الإنسان مخلوق اجتماعي لا يستطيع أن يعيش بمفرده، فهو يعيش في مجتمع متعدد الأفراد لكل فرد منهم دور متخصص وسلوك معين وعليه أن يحتك ويقيم شتى العلاقات معهم، ويتمثل هذا الاحتكاك أساسا في الاتصال المتكون من اعطاء رسالة واستلام رد، ومن خلال هذا الاتصال يتكون الشعور تجاه بعضنا البعض من حب وكره وصداقة وعداء، وتنقسم الاتصالات في الإدارات الى قسمين رسمية وغير رسمية، فالرسمية منها تكون إما هابطة من المديرة الى مرؤوساتها او صاعدة من المرؤوسات الى المديرة، والقياديات اليوم قلما يستخدمن الاتصال الهابط أو ذا الطريق الواحد بل يسلكون الاتصال ذا الطريقين، وتكون الاتصالات غير الرسمية أفقية بين المرؤوسات وهي محدودة في الإدارات التي تنتهج مديراتها أسلوب التعسف بالرغم من أن مرؤوسات هذه الإدارة يزداد بينهن الاتصال الأفقي حيث يجدن فيه مخرجا للتعبير عن وجهات نظرهن التي لا يستطعن تبليغها للمديرة خوفا منها أو لعدم سماحها لهن بالتعبير وإبداء الرأي، فإذا احسنت المديرة وسيلة الاتصال مع مرؤوساتها أصبحت العلاقة إيجابية بينهما وبهذا تستطيع ان ترفع من كفاءة مرؤوساتها وتزيد من إنتاجيتهن وتجد الوسيلة التي تحقق لها أهداف إدارتها المنشودة، ويرى «تشستر بارنرد» وهو من علماء الإدارة أن أي إدارة تقوم على ثلاثة محاور هي: هدف ونظام اتصالات ورغبة العاملين في المساهمة في تحقيق هذا الهدف، وتستطيع