يذكرني حال بعض الموظفين (وأضغط بشدة على كلمة بعض) بحال السلاحف.. إنهم يسيرون بهدوء شديد.. قاتل.. هدوء بليد يذكرني بتلك النغمات الهادئة جدا للسلحفاة التي دخلت في سباق مع الأرنب فسبقته لأنه كان مغرورا بسرعته الشديدة التي كان يعتقد بأنه لا يضاهيها شيء، فسبقته السلحفاة بمثابرتها ودأبها على المشي في مسارها.. تلك حكاية تضمنها أحد أفلام (الكارتون) التي كنا نشاهدها ونحن صغار.. والفرق بين تلك السلحفاة وأي موظف آخر في الحكومة غالبا (لأنها هي الوظيفة الأكثر ضمانا). أعود إلى حديثي وأقول إن الفرق بين السلحفاة وذلك الموظف أن هذه السلحفاة خلقت بطيئة وها هي تثابر على مسيرها لانجاز ما يمكن انجازه على فرض ان القصة الكرتونية ممكنة في الواقع.. أما ذلك الموظف فهو المتكاسل المتخاذل الذي لا يرى أن للوقت أهمية لديه ولا يجد في نفسه حماسا لأي عمل.. فعلى سبيل المثال لو ابتلاك الله بالتعامل مع مثل أولئك وكنت بحاجة إلى تركيب صفين أو ثلاثة من الرفوف المعدنية في موقع عملك.. وابتلاك الله مرةأخرى لكي تواجه أنت تلك المتاعب بنفسك فإليك ما سيحدث: 1 في اليوم الأول تتصل هاتفياً وتبلغ مدير المستودع بخطابكم رقم.. وتاريخ.. عن طلبكم هذا وتحمد الله انه وصل اليه، إذ يخيل إليك أن المراسلات بينك وبين الجهات الحكومية الاخرى تتم على ظهر بعير!! ويعدك مدير المستودع بعمل سريع لكنه يحيلك إلى موظف آخر ثم آخر ثم تعود إليه ليعيد إليك حديثاً سمعته ألف مرة!! 2 تأخذ وعداً بأن العمال سيأتون إليك ان شاء الله لتركيب الرفوف. 3 في اليوم التالي تتلقى اتصالاً هاتفياً بأنهم قادمون ورب الكعبة..! قادمون والله الذي لا تنام عينه.. قادمون والذي خلقك وخلقهم وأحسن خلقك وخلقهم.. قادمون نعم والله الذي كتب عليك أن تكون مواجهاً لهم وهم يسعدون بالتعامل معك.. تتوسد مشاعر السعادة في انتظارهم وينتهي اليوم بأكمله ولم تر أحداً!! 4 في اليوم الذي يليه يحدث شيء ما.. تهلل وتفرح وتسمع ضجيجاً في الخارج ثم تفاجأ بأن الرفوف وضعت في الفناء الخارجي أي في محيط عملك حيث لا حجة لديك.. إنهم يعملون بقوة واخلاص وحماس لا نظير له..!! 5 في اليوم الذي يليه ولا مجال لحساب الأيام لكي لا تصاب بارتفاع في ضغط الدم سيأتون.. وينتشرون هنا وهناك.. يرفعون ويضعون.. تسمع صخباً وضجيجاً للاحذية على البلاط العاري وأصواتا للحفر.. وفي النهاية.. لقد انتهى العمل.. وتحمد الله أن تلك الرفوف لم تتآكل قبل تركيبها بفعل الشمس والهواء والمطر.. كان يمكن ان يكون ذلك! أين المسؤول عنهم لا تعلم! (لقد أسمعت لو ناديت حياً)!! ما ذكرته أعلاه لم يكن سوى مثال بسيط عن مستوى العمل في بعض الجهات الحكومية ومن قبل بعض الموظفين ولك أن تحسب كم ساعة.. بل كم يوماً مهدراً في الثرثرة والأخذ والرد الذي لا جدوى منه..!! والحمد لله الذي ألهم عبده صبر أيوب! email:[email protected]