عزيزي القارئ أصابتني الدهشة والحبور في وقت واحد وحزن يقف حائراً ليقول بصوت مرتفع: لماذا نؤخر الحقيقة؟ أقول قولي هذا بعد أن صافحت عيناي مقالة تحت عنوان فوبيا المرأة! وسوف أورد مقاطعاً من هذه المقالة العجيبة والأعجب من ذلك معرفة كاتبها حيث يقول: ولكن، يأبى كثير من الغيورين إلا أن يعيدوا الأمر إلى سابق عهده، توجساً وخوفاً من مصيبة متوقعة، فعاد وأد البنات، لكنه اليوم ليس دفناً في التراب، وإنما دفن لقيمتها، ولحريتها، دفن لإنسانيتها، ولكرامتها، والمصيبة أنه يصبغ اليوم بصبغة دينية، ويتدثر بلباس شرعي. والحقيقة المرة أن المرأة في أذهان كثيرين - ممن يرون أنهم أشدّ غيرة عليها ممن شرع لها الدين وخلقها من ضلع آدم، لتكون له سكناً، ونص على أنهن شقائق الرجال - أضحت عندهم مصدراً للقلق والريبة والتوجس خشية الانفلاس، ففي كل نشاط تريد أن تمارسه تتهم بأنها لا محالة ستفسد أخلاقها، وتتخلى عن طهارتها، وتنزع جلباب الحياء، وتجلب العار لأهلها! فلويت أعناق النصوص ليحكم الخناق على الفتاة المسلمة فلم تدع لها متنفساً تستنشق منه هواء نقياً وأوصدت عليها أبواب من حديد وحكم عليها بالسجن المؤبد لتقضي عمرها تقبع في بيتها كي لا يراها الآخرون فما الناس (في أذهانهم) إلا ذئاب مفترسة تتربص بطرف عباءة أنثى لتصطادها. وفي مقطع آخر يقول الكاتب: «كان هذا أجمل بنا من الوثوب من أول وهلة على عتبة التحريم في كل شيء لا يروق لنا». ثم نذهب بعد ذلك لنعصر عقولنا التي لم تعتد على التفكير المنطقي - علها أن تسعفنا بشيء يبرر لنا مواقفنا - ويغطي جاهليتنا بالشرعية والغيرة، ولقد وصلنا في (باب سد الذرائع) حداً من اللامعقول - حتى بات الخوف من أن لا تستحي المرأة من المرأة أو أن نوقع المرأة التي تخجل في الحرج سبباً للتحريم وعلة له - حين أعيتنا الحيلة في إيجاد الدليل من الكتاب أو السنة فكم بررنا آراءنا فأدخلناها من هذا الباب الذي وسع كل مشكلة أعيانا حلها - ولم نجد لها نصاً من كتاب أو من سنة أو من قياس أو إجماع سوى ما فتح اليوم من باب سد الذرائع الذي ما بين مصراعيه. أبعد مما بين مكة وهجر - ولهذا عدنا إلى وأد البنات الذي عجزنا عنه حسياً فبادرنا إليه معنوياً - والله المستعان. سيذهب بنا الخاطر إلى أن كاتب هذه المقالة لبرالي أو تنويري أو ممن يريد بالمرأة شراً بإخراجها إلى سوق الأمل بحياة كريمة والعمل جنباً إلى جنب مع الرجل. كاتب هذه المقالة يا سادتي رجل صادق اسمه الشيخ عادل الكلباني كتبها بصدق لم نعهده وسلامتكم. [email protected]