من الأمور التي لها أهمية في زيادة الإنتاج واستمراريته كما أن لها دورا في إمداد المجتمع باحتياجاته المادية الأصول الرأسمالية المنتجة، فالإبقاء على تلك الأصول والمحافظة عليها لتستمر في الإنتاج من الجوانب التي تلقى عناية خاصة من دارسي الاقتصاد والإدارة لما لها من تأثير على المحافظة على الطاقة الإنتاجية للاقتصاد القومي. روى البيهقي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه نُهي عن الحكرة بالبلد وعن السوم قبل طلوع الشمس وعن ذبح قني الغنم. كما روى ابن ماجة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى رجلاً من الأنصار فأخذ الشفرة ليذبح لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إياك والحلوب. كما روى مالك بلاغاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فوجد فيه أبا بكر وعمر بن الخطاب فسألهما فقالا أخرجنا الجوع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أخرجني الجوع فذهبوا إلى أبي الهيثم ابن التيهان الأنصاري فأمر لهم بشعير عنده يُعمل وقام بذبح شاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نكب عن ذات الدر فذبح لهم شاة واستعذب لهم ماء معلقا في نخلة ثم أُتوا بذلك الطعام فأكلوا منه وشربوا من ذلك الماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتسألن عن نعم هذا اليوم. وروى البخاري عن ضرار بن الأزور قال أهدينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نعجة فحلبتها له فلما أخذت لأجهدها قال لا تفعل دع دواعي اللبن. من خلال هذه الأحاديث ندرك اهتمام الإسلام بالأصول الإنتاجية للإبقاء عليها منتجة، ويمكن من خلالها تحديد الإطار العام لكيفية معالجة الإسلام لهذا الجانب من جوانب العناية بمكونات رأس المال الإنتاجي في الأمور التالية: أولاً: ضرورة وضع الخطط واللوائح والإجراءات التي تساعد على إطالة العمر الإنتاجي للأصول المنتجة سواء من خلال توعية مالكي هذه الأصول بأهمية العناية بإطالة الأعمار الإنتاجية لها ووضع الضوابط الإجرائية من قبل الجهات الحكومية المشرفة على القطاع الإنتاجي لتحسين تلك الأصول والإبقاء عليها منتجة مدة طويلة. ثانياً: القيام بالدراسات العلمية والتطبيقية على الأصول الإنتاجية لتحديد مستويات التشغيل التي تساعد على المحافظة على الأصول منتجة وإلزام مستعملي تلك الأصول بتلك المستويات من التشغيل ويرشد إلى ذلك حديث ضرار بن الأزور. ثالثاً: إن مفهوم الأصول المنتجة كما توجه إليه هذه الأحاديث هي تلك الأصول التي تنتج أصولاً منتجة أو تلك الأصول التي تنتج سلعاً استهلاكية نهائية تشبع حاجات الفرد كما يمكن الاسترشاد من مجمل دلالات هذه الأحاديث إلى ضرورة تدخل الجهات المشرفة على اقتصاديات الإنتاج في الدولة لتحديد أنواع الأصول المنتجة ووسائل وطرق الصيانة والحدود العليا للطاقات الإنتاجية التي تساعد على إطالة العمر الإنتاجي لها ووضع الجزاءات على المخالفين مع إلزام المنتجين لهذه الأصول بضرورة ارشاد مستخدميها مع توفير قطع الغيار اللازمة للصيانة سواء من اجل إطالة العمر الإنتاجي أو تحسين الأداء التشغيلي، وإلزام مالكي هذه الآلات بذلك تطبيقاً للقاعدة الشرعية وهي ان المصلحة مقدمة على المفسدة، وهذه القاعدة نابعة من المقاصد الضرورية التي أمر بها الدين والمتمثلة في حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال ومن مقتضيات حفظ المال المحافظة عليه والتدخل من قبل ولي الأمر إذا اقتضت مصلحة الأمة ذلك.