نخضع مهما تعلمنا إلى صوت دواخلنا فنتقوقع حول أنفسنا ونسهب في ضلالات لا أرض لها على الواقع، ونتعامل مع من حولنا بناءً على تلك الضلالات والوساوس بشيء من الريبة والفزع، ولا نقف عند هذا الحد بل نسعى إلى تذكر حوراتنا مع الآخرين لنرمي بشرر أنفسنا عليهم ونتهمهم بالغيرة والحسد وهم عن ذلك أبعد. أتفاجأ في كل جمع بتفسيرات البعض لتعبيرات الآخرين عن ما آلت إليه أحوالنا وأشكالنا من تطور لنرميها في سلة العين والحسد، ونبدأ بتتبع الحوادث السيئة التي تقع لنا لنجعلها ضمن حصاد الحسد والغيرة والعين التي أصابتنا جراء تعبيراتهم البريئة بإعجابهم بنا. مئات من المرضى داخل العيادات النفسية يبحثون عن العلاج, والعلاج في حقيقة الأمر يكمن داخل النفس ذاتها، فلو فتشنا في إيقاع دواخلنا لوجدنا كماً هائلاً من السواد يحيط بأفئدتنا يمزق جمال اللقاءات وعطر المشاعر وسمو المدح. وحديثي هذا لا يعني عدم إيمانى بوجود العين وضرر أثرها، لكن أخشى على أصحاب المبالغة بشعور الإصابة بالعين من أن يقعوا رهينة شعورهم هذا, ويطوقوا أنفسهم رغم أخذهم بالأسباب من الرقية والتحرز بهذا الإحساس ما يجعلهم يحرمون أنفسهم من التمتع بما آتاهم الله من فضله، وأن تظل شكوكهم متقوقعة حول نفس الفكرة خاصة إذا كانوا لا يملكون على الأقل بظني ما يدعو لحسدهم أو إصابتهم بالعين. وما أثار حفيظتي أكثر أن هناك من المتعلمين والمثقفين من ينالهم ما ينال الجهلاء من ذلك الشعور ويتحدثون عن إصابتهم بالعين كواقع مؤكد، ولا يسألون أنفسهم من أين جاءهم هذا الضرر فقد يكون من أنفسهم وليس من الآخرين. وتجدهم يرددون عبارات قيلت لهم في محافل معينة عن إجادتهم لحرفة أو عمل أو تمكنهم من الظهور بحلة جميلة أو طلة ملفتة ورغم تأكيدات طبية بوجود إصابة عضوية معينة إلا أن شكوكهم بتلك التأكيدات توهمهم أن تلك الإصابة لا يمكن أن تأتي بكل تلك العوارض. إنني أؤكد هنا إيماني التام بشر ما تأتي به العين من عواقب صحية ونفسية قاتلة وهو ما أكدته السنة الشريفة والقرآن الكريم، لكني أقصد بذلك الفئة القليلة التي أعمتها النظرة المحدودة للأمور والتفسيرات غير المنطقية للأحداث.. وشفى الله كل مستضر. إضاءة: «تفائلوا بالخير تجدوه». حديث شريف «حينما نفكر إيجابياً فإننا نبرمج عقلنا لينفذ إيجابيا». العالم توني بوازن