الآن وقد اختار سمو الأمير الجليل وصاحب القلب الكبير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز أن يترجل عن جواده ويستقيل من منصبه ويغادر مكانه ويغيب عن المشهد الرياضي بعد أكثر من عقدين من الزمن قضاهما في خدمة الرياضة السعودية والعربية.. فلا نملك إلا أن نحترم رغبته ونقدر ظروفه.. فمن حقه أن يرتاح بعد خدمة طويلة وجهود عظيمة ومواقف مشرفة وداعمة داخل الحدود وخارجها.. وسلطان وإن اجتهدنا وخالفناه سابقاً في بعض الأمور فنحن في النهاية نتفق معه ولا نختلف عليه.. فهو في عيوننا دائماً وأبداً رمز العطاء الرياضي الوافر وقائد المسيرة الشبابية الظافرة وحامل لواء الرياضة العربية ووجه السعد الذي واصلت شمس الرياضة السعودية في عهده إشراقتها وتفوقها وإنجازاتها إقليمياً وقارياً وعالمياً.. وهو في عيون كل الناس المحبة.. وكل القلوب المخلصة شخصية عظيمة وفذة متسمة بروح الحلم والتسامح.. وقائد، وقدوة، وعنوان متميز، في مجال العطاء الرياضي، وخدمة القطاع الشبابي.. كما أن سموه قامة شامخة وجبل شاهق لا تهزه ريح.. وهو شرف للمنصب وإضافة له.. ومن يعطيه قيمته وسموه وتميُّزه.. وقد يحدث ونحن نتطرق كإعلام سعودي لبعض أمورنا الرياضية الداخلية أن تحصل بعض التجاوزات والهفوات التي قد تتجاوز في بعض الأحايين حدود النقد البنَّاء والهادف.. وذلك باجتهاد وغيرة ومحبة وحسن نية وهدف يتمثَّل في تحقيق المصلحة العامة.. وعادة ما تتباين الأطروحات وتختلف الموضوعات كل حسب رؤيته واجتهاده وتفسيره لما يشاهده أمامه.. تتحكم في ذلك بالطبع عاطفتنا البشرية ورغباتنا الشخصية والظروف المحيطة بنا.. ولكن عندما يتعلق الأمر بالوطن وسمعته وسيادته وقادته ورموزه فإن الصفوف تتراص والمواقف تتوحد والقلوب تتآلف.. ويصبح الهدف مشتركاً والتوجه واحداً والجسد أيضاً واحداً.. ديدننا في ذلك محبة الوطن التي ليس فيها مزايدة أو مساومة أو اختلاف.. وليس لنا فضل في ذلك أو مِنَّة.. فالوطن هو حضننا الدافئ وحضننا الواقي وعزنا الباقي. أقول كل ذلك.. وأنا أشهد وألاحظ بكل سعادة وسرور الموقف المشرف للمسئولين في القطاع الشبابي ولإعلامنا الرياضي بمختلف أنواعه وتوجهاته بعد أن اختار سموه وهو أحد رموز الوطن الاستقالة كنهاية لحياته الرياضية ومسيرته الشبابية.. فالجميع بيَّن مآثره وعدَّد خصاله وفضائله.. وودعه المحبون والأوفياء بقلوبهم وبدموعهم قبل أياديهم.. وهو يستحق المحبة والوفاء من قِبل الجميع.. لأن حياته كلها مليئة بالطيبة والحب والتسامح.. فلم يسبق لسموه أن أضرَّ بأحد.. أو سعى لإيذاء أحد.. بل إن سعة الصدر وروح الحلم والتسامح.. هي ديدن سموه في كل المواقف والأوقات وميَّزته عن الجميع.. وأوجدت له مكانة عزيزة في كل القلوب. وعزاؤنا في رحيله وفراقه.. أن من واصل حمل الراية وأعطى الثقة من بعده هو عضده وسنده وقدوة الشباب السعودي الطموح الأمير نواف بن فيصل نجل مؤسس رياضتنا الحديثة.. وباني نهضتها المجيدة أمير الشباب الراحل الفيصل بن الفهد.. فهذا الشبل من ذاك الأسد.. وهو خير خلف لخير من سلف.. ولديه من الخبرة والتجربة والدراية والقدرة بما يكفل استمرار المسيرة على أكمل وجه وأفضل حال.. والأمنية أن يحالفه التوفيق والنجاح في مهمته العصيبة.. وهو بلا شك كفؤ للثقة وبمستوى المسئولية وعند حسن الظن إن شاء الله.