الزواج من سنن المرسلين شرعه الله لعباده لبقاء الجنس البشري وعمارة الكون بواسطته تتكاثر البشرية كما أراد الله لها ذلك وخلقهم لعبادته قال تعالى «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» قال تعالى: «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرا ونساء.. الآية» النساء«1» وقال تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم ازواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة.. الآية» الروم«21». وقال تعالى: «والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة.. النحل» «72». ويحرص الناس على استغلال الاجازات الرسمية واجازات الاعياد لإقامة حفلات الزواج. لذا تكثر مناسبات الزواج في العطلة الصيفية. وحيث ان الاجازة على الأبواب وحيث يسرف كثير من الناس في امور الزواج فيما لا فائدة فيه. ولا يعود على طرفي الزواج بخير. كما أنهم يرتكبون بعض المحظورات المنهي عنها شرعاً. والمكروهة أدباً وذوقاً أثناء حفلات الزواج ومن ذلك: بطاقة الدعوة: يسرف بعض الناس في طباعة الدعوة واختيار الاصناف الغالية ذات الاوراق الفاخرة والألوان المتنوعة. والخطوط الراقية. وتكلف هذه البطاقة صاحبها الكثير من المال. ويكفي بدلاً عنها بطاقة عادية تتوفر فيها كافة الشروط المطلوبة. ويجدر بالإنسان العاقل التفكير بمصير هذه الزيادة. ولمصلحة من؟ ألا يعتبر ذلك من الإسراف والتبذير المنهي عنه. ألا يمكن الاستفادة منها في وجوه متعددة. وقد يكون صاحب الدعوة احوج الناس الى قيمتها لظروفه المادية الصعبة. وإذا كان موسراً ألا يبحث عن مصرف لهذه الزيادة يستفيد منه الآخرون مادياً. ويعود على صاحبه بالبر والإحسان والاجر العظيم. وكثيرة هي مصارف ومجالات الاحسان في بناء المساجد وترميمها. وتزويدها بمتطلبات التكييف والكهرباء والسباكة الى غير ذلك من المجالات المتنوعة التي يمكن للمسلم المساهمة فيها. كما ان للفقراء والمساكين نصيبا من ذلك. ألا يعلم صاحب الدعوة المبالغ فيها ان مصيرها صندوق القمامة بعد تمزيقها وقد لا يطلع عليها المدعو نهائياً. وقد لا يحضر المناسبة . فلماذا الاسراف والمبالغة في شكلها وثمنها. وثمة أخطاء في اسلوب الدعوة وطريقة ايصال البطاقة الى المدعوين، فبعض الناس يسلم البطاقة للأطفال وبعضهم يرميها على المدعو من تحت الباب دون علمه وبعض الناس يسلمها الى احد الأقارب لايصالها وجميع هذه الحالات قد لا تصل. او تصل بعد فوات الأوان. او تصل متأخرة ومسبوقة بدعوة أخرى. وجميع هذه الأساليب تشعر المدعو بعدم الاهتمام به وبحضوره . وكأن الأمر مجرد روتين يمارس. وكان الأولى ايصال الدعوة مباشرة للمدعو او الاتصال الشخصي به هاتفيا وهذا ابلغ دعوة للمدعوين ففيه اشعارهم بتقديرهم والاهتمام بهم وطلب حضورهم وتلبية الدعوة. وقد يكون في المدعوين من اصحاب المقامات او المكانة العلمية او الاجتماعية الذين تجب دعوتهم مباشرة ومشافهة من صاحب الشأن تقديراً لهم. وهنا يلزم المدعو اجابة الدعوة، كما ورد في السنة النبوية المطهرة مالم يحصل موانع لذلك. ويخطئ كثير من الناس بدعوة الدهماء ممن يعرفون ومن لا يعرفون فيختلط الحابل بالنابل. ويجتمع في قصور