فيما مضى من الزمن )ما قبل الانفتاح على العالم( سفراً كان أم وسائل اتصال نعرفها جميعاً كان الخوف على المرأة من الرجل، ذلك أنها كانت أرضاً بكراً خالية من التجارب، حالمة رومانسية، تكتفي بشخصه ومعدنه ودينه وأخلاقه، وحبها الصافي من كل شوائب الدنيا، وكانت أنوثتها الطاغية على تكوينها وعاطفتها الجياشة مثار قلق للمسئولين عنها، والمصلحين الاجتماعيين ومن يهتمون بصلاح حالها.. ذلكم ما يمكن أن نسميه عصر هند ودعد التي روت كتب الأدب ودواوين الشعر والتاريخ عنها الكثير مما يشكل «الخطاب الرومانسي الحالم» الذي كانت هند فيه رمزاً للعطاء الرومانسي الجميل «ليت هنداً أنجزتنا ما تعد»، كما يقول عمر بن أبي ربيعة في شعره. وأتصور أن ذلك الزمن قد ولّى وجاء الزمن الذي أصبح الخوف فيه على الشباب من الفتيات. ذلك أنهن بحكم العولمة، والفضاء المفتوح وإدمان السفر، وحفظ أروقة الأسواق ونواصيها، المتناثرة هنا وهناك والاكتحال بالفترينات الضاجّة بالعطور، والإكسسوارات والأزياء، وأجهزة الجوال، ومتابعة أفخر العبايات المخصّرة، والطرح الشفافة، والإعجاب بآخر الموديلات المواصلاتية «من الفياغرا» إلى معرفة أنواع «البي.أم.دبليو» و«الموزاراتي» وامتلاك أنواع بطاقات الائتمان، والإقبال على الماديات بشكل مخيف... أقول بحكم ما أشرت إليه تحولت الفتاة من تلك الرومانسية الحالمة الجميلة إلى بئر استنزاف مادي استهلاكي يحوّل حياة الشاب إلى منفّذ رغبات ومحقق أمنيات.. فإذا لم يكن الشاب قادراً على تنفيذ ذلك كله «فليس له في ودهن نصيب» كما قال شاعر... وما بالنا اليوم لا نرحم شباباً يعانون من هذه القضية.. وما بالنا نخاف على المرأة الفتاة ولا نضع أيدينا على قلوبنا عندما نرصد وضع الشباب!! لقد انقلب السحر على الساحر، أصبحت الفتاة أطول لساناً منه، وتفترض أن يفتح لها الطريق طواعية إذا ما ضاق الطريق في ردهة أو سوق أو في طائرة أو في صفوف الانتظار، أصبح مفترضاً أن ينفذ لها جميع رغباتها.. بالإضافة إلى ظروفه التعليمية والاقتصادية والعملية التي نعرفها جميعاً.. فإذا لم يوفّق فليس له سوى الفشل في العواطف والمشاعر!! وأقدم نصيحتي هذه بهذه المناسبة للشباب الذين هداهم الله «يعاكسون» وأقول لهم بصدق: لا تثقوا بمحبة من تعطيكم معسول الكلام ولا بمشاعر من تهاتفكم ضاربة عرض الحائط بدينها وأسرتها وتقاليد مجتمعنا، وتأكدوا أعزائي أن التي تهاتفكم تهاتف غيركم وما أنتم سوى رقم اذا لم يسدِّد هاتف الجوال أو يشتري تذاكر السفر، أو يقدم قرضاً ماليا، فإنه سوف يُشطب من قائمة الارقام المخزّنة في هاتفها.. فانتبهوا أيها الأحباب.. كونوا على مستوى الحدث الذي أنتم تعيشونه، أمامكم مستقبل لا يرحم.. فكيف لشاب يريد أن ينجح في دراسته وتقدمه العلمي وهو غارقٌ في الالوهات الكاذبة.. هل عرفتم رجلا ناجحاً في علمه أو عمله وهو رجل «معاكس» هل تتوقعون أن يحافظ على صلاته ولا سيما الفجر شاب معاكس، هل تتوقعون أن يتفرغ شاب لأعمال التجارة والربح أو الخسارة ويدخل عالم الرجال الحقيقي وهو معاكس.. أبداً إن المعاكسة شلل للقدرة العقلية والبدنية والنفسية لأى شاب كان.. لا يستطيع أن يعمل في مكتبه أو معمله أو ورشته.. لا يستطيع أن يتفرغ للقراءة والثقافة والتأمل شاب معاكس.. إذن المعاكسة نهاية لأى رجل طموح... وقد أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم بالابتعاد عن الفتنة والمرأة أشد أنواع الفتنة.. لا تعتقدوا أن المعاكسة ساذجة فهي بحكم جبروت قلبها وعدم تقيدها بالمشروع قادرة على نسف أي علاقة غير شرعية متى شاءت.. والحب الحقيقي لا يأتي الا مع الأبواب المشروعة المعروفة لنا جميعاً وهو الزواج فقط. ولو تأملّت أخي الشاب «المعاكس» كم من الشباب أمثالك أضاعوا دراستهم ، وعملهم، وأسرهم، ودينهم قبل كل شىء، وطموحاتهم، بل تعرّضوا للإهانة والجلد والتحقير وغير ذلك. أقول لو تأملت ذلك وفكرت وجدت أن المعاكسات و«المعاكَسة» لا تستحق شيئاً من تلك التضحيات.. فأنت الرجل والمسئول في نظر المجتمع وليست الفتاة إنها بصراحة «تلعب عليك» وترمي بك في غياهب المجهول، وأرغب إليك عزيزي الشاب قراءة سورة يوسف عليه السلام لتعرف مكر الحسناوات، وقدرتهن على قلب الحقائق وتعريضهن للآخرين من الرجال للسجون والظلم والقهر.. يقول الله تعالى: «ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكوناً من الصاغرين» الآية.. سورة يوسف. بقي أن أضيف ملاحظة أخي الشاب: إن الفتاة التي تحاول الإيقاع بك، لا يهمها أمرك اذا ما جدّ الجد. بل إنها في البدء تمارس غرورها الأنثوى عليك لتضيفك إلى قائمة المعجبين العاشقين الذين لا تحترمهم في قرارة نفسها... إذ لو كانت تحترمك أو تحبك.. «لطالبتك بالتقدم فوراً لخطبتها من أسرتها ولقفلت الهاتف في وجهك إذا أنت في مهاتفاتك تماديت».. فهل تفكرون في هذا أيها الشباب قبل أن ترفعوا سماعاتكم طلباً للضياع!! [email protected] ص.ب 90155 رمز 11633 الرياض