أواه يا دنيا المتاعب.. أواه يا دنيا أجدبت إلا من خفقات قلوب عاشوها.. بحلوها ومرها.. دنيا لا ترحم ولا تأبه بحال فلان من الناس تلقي بالآهات والأنات على كاهل أناس ضعاف.. وترفل بالمسرات على قلوب أناس كتبت لهم الدنيا سعادة وأنسا.. مالي وللحديث عن دنيا المتاعب والملذات.. أأفيق من غفوتي على صوت أنّات صديق عزيز انتابه القلق.. وحسرات تلو حسرات.. تنطلق كالسهام من صدره المهموم..وعقله المثقل بالهموم..!! وزفرات مكلوم!! آهات تقف متحشرجة عند تنهيدة الأمل المرتقبة.. والمرجوّة!! والتي تخرج من صدره بشق الأنفس فآه.. تعني وتُغني عن ألف كلمة وكلمة يهمس بها لتحكي واقعه الأليم، مع دوام القلق وطول الأرق.. بحق!! من منَّا شارك صديقه همومه وأوهامه واحتوى آهاته وأناته، ليتني أبحر عبر عيني طفل لأعيش السعادة بملء عينيه.. ولا أبحر عبر عيني مهموم شاحب الوجه!! أقرأ في عينيه القلق وأبدي له ساعة صفاء مع النفس واستجداء. سبب هذا القلق والهم؟ إلا أني أقابل بآهات حرَّى.وياليتني أدركت سببها لأنتزعها من صدره انتزاعا ولكن هيهات!! وقد يكون مصدر القلق من أمرين اثنين: إما أن تكون بخير أو تكون مريضاً.. في ظني من يعيش الخير فلا داعي للقلق أما المريض فيقلق لأنه بين شفاء وموت.. أما إذا تماثل للشفاء فلا داعي للقلق ولكن إذا كُتب له الموت فعليه أن يقلق على أمرين: هل مصيره إلى جنة أم إلى نار؟ لذا يجدر بنا أن نواسيه ونرجو له بمشيئة الله أنه من أهل الجنة وهنا ينتفي القلق. هذا هو القلق: المرض النفسي القاتل بكل مزاجيته وعصبيته علينا أن نقلل من شأنه لعدم وجود ما يستحقه!!؟ ومن وجهة نظري أرى أن القلق هو داء العصر ولعل من مسبباته سرعة التأثر والانفعال بلا كابح أو لاجم. ومن قراءتي عن القلق عرّف «رينيه لوسين» القلق في كتابه «طباع» على أنه ملكة في الانسان تجعل منه شخصاً شديد الحساسية غير قادر على ضبط مشاعره وردود فعله. وما أكثر العاطفيين في مجتمعنا.. لذا أرى من - منظار علم النفس - ان العاطفيين هم أكثر عرضة للقلق والتوتر من غيرهم. والانسان العاطفي متبدل المزاج وبلا سابق انذار لمجرد ذكرى فراق حبيب شغل وداهم فكره وذهنه فهو سريع الرضا بقدر ما هو سريع الاكتئاب. وهذا التبدل المفاجئ في عاطفة الفرد قلق عاطفي - قد يُغلَّف بالكآبة والصمت الأمر الذي يدفعه للعزلة والوحدة - وقد تتبدل حاله إلى الهيجان والصراخ، وقد تصل إلى حالة هستيرية تتعدى إلى الاعتداء على الآخرين وفي النهاية يكون هو أول المتضررين. هذه الحالة التي تنتابه حالة مزعجة ومؤلمة لمن حوله حيث يصعب عليهم اتباع اسلوب معين في التعامل معه.. أستطيع أن أطلق عليه «البنادول» يتخبط ما بين الرضا والغضب.. التشاؤم والتفاؤل.. الهدوء والهيجان. هو كالزئبق متبدل المشاعر والأحاسيس. ولكن من الحلول الناجعة للقلق ولكل قلِق!! ثلاث خطوات يتبعها الانسان القلِق: «الصمت - التأمل - الايحاء الذاتي» وعندها يستطيع الانسان القَلِق أن يروَّض نفسه وليحوِّل قلقه السلبي إلى ايجابي بحيث يستطيع كبح جماح نفسه وإدارة طاقته الانفعالية وتوجيهها لصالحه كدفعة ابداعية في علمه وعمله!! وهذا لا يكون إلا بالوصول لصفاء الذهن والهدوء واعتدال المزاج. وهنا أستطيع تحديد نمطين للقلق.. سلبي وايجابي. أما السلبي فهو الجنون والضياع وأما الايجابي فهو العبقرية والابداع، وهنا ندعو الله بأن يجنبنا القلق السلبي وأن يصيبنا بالقلق الايجابي الفعَّال والذي يجعلنا نقلق على حرمات المسلمين وعلى حقوقهم المنتهكة ونكون متفاعلين مع قضايا المسلمين متّحدين ضد أعدائنا وهنا لا داعي للقلق.. واللهم اجعلنا من أهل الجنة نحن وجميع من بيننا خصومات من اخواننا المسلمين واخواتنا المسلمات، وهنا أكون قد أدركت جزءاً من قلق هذا الصديق العزيز عن طريق الإيحاء الذاتي.. وكل عام وأنتم بخير ونحن على أمل قلق إيجابي جديد. سليمان بن ناصر بن عبدالله العقيلي