لا يخفى على الجميع أن الموت سنة الله في خلقه وكل من على هذه البسيطة مصيره إلى الموت وكما قال الشاعر: (وكل ابن اثنى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول) وأيضاً فمن عاش ألفاً وألفين فلابد من يوم يسير إلى القبر) وقبل هذا وذاك قول الله سبحانه وتعالى:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} لا شك أن البشرية جمعاء رضت أم سخطت سوف يداهمها هادم اللذات ومفرق الجماعات حسب أجلها الذي قدره الله لها ولكن الأمل والرجاء الذي جعله الله نعمة للإنسان لكي يعمر هذا الكون ليستمتع به في ظل العبادة التي هي الهدف المقصود في هذه الحياة والذي جعل الإنسان ولا سيما المسلم أن يبحث عن الأسباب التي تسهم في إطالة عمره، وأهمها تأثير الصلاة كما ورد في الأثر نور في الوجه وسعة في الرزق وطول في العمر في ظل هذه المعطيات عاشت وتعيش الأمة المسلمة حياتها وفق توازن يلبي حاجاتها في الدنيا والآخرة فالمال والبنون هي زينة الحياة كما قال الله سبحانه وتعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} فسعي الإنسان لطلب الرزق حث عليه الإسلام كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالتجارة فإن فيها تسعة أعشار الرزق) وهي التي تقود إلى المال بالإضافة إلى السبل الأخرى الذي يتفق مع السعي المباح لطلب الرزق كالزراعة والوظيفة والصناعة فلهذا لو خيرت من في هذه الأرض هل هو يبحث عن المال والبنون لقال معظمهم نعم وهذا المشاهد في حياة البشرية التي تسعد بالمال والأولاد وفي بعض الأحيان الأولاد يسبقون المال في التفضيل والدليل على ذلك أنه يوجد فئة كبيرة أعطاها الله المال ولم يعطها الأولاد ولو كان الخيار بيدها لتمنت ذهاب المال وقدوم الأولاد ولكن إرادة الله فوق كل شيء، الكل راضي بما يكتبه الله له فحبيبنا اللواء فهد بن محمد الجبر كغيره ممن يعيش على هذه البسيطة فرح بابنه محمد وتعلق به فهو أعز إنسان لديه من الذكور حتى قبل وفاته بيوم عندما هم برحلة برية يحثه على عدم السرعة وتوخي الحيطة والحذر ويعده ابنه بذلك ولكن أمره سبحانه وتعالى نافذ ولا رد لقضائه وقدره كانت المفاجأة خبر وفاته في اليوم التالي وتخيل البعض ماذا سوف يكون موقف والده وتقبله لهذه الفاجعة؛ حيث ليس عنده من الذكور سواه ولكن هول وقع هذه الصدمة بخلاف ما يتوقع الناس الرضا والقبول بقضاء الله وقدره فلله ما أخذ ولله ما أعطى هذه العبارات يجدها ويقرأها في شخصية والده المتماسك والباش في وجه معزيه بل أستطيع أن أقول إن التأثر تجده واضحاً على المعزين أكثر من والده وهذه من المبشرات {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ } وسلوكه في هذه الموقف أيضاً استشعاراً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها). رحمك الله يا محمد وثبت والدك الذي رسم صورة إيمانية حية في تقبل المصيبة بعيداً عن الحزن المبالغ فيه، وأعطى درساً لأقربائه وأحبائه لماذا الجزع والهلع وهو مصيرنا جميعاً؟ ولماذا لا نستغل هذه الفرصة في الدعا له بالمغفرة والرحمة والتي أتى من أجلها المعزون وهو ما عمل من أجله هو وأخوته عبدالرحمن وإبراهيم وعثمان بل حتى زوجته وبناته عاشوا في ظل هذه الأجواء الإيمانية التي تؤمن بقضاء الله وقدره وإنها لله وإليه راجعة لا محالة عظم الله أجر الجميع وصلى وسلم على نبينا محمد. والله الموفق. منصور إبراهيم الدخيل - مكتب التربية العربي لدول الخليج