الصحة نعمة من أعظم النعم التي ينعم بها الرب جل جلاله، على عباده، فهي نعمة عظيمة عندما يكون العبد صحيحاً في جسده، سليمة جوارحه، خالياً من الأسقام والآلام، لا يشتكي مما يشتكي منه غيره، ولا يعاني مما يعاني منه كثير من الناس، إن نعمة الصحة كغيرها من النعم، تحتاج للشكر لتدوم يقول الله عز وجل: (ولئن شكرتم لأزيدنكم) ومن شكرها استغلالها واستثمارها حسب مايريد المنعم بها حيث إنه الله سبحانه، وفي ذلك السلامة من الغبن والخسارة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)، نعوذ بالله ان نكون من الذين يكفرون النعم ولا يستفيدون من صحتهم ولا يستثمرون وقت فراغهم، ومن التوجيهات النبوية الهامة، التي صدرت عن النبي صلى الله عليه وسلم: الحث على اغتنام الصحة لأنها قد لا تدوم، ففي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمسا قبل خمس) وذكر من هذه الخمس: (وصحتك قبل سقمك) فالصحة نعمة مؤقتة، ينبغي لكل مكلف ان يستعين بها على طاعة الله واتباع مرضاته والتقرب إليه بالأعمال الصالحة، قبل ان يبتلى بالمرض فيتمنى ذلك فلا يقدر عليه وعندها يندم على تفريطه وإهماله، ومن الأمور الهامة التي ينبغي للمسلم ان يستشعرها لكي تكون دافعاً له إلى استثمار صحته انه عندما يفقد تلك الصحة فإن جميع الأعمال التي كان يعملها في حال صحته يكتب له أجرها، وتجرى له حسناتها ويأتيه ثوابها، والدليل على هذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما)، أخي القارئ الكريم: ما أحوجنا إلى وقفة مع النفس، لمحاسبتها عن مدى تفاعلها مع توجيه الذي قال الله عنه: (حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)، وتزداد الحاجة وتتأكد في هذا الزمان الذي كثرت فيه الأمراض الخطيرة التي تنهي الصحة بلحظات وجيزة، قبل أيام، كنت في زيارة لأحد الأقارب، وكان في المستشفى في قسم العناية المركزة وقد توفي بعد ذلك رحمه الله وأسكه فسيح جناته لفت انتباهي أحد المرضى من الذين في القسم، أصيب بجلطة فتجمع حوله أقاربه، بين باك وواجم، وصامت يفكر، لايدرون ما يفعل به، لحظات وإذابهم يستبشرون يبشر بعضهم بعضا، بماذا؟ بأن حرك رجله! لا إله إلا الله! صار تحريك الرجل موضع بشرى! لذلك نحن بحاجة لمحاسبة أنفسنا، والنظر في أحوالنا حال صحتنا، ما مدى استفادتنا منها؟ هل اغتنمناها كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم أم فرطنا بها فصرنا في عداد المغبونين؟ هل شكرنا الله على نعمة الصحة فجعلناها وسيلة للوصول لرضاه والتقرب إليه وطاعته، أم أننا استخدمناها فقط لهذه الدنيا الفانية الملعونة؟ أسئلة آمل ان تجد جوابا صائبا!! * إمام وخطيب جامع الخلف بحي صلاح الدين بحائل