الفن.. هذا العمل الخالد والغامض، الذي يلف من حوله مدارس البحث وتدور في محاولة لا تنتهي لتفسير ظاهرة الإبداع عند الإنسان ابتداء من إنسان الكهف حتى إنسان الفضاء هل الفن وسيلة من وسائل الإنسان للسيطرة على الواقع واخضاعه لمطالبه المادية والروحية أم هي أداة ومظهر واستسلام للطبيعة، هل هو محاولة لتجميل الحياة واضفاء طابع مثالي عليها أم هي تقديس للحياة والطبيعة وتسجيلها كما هي إعجاباً وعبادة؟ في هذا الحوار نقف على مكنون التشكيلية بدرية الناصر، وكشف الإحساس الداخلي لها. * بين انطلاقة فنان.. ونهايته.. أين يكمن الابداع؟ - يكمن الابداع في أعماقه أيضا ومنها. يقول اوسكار وايلد: كل رسم رسم بعاطفة واحساس هو رسم للفنان، لا للنموذج الجالس أمامه. أؤكد ان هذا صحيح فالاحساس هذا اللون الذي يتمدد على مساحة اللوحة. * بين ظلال طيف ألوان.. وبين وميض رؤيا فنان.. إلى أي مدى يسافر فكر الفنان..؟ - يسافر إلى آخر وآخر المدى.. ويبحر بسفنه اللاعودة. * بين عمق إحساس.. وتضاب عصور.. إلى أي مدى يترجم هذا الاحساس على جسد اللوحة..؟ - هنا يغيب الزمن.. وتتشابه العصور.. ويحضر الفنان بخياله ليحضر في جسد اللوحة. * بين جزر.. وبحيرات. إلى أي مدى تبحر ريشة الفنان..؟ - تبحر الريشة به إلى حيث تقفز به الريح ليزور ويطوف البحار.. ويستقر عند جزر الأحلام.. المنسية وفي ذهن البشر. * بين خطوط الطول.. وبين خطوط العرض.. إلى أي مدى تجدين مكانك في الفن التشكيلي؟ - أجد نفسي بين كل هذه الخطوط في عرضها.. وطولها.. * بين هبوب رياح الشمال. وبين عواصف الحياة المختلفة. كيف يستطيع الفنان تجسيد المشهد للمتلقي..؟ - حين يملك التوازن أثناء العمل بحيث.. يمكنه ان يهزم الريح ويستقبل عواصف الحياة بكل اتجاهاتها حتى يصل إلى المتلقي.. أينما يكون.. * هناك أربعة فصول في السنة متى يكون ربيع الفنان..؟ - يكون ربيع الفنان عند تألقه. وحلمه.. وصدقه.. ونضجه.. متى يكون خريف الفنان..؟ - يكون خريف الفنان.. عندما يعجز عن إكمال الرحلة مع فرشاته * متى يكون شتاء الفنان..؟ - عندما تنتهي أحلامه. * متى يكون صيف الفنان..؟ - عندما تتراكم في المخزون لوحاته. * متى يتوقف نبض الإحساس باللوحة.. ويقطع وريد اللون. وتنكسر ريشة الفنان..؟ - عندما يكون الهدف من اللوحة تجارياً. * بين ماض.. وحاضر.. ومستقبل.. إلى أي مدى تقفز ريشة الفنانة بدرية لتحدد الخطوط العريضة في شكل وجه اللوحة الفنية المستقبلية..؟ - تقفز بي الريشة إلى حيث الأبواب والنوافذ التي تفتح على الحلم الذي لاينتهي حين يملك ذلك البياض حيث أجمع بين حصاد التجربة في تحديد الخطوط. * في تضاريس.. ومرتفعات اللوحة.. ما الوقت التي تستغرقه الريشة لتجاوز هذه المطبات الجغرافية؟ - ليس هناك وقت عندما تبدأ البداية فالعمل عندي لايمكن ان أحدده بزمن خاصة وأنا أرحل بين تلك التضاريس.. والمطبات .. وتلك الملامس. * في أخدود الحياة. هناك مواضيع مدفونة.. كيف يستطيع الفنان حفرها.. ونقشها في ذاكرة اللوحة..؟ - حين تفرض تلك الأحداث نفسها فتأتي على شكل خط.. ولون.. وإحساس.. * ما بين إقبال فكرة.. وإدبارها.. هناك رابط بينهما.. هل يكون العامل النفسي.. أم العامل البيئي.. أم الإحساس بمعاناة تفرض على الفنان مواصلة ضربات الريشة وتركه تسترسل الأفكار..؟ - كل هذه الأشياء تجتمع مع بعضها لتكون العمل الكامن في الذاكرة. * في خارطة جغرافية الفنان.. ماهي مدن مواقع معرضك..؟ - مدن تسكنها الرومانسية.. والحلم.. والإحساس.. * بين بدء انطلاقة معرض.. وبين إقامة آخر.. هناك خلجات مختلفة في تكوين رؤيا مختلفة.. ماهي حصيلة هذه الرؤيا..؟ - مازلت أبحث عن الأفضل.. وما زلت أحاول اقناع نفسي أنني مازلت أبحث عن ذاتي. لأحقق وأجمع حصيلة ترضي غرور الفنان في أعماقي.. * تشريح لوحة فنان تحت مكروسكوب ناقد سواء نقد بناء هادف.. أم هدام.. أيهما يسرع حركة تطور الفنان.. ولماذا - ناقد هادف لأنه أصدق.. * يقول هنري وورد بيتشر: كل فنان يغمس فرشاته في روحه، ويرسم طبيعته الخاصة في رسومه. في حالة الفنان وهو يقف على الطريق بين أشلاء لوحة مبعثرة في الرياح. وريشة تمشي حافية الأقدام فوق أشواك أفكار.. وألوان طيف تقطر دما.. كيف يستطيع الفنان تجسيدها..؟ - إنه الفن الذي يصعب فلسفته وهو يعيش في أعماق الفنان.. ومعه. * يقول توما الاكويني: الفن هو مجرد طريقة صحيحة لصنع الأشياء. وان اختبار الفنان لا يكمن في الإرادة التي تحدوه إلى العمل.. ولكن في اتقان العمل الذي ينتجه.. إذاً متى يكون الفنان مميزاً..؟ حين يكون فيلسوفاً..