من الاولويات التي عني بها الانسان ان يجد في طلب النجاح وان يرتقي اليه ما استطاع له ولمجتمعه ولمن حوله فالعطاء هو القيمة التي وجدت لتدوم وتحيي سمو القوة والحق والجمال لان النجاح من اكلف ما عني الانسان به وسعيه اليه قديم قدم الأزل وهو بذلك يقفز بعيدا عن الفشل الذي عرفه الانسان بانه هو الشيء الوحيد الذي يمكن تحقيقه بدون أدنى مجهود. وليس بخافٍ ان من ابجديات التخطي المدروس للوصول الى الافضل دائما تبدأ من منطقية التكاليف واتساع حدودية عطائها وتجريدها من الرغبات الشخصية خصوصا فيما اذا كان هذا الوصول إلى الافضل وهذا النجاح يمثل أحد مسارات المشاركة الوطنية الفعالة والتي تترجم في النهاية الدور الذي يقوم به الانسان خادمة بذلك الوقت والجهد ومروضة الاضداد التي تتنازع فيما بينها، ويمثل القيام بالاعمال الادارية على اكمل وجه هاجس الادارات أينما حلت بها التكاليف والاعمال لان الادارة في الدوائر والجهات المختلفة تمثل الدور العملي لاي من مسارات العمل الاداري سواء فيما يتعلق بالتخطيط او المدارسة او على خطوط الإنتاج ومن اصعب ان تستقيم النجاحات بدون فرضية الادارات التي توجد الرسم المحكم والصائب للموجودات التي تقع ضمن اختصاصاتها ومسؤولياتها بدءاً من قائد الادارة وحتى أقل الرتب فيها والمدير او القائد هنا يمثل الجانب التطبيقي النافذ في القرارات وما لم يكن في مستوى الاحداث والتغيير المسؤول فسوف يعاني وتعاني معه الادارة كثيرا خصوصا في المديرين الجدد الذين تكون لديهم الرغبة في ان يروا أنفسهم في مرآة الادارة بنزعة جامحة لوضع البصمة الخاصة بهم على هيكل وتشريع العمل وقد يكون هذا من اصعب المعضلات التي تواجه الادارات والعمل الاداري بشكل عام حتى ان تغيير الرؤساء والمديرين اصبح يحمل عبئا على عناصر وموجودات العمل الاداري ومنهجيته الوظيفية لعدة اسباب أولها رغبة التغيير لمجرد التغيير في الطاقم الاداري وثانيها العمل على زرع كوادر بشرية تحمل تخصصات لا علاقة لها فيما يوكل لها من اعمال وثالثها تغليب النظر على الشكل الخارجي للادارة على حساب الاحتياجات الرئيسية ورابعها التفريع او الدمج غير المقنن للادارات وفروعها والذي قد يؤدي إلى إما التكدس العددي او تضاد استراتيجيات الادارات او الاتكالية في إنجاز الاعمال مما يحدث الخلل في اوجه العمل الاداري بشكل عام وخامسها تعديل وتغيير صيغ يتم العمل بها وفق رؤية الادارات الفرعية من واقع خبراتها وتعاطيها مع طبيعة العمل الذي تقوم به وسادسها الانعكاسات التي قد تنشأ كنتاج لهذه السلسلة من التنقلات غير الموفقة والتي من أبرزها الشللية بين العاملين مما قد يحدث شرخا في خارطة العلاقات الإنسانية والاجتماعية بين افراد الادارة الواحدة وسابعها تهميش دور بعض الادارات دون النظر الى إسهاماتها وفاعليتها في مجال خدمة العمل. وبعد هذا كله تشرع الادارات بعمليات الترميم بغية التأقلم مع نظام ورؤية القائد الجديد والتي لا تكاد تنتهي منها حتى يحل قائد اخر فيرمي بثقله على نهج هذه الادارة وأساليبها التي بدأت بالتأقلم معها. إن معاناة العمل الاداري والإهمال والتقصير لا تنتهي بوجود قائد ناجح فقط بدون ايديولوجية نشطة تأخذ في الحسبان كل المتغيرات والاستحداثات النافعة ولا تنتهي المعاناة بوجود طاقم من الموظفين والعاملين على قدر من العطاء والاخلاص في ظل محدودية التخطيط البعيد المدى وفي ظل غياب التقنية الادارية بأبعادها المختلفة من العلاقات والخبرات التي تكون معينا على تجاوز التقصير والإهمال والجهل الاداري.. ان توظيف شخصية القائد بكل ابعاده في حوض الادارة بما تحمله من المفارقات والتضاد وعلى أي وجه كان تحيز العمل برمته وفق تطلع شخص واحد فقط في حين ان الواقع يفرض انه متى ما حل قائد جديد لادارة ما فإن اولويات التخطيط ان يكون هذا القائد امتدادا لمنهج وطريقة الادارة السابقة كما ان ذات الواقع لا يمانع من التجديد بما يخدم مصلحة العمل طالما كان ذلك في سبيل تدعيم التوجهات والتطلعات المرجوة والتي تمس الاهداف التي تعنى بها الادارة والعمل معا وطالما لم تصل الى حد بسط نفوذ الرغبات الشخصية بما يدعو الى المراجعة والتدقيق والتفحص بمدى استقلالية القرارات والتغييرات عن الرغبة والرأي الشخصي. ومتى ما اتفق على النجاح بتناسق جلي وواضح فسوف يحصل هناك مزيد من القوة الدافعة إلى الامام ربما لم تكن موجودة في السابق. ان من قصور النظرة رفض كل جديد خشية التغيير فقط ولكن تمايز نظرات المديرين تفرض واقع التنظير وفتح وتشغيل برمجيات التكيف سعيا الى الافضل كما ان اللحظة التي تأتي فيها القرارات التي تتم بالفردية هي نفس اللحظة التي تبدأ فيها إشكالات التقصير والإهمال غير المبرر. محمد بن سعود الزويد مشرف اجتماعي جامعة الإمام بالرياض