شاعرنا هذا الأسبوع هو الشاعر سعد بن ناصر بن هتيل المساعرة الدوسري وقد ولد بالغاط عام 1333ه وقد نشأ شاعرنا في البادية مع والده وبعد أن اشتد عوده امتهن الغوص ثم التحق بخوة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز رحمهما الله ثم سمو الأمير مساعد بن عبدالعزيز وتربطه علاقة وثيقة بأصحاب السمو الأمراء، وتوظف شاعرنا بالديوان الملكي في عهد الملك سعود ثم في عهد الملك فيصل رحمهما الله. أحب شاعدنا الصيد والقنص وله في ذلك قصائد كثيرة درس شاعرنا كغيره في زمانه فقرأ القرآن ودرس السيرة وحفظ بعض الأحاديث وكان سريع البديهة حاد الذكاء له قوة بدنية هائلة كما اشتهر بالكرم ويقول عنه أحد شعراء بني مرة ويلقب بابن الزعبية: صل الركايب على ابن هتيل ينقض تعبهن بترحابه لا من ضونه توال الليل يضحك حجاجه مع نابه أما شعره فهو يتميز بالجزالة وسلاسة الأسلوب وعرف عنه تضمينه الجمل الدارجة في شعره كقوله: كني غرير (قرقعوا له ولا دله) يبي حاجة ما هوب يدله بلياها ولشاعرنا مواقف تدل على نخوته وحبه لمساعدة المحتاج أليس هو القائل: ما نيب أمير مير طيب جماعه سيف لربعي في المواهيب مسلول لا قدموني لابتي صدف ساعة قدمتهم مقدار خمسة عشر حول وإن كان جوادات الفتى من ذراعه فأنا طويل الباع ما نيب مجهول وبعد أن تقدم العمر بشاعرنا وبدأ الشيب يغزو شعره الأسود قال: يا والله اللي بدا في عارضي شيبي وأنا أحسب الشيب توه ماقرب حله الشيب جوهر مروين المقاضيبي لكن ما ودي إنه جا بشير له أخاف نكرة البيض الرعابيبي اللي ليا شافن الشايب تعدون له والحقيقة لو استعرضنا مثل هذه الأبيات لطال بنا المجال ولكن سوف نبحرمعا ونحاول استعراض ما تسمح لنا به المساحة المخصصة لذلك. يقول شاعرنا في قصيدة بجلالة الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله ويصف الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه: يا لله ياللي من تلجاك منصور نفعك يديم ونفع غيرك عباره إنك تبلغني مرامي ولا ابور في واحد عيني بعينه وساره نفسي تمنا به وأنا منه مقصور ولاعدي إلا في جناحه جباره سعود بن سلطان من طالع النور عبدالعزيز يديم انتصاره من يوم شيف الحر مع طلعة النور كل من المقناص برقع حراره وله هذه القصيدة الجميلة التي يصف بها معاناته ويبدع في هذا الوصف رغم صعوبة القافية اقرأوا معي قوله: البارحة لو إن كبدي على صاج كان الجحيم أبرد من اللي دهجها حشا حشا ما ذاقت العين هملاج زود على ما بي تزايد لججها أمسيت ما غضيت لين السفر باج وأنا بزافات تغالب حججها كني بغبات البحر بين الأمواج أمواج دالوب الهبايب رهجها محتار ما عينت للرجل مدراج مدراجها عسر وعين عوجها وفي يوم من الأيام سيّر على شاعرنا جماعة فقالوا له لماذا دلالك يابن هتيل سود ماهيب مجلاّة فقال لهم موضحا أن سواد الدلال من كثر ما توضع على النار وهو: دليل الكرم وكثرة الخطار كل يورد له على الكيف معناه أنا أشهد إن حنا هل الكيف حنا اللي ليا جانا المسيّر نكهناه وإنباشره بالكيف قبل إيتشنا وإنقلط المحماس قبل يتمناه والأوله ما هيب تكفيه منا ما هوب لا جانا عطيناه مصلاه نبغيه لا منه عدا البيت غنا وإدلالنا ما هيب صفر مجلاه من كثر دحم النار بنحور هنا وله في قصائد النصح يوصي أبناءه على الخصال الطيبة من تمسك بالدين وكرم وشجاعة وإكرام الجار عدد كبير يقول في إحداها يوصي ابنه سحمي وهو أكبر أبنائه: يا سحمي أبا وصيك بالعود فانه ما حط من دوني ودونك بضاعه خلك وما حاشت يمينك لسنه أيضا وقم له بالهدى والمطاعه خالك يظن وعندي خلاف ظنه وأنا برجوى الله وخطوات ساعه الطيب وسطناك بالشبر منه ما عندنا باللي قصد به ذراعه إلى آخر القصيدة. وبعد أن استقر المقام بشاعرنا في وادي الدواسر إلا أنه لم ينس حياة البادية الجملة وها هو يصفها في هذه الأبيات: والله لو حطيت قصر من الطين وغرس وبستان ونويت الحضاره ما نسا شديد البدو لا صار منوين لا لاح براق تتالت خباره بدو قويين وجاهم طرشين وعدو لهم عشب زها به خضاره وشدوا ودنّو جيشهم والقعادين وكل على مشدوده أظهر قشاره الجيش يحضا به عيال شليين فيهم من الخفة رموع الشطاره والزمل يحظا به بنات مزايين يشدن لصيد شايف له غياره يا حيهم حياه حيين حيين كنه يقزيهم من الدار غاره وله هذه الوصية التي يوصي بها أبناءه وأرسلها مع ذعار بن سعد الجفارين الدوسري ويقول فيها: يا ذعار لاجيتهم يوم أنت مرسالي ما خاب من كان مثلي وأنت مرساله سلم عليهم سلام صافي حالي وأثنه على اللي يقول العود وش حاله هذا وأنا يافتي ما هوب عزالي كم واحد يمتني مثلي ولا جاله أنا أحمد الله عزيز وطيب فالي ومن كان مثلي عزيز وطيب فاله يا ناس خلوني المسؤول بهبالي واللي بصير بحالي مالي وماله لولا المهبل حشا ما يرتشي حالي جعله هبال يزود وزوده أشلاله خلوني أدله مع الخبلان وأشلالي ما سرني صاحي في دبرة أحواله ولشاعرنا مقطوعات غزلية جميلة سنقدم بعضها إذ يقول في إحداها: أنا لا بغيت أرتاح قلب العنا مطفوق مع اللي إليا أقبل يسرق القلب سلهامه عيونه عيون اللي تحرى الهدد ويتوق وخذا برقعه راعيه والطلع قدامه حديثه لبن بكر صخيف رعت زملوق تخطف ولدها كل ما سمعت إرزامه معا نجع بدو شفهم تبع شف النوق هواهم هوى البل ما ينوون بالقامة وفي مقطوعة أخرى ويصف صوت السيارة مع الصحراء كصوت حالوب برد في وصف جميل: واهني اللي قواده وثيق ما يزوع لا طراله ما طرى ون في صدر خراب جعل يسقا لا نوينا عليهم بالرجوع وإنثنى وجه السفر صوبهم والكيف طاب وإنتوينا صوبهم فوق مامون يفوع غايته ومناه نهب المثايل والسراب دوج مفتول اللواليب ضماده يروع في يد اللي يمهله ويحداه من المطاب كن صوته لا تناول من السرعة نشوع صوت حالوب البرد في مقاديم السحاب ولشاعرنا محاورات مع الشاعر المعروف صقر النصافي والشاعر عبدالله بن حماد القحطاني ومن أراد أن يطلع عليها فليقرأ ديوان ابن هتيل الذي جمعه مشكورا ابنه هتيل بن سعد بن هتيل. كانت لنا هذه الرحلة مع شاعرنا سعد بن هتيل الدوسري الذي توفي بالمستشفى العسكري بالرياض يوم الأربعاء الموافق 5/3/1408ه رحمه الله رحمة واسعة. وإلى الملتقى مع شاعر آخر.