الافراح من لا يتعارفون وهذا خطأ كبير. اذ ان الدعوة يجب ان تشتمل على أقارب العروسين والجيران والاصدقاء فقط ليتحقق التآلف والتعارف ويتحقق مفهوم الدعوة والاجتماع لهذه المناسبة. لان الهدف من الحفل شرعيا هو اعلان الزواج وحصول الأنس والفرح لمن يهمهم ويعنيهم أمره. وقد حث الإسلام على تيسير امورالزواج ورغب في ذلك نظراً لما له من اثر في اعفاف الشباب بنين وبنات. وبناء الاسرة المسلمة والشباب احوج ما يكونون الى المساعدة والمساندة وتيسير الأمور لانهم في بداية حياتهم ويحتاجون الى الكثير من مقومات الحياة وبناء الأسرة كالمنزل والزوجة والسيارة والأثاث وما الى ذلك من متطلبات الحياة ولا سيما في عصرنا الحاضر الذي كثرت فيه المتطلبات وارتفعت فيه الأسعار لكثير من شؤون الحياة. ومن تيسير الزواج عدم المغالاة في المهور لأن الهدف الأسمى هو بناء الاسرة لا التجارة والمفاخرة. وقد ورد ان افضل النساء ايسرهن مهراً.«إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه». فواجب على الجميع مراعاة هذا الجانب حتى ولو كان الزوج قادراً غنياً ليكون قدوة للآخرين ومثلاً طيباً يحتذى به في المجتمع. وكما ان الإسراف في المهور مذموم. فكذا الاسراف في الولائم وعلى المرء الاكتفاء بما يفي ويغطي الحاجة دونما اسراف ولا تبذير لان التبذير اهدار للمال بغير وجه حق وهذا منهي عنه ومكروه شرعاً. قال تعالى في ذم المبذرين ووصفهم بأنهم اخوان الشياطين والحث على التوسط في الأمور فخير الأمور الوسط. «وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا. إن المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا». وقال تعالى: «ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً». فالتوسط في الأمور أمر مطلوب دينا ودنيا. ثم لنتساءل؟ لمصلحة من هذا الاسراف والتبذير. وإن المسلم ليحترق كمداً وخوفاً من الله عندما يرى الذبائح واللحوم وانواع الاطعمة تحمل في وسائل النقل لترمى في الصحاري والبراري، وقد ترمى في المزابل وصناديق البلديات من بعض الناس ولا نقول اغلبهم لان هناك من يحترم النعم ويحافظ عليها، ويعمل على حرقها والاستفادة منها بتوزيعها على المحتاجين او الاستعانة بمن يقوم بذلك لقد اعجبت مرة وانا اشاهد شبابا في الحج لاتتجاوز اعمارهم العشرين عاما وهم يقومون بطبخ ذبائحهم «فدوهم» ويجهزونها بالارز والخبز ويقومون بتوزيعها في صحون مغلفة على الحجاج حفاظا على النعمة من الضياع والانتهاك في المجازر والمسالخ ويريدون بذلك وجه الله والدار الآخرة. وتلك سنة حسنة يجب الاخذ بها في كل مكان وفي كل مناسبة متى دعت الحاجة الى ذلك، وتتعين في مناسبات الزواج و كثرة الولائم. اذ لايسوغ للمسلم امتهان النعمة وهو يرى اخوانه المسلمين في الداخل والخارج يبحثون عن لقمة العيش وكسرة الخبر ومنهم من يموت جوعا تحت لهيب الحرارة او قارس البرودة او تحت نيران المدافع والصواريخ الموجهة اليهم من الاعداء يجب على المسلمين ان يكون شعورهم واحدا واحساسهم واحدا يعيشون هم اخوانهم المسلمين في مختلف بقاع الارض «المسلمون كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر» «المؤمنون كالبنيان يشد بعضه بعضا» والمحافظة على النعم، وعدم الاسراف والتبذير فيها. والبحث عن المحتاجين ليستفيدوا من فائضها كل ذلك من شكر النعم للمنعم سبحانه. ومن عدم الاسراف والتبذير البحث عن اماكن ملائمة لاقامة افراح الزواج عليها خلاف قصور الافراح التي تتطلب مبالغ كبيرة ترهق كاهل الطرفين بدون وجه حق، ويمكن الاستفادة من الاستراحات التي كثرت وانتشرت في الآونة الاخيرة حيث تتوفر فيها الخدمات ووسائل الراحة والمتعة و التجهيزات اللازمة، وفيها السعة والخضرة وكثير من الامور التي لاتتوفر في قصور الافراح علاوة على الاجرة الزهيدة التي تتلاءم وقدرات الشباب واصحاب الدخول الضعيفة. أو إقامة حفلات الزواج في المنازل والاقتصار في الدعوة على اقارب العروسين والجيران وستكون كافية لاتساع الفلل والمساكن الحديثة وتوفر الخدمات فيها.. هذا افضل من القصور والاستراحات. ويلاحظ في الآونة الاخيرة ان الناس قد تفهموا للحياة ووعوا لذلك وبدءوا يستفيدون من الاستراحات و المنازل لمختلف المناسبات وفي هذا غاية الاعتدال ومنتهى العقل. وعلى الرجل اللبيب تقع المسؤولية في التغلب والسيطرة على العواطف الموجودة لدى بعض افراد الاسرة وكبح جماحهم وتوعيتهم والاخذ بايديهم لما فيه الخير والصلاح. وفي مناسبات الزواج والافراح وفي كل حين تعظم مسؤولية الرجل في عدم اتاحة الفرصة لوسائل اللهو والطرب اثناء حفلات الزواج او السماح للنساء اللاتي اعتاد الناس على احضارها بغالي الثمن لازعاج الناس وارتكاب الآثام، لان هذه الامور مظهر سيىء فيه كفران للنعمة ومعصية لله ولايتقرب الى الله بمعصيته، ويفضل شغل الوقت بما يفيد من قراءة القرآن او سماع الاشرطة المفيدة المنتقاة والمناسبة لهذا الموضوع الذي من اجله اجتمع الرجال والنساء، واعتبار الاجتماع فرصة لاعلان الزواج، والتعارف بين الاسر، وهذا ايضا من شكر النعم والاعتراف بها حسيا ومعنويا. ويتعين على الجميع تناول الطعام وانهاء مراسم الزواج والانصراف في وقت مبكر لما في ذلك من الراحة والاطمئنان ومحاربة السهر الطويل في القصور لما في ذلك من الاضرار البليغة على الجميع ومن ذلك التخلف عن صلاة الفجر. ومن علامات شكر النعم ايضا الاستفادة من الاطعمة المتبقية بتوزيعها على الفقراء والمحتاجين او دعوة جمعية البر الخيرية لاستلامها و توزيعها بمعرفتها حيث يتوفر لديها سيارات وثلاجات مجهزة اعدت لهذا الغرض لاستقبال الاطعمة وحفظها ومن ثم توزيعها. هذا ونحن مقبلون على مواسم الافراح خلال الاجازة الصيفية. دعوة صادقة موجهة للأولياء واصحاب المناسبات رجالا ونساء للاعتدال في المهور، وعدم الاسراف والتبذير في الولائم ومناسبات الافراح وترشيد المصروفات ما امكن والاستفادة من فائض المناسبات للمحتاجين والفقراء ومساعدة الزوجين في كل ما يوفر لهما حياة هادئة سعيدة بعيدة كل البعد عن التكاليف الباهظة والديون الثقيلة التي ترهق كواهلهم حاضرا ومستقبلا والدعاء للعروسين بالتوفيق. وان يجمع الله بينهما بخير ويرزقهما الذرية الصالحة التي تسعدهما في الدنيا والآخرة فما احوجنا الى الاسرة الصالحة، التي منها صلاح المجتمع باسره والله الموفق والهادي الى سواء السبيل. سليمان بن فهد الفايزي