الذي يعاني من تسلط الحاكم والجوع والفقر الشديد. فيما يعرض فيلم المخرج الإيراني جعفر بناهي (Offside) والذي يستعرض مجموعة من النساء الإيرانيات وهن يحاولن الدخول لمباراة المنتخب الوطني الإيراني الحاسمة في تصفيات كأس العالم قبل أن يتم التحفظ عليهن من قبل السلطات الإيرانية. عرض فيلم المخرج الإيرانية جعفر بناهي يأتي وسط تكريم من المهرجان للمخرج الذي يعاني من ويلات النظام الإيراني والذي حكم عليه بالسجن وإيقافه عن صناعة الأفلام لمدة عشرين عاماً، كذلك يعرض المهرجان فيلم المخرجان ايثان وجويل كوين «True Grit» من بطولة جيف بريدجيز و مات ديمون وجوش برولين وهايلي ستانفيلد، والفيلم ينافس على سباق الأوسكار في نسخته القادمة. الفيلم إعادة لنسخة قديمة في العام 1969 للمخرج هنري هاثواي، وتواجد المخرجة الألمانية ياسمين الندري من خلال فيلم Almanya ومن فرنسا يقدم المخرج بيلا تار فيلم (The Turin Horse) بحكاية شبه صامتة تعود للعام 1889 بتصوير كلاسيكي «أسود وأبيض» لشخص يعاني من حصانه، أما السينما التركية فهي حاضرة من خلال فيلم المخرج سيفي تويمان (Bizim Buyuk Caresizligimiz) الذي يحكي علاقة بين شابة تركية وصديقها الألماني في مدينة أنقرة التركية، فيضطران للعيش في ألمانيا لوقت من الزمن قبل أن يواجهان سلسلة من الأزمات العائلية التي تهدد استقرارهما. ومن النساء تبرز المخرجة المكسيكية بولا ماركوفيتش من خلال فيلم (El premio) الذي تستعرض فيه قصة فتاة تبلغ من العمر السابعة عشر، تحتفظ بسر طوال إقامتها من عائلتها، الفيلم الطويل الأول للمخرجة بولا ماركوفيتش بعد فيلمين قصيرين. ومن إيران أيضاً يتواجد المخرج أسكار فارهادي من خلال فيلمه المثير للجدل «Nader And Simin» والذي يقدم حكاية سيدة تريد هجرة إيران لكن زوجها يرغب بالبقاء من أجل والده، وتقرر الزوجة طلب الطلاق من زوجها قبل أن تدخل في إشكالية أخرى من الإجراءات القانونية الخاصة بنظام الطلاق في النظام الإيراني الظالم لحقوق المرأة. السينما النمساوية لها حضور هي الأخرى من خلال فيلم المخرج فولفغانغ ملينبيرغير الذي يقدم سيرة أحد أشهر أثرياء اليهود يدعى فيكتور كوفمان ويعيش في مدينة فينيا عاصمة النمسا في العام 1930 وكيف تعامل معه الجيش النازي في ذلك الوقت.