تمثل الزراعة المصدر الأساسي في النشاط الاقتصادي لمعظم الدول كما انها القدرة الفاعلة في الناتج القومي سواء من ناحية ما توفره من مواد أولية لمعظم الصناعات الغذائية او ما تساهم به في توفير الأمن الغذائي للمجتمع. لقد اهتم الاسلام بالنشاط الزراعي وما يرتبط به من تنمية للثروة الحيوانية ونجد كثيرا من التوجيهات النبوية المتمثلة في السنة النبوية القولية والعقلية تعطي أهمية كبرى للنشاط الزراعي. لقد أعطى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عنايته للتخطيط الجزئي للنشاط الزراعي بقصد توجيه الانتباه الى العناية بالتنمية الزراعية واخذ جميع المعطيات المؤثرة على فعالية النشاط الزراعي في الحسبان. روى البيهقي حديثا مرسلا عن علي بن الحسن عن ابيه عن جده قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فقال يا معشر قريش: انكم تحبون الماشية فأقلوا منها فإنكم بأقل الأرض مطرا واحرثوا فإن الحرث مبارك وأكثر رقبة من الجماجم. كما روى ابن ماجة عن هشام بن عروة عن أبيه عن أم هاني رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لها «اتخذي غنما فان فيها بركة». بدراسة وقفة هذين الحديثين يمكن اادراك الاستراتيجية التي وجه اليها الرسول الكريم أمته فيما يتعلق بالتخطيط الجزئي للنشاط الزراعي بما في ذلك تنمية الثروة الحيوانية التي تتلخص في الأمور التالية: اولا: مراعاة الظروف المناخية عند وضع الخطط الانتاجية للنشاط الزراعي وتحديد نوعية الانتاج الذي ينبغي إنتاجه فالرسول الكريم أعطى للظروف المناخية والمكاتبة دورا في تحديد نوع المنتج الزراعي والحيواني فمنطقة مكةالمكرمة منطقة رعوية وليست منطقة زراعية بخلاف المدينة وقد أخبر الله عنها في قوله تعالى: «رب إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم» فالرسول الكريم يُرشد من هاجر من قريش الى طبيعة الأرض التي هاجروا اليها وانها منطقة لا تصلح للرعي وانما هي منطقة صالحة للحرث مع التنبيه الى أهمية الزراعة وانها مباركة. ثانيا: تحديد توعية الثروة الحيوانية التي ينبغي تربيتها بما يتلاءم مع الظروف البيئية بحيث لا يحصل جور على الغطاء النباتي، ففي حديث أم هاني رضي الله عنها يوجه الرسول الكريم الى تحديد نوع بهيمة الأنعام التي ينبغي تربيتها والتي تلائم الظروف الطبيعية والبيئية السائدة في منطقة الجزيرة الصحراوية. ثالثا: مراعاة ان تكون وسائل محاربة الطيور والحشرات الضارة بالنباتات من الأشياء التي لا تؤثر على التوازن البيئي للابقاء على البيئة كما خلقها الله فقد اشار الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الى وسيلة معروفة لدى المزارعين لطرد الطيور ومنعها من افساد الحبوب وهي وضع الجماجم التي هي أشباح للانسان حتى تبتعد الطيور عن النبات ويفهم من هذا الحديث التوجيه باستخدام اي وسيلة تحافظ على الانتاج ولكن بدون ان يكون لها تأثير سلبي على التوازن البيئي.