لا ريب أن هناك بعض الحالات والمظاهر التي يتعرض لها بعض أطفالنا وطلابنا في مؤسساتنا التعليمية كالخوف والانطوائية، أو الحزن والاكتئاب والغفلة وكثرة السرحان. وهذه كلها مؤشرات تدل على أن هناك معاناة ومشاكل أسرية يعانيها ويعايشها هذا الطفل وربما تحولت إلى صراعات داخلية نتج عنها مثل هذه الظواهر، لذا ينبغي لنا أن نتعامل مع أصل الداء ومنبع المشكلة، الذي هو (البيت). كم من بيوت كان أطفالها ضحية لطلاق زوجين؟! وكم من بيوت لم يدرك أطفالها طعم الحنان والحب بسبب سحب الشجار والخصام الذي لا ينتهي بين الزوجين صباحاً ومساءً؟! أو قل: بسبب انشغال رب الأسرة عن بيته وأطفاله فلا يدرك مشاعر أولاده ولا يتحسس عواطفهم ولا يقر عيونهم برؤيتهم له.لذا علينا أن نؤكد حقيقة وهي أنه لا حل لمشاكل أولادنا السلوكية أو الاجتماعية إلا بحل مشاكلهم النفسية.. وإشباع نفوسهم وقلوبهم عاطفياً من خلال إشاعة مظاهر الحب والمودة.فالعطف والحنان بلا إفراط ولا تفريط هما أساس الصحة النفسية لدى أفراد الأسرة، فينشأ الأطفال ويشبّ النشء وهم مترفلون بهذه الصحة، وهذه التربية النفسية لا تأتي فقط بما تمنحه الأم من رعاية وحنان وعطف جبلت عليه النساء وإنما لابد من تعاضد الوالدين جميعاً في تهيئة البيئة المنزلية لتكون بيئة صالحة هادئة آمنة مطمئنة - ينشأ فيها الطفل متزناً واثقاً من نفسه، ذو شخصية معتدلة مستقيمة والعكس هو الصحيح إذ ثبت أن الحياة العائلية المضطربة والمشاحنات بين أفراد الأسرة، بخاصة قطبيها الأب والأم يؤثران بشكل ملحوظ على تكوين شخصية مضطربة تنفر من الحياة وتكرهها، شخصية تغلب عليها الفوضى وفقدان الثقة بالنفس، وعدم الإحساس بالمسؤولية. لذا كان لزاماً على الأب والأم أن لا يُظهرا مشاكلهما أمام أبنائهما وأن لا ينشرا غسيل صراخهما ونزاعهما والأبناء ينظرن ويسمعون، وأن يفكرا ألف مرة قبل التفكير في الطلاق بعواقب ذلك ومدى آثره على الأبناء.ختاماً، من الأمور المهمة التي يجب أن يتفطن لها الآباء والأمهات هو احترام شخصية الطفل أو الشاب وتقدير شعوره ومرعاة نفسيته وألا يجعلاه ضحية لصراع نفسي لا ذنب له فيه.. يشعر معه وقتها بالظلم ومرارة الحرمان تكون نتيجته الحتمية الانتقام والجنوح للإجرام من الجميع !!. [email protected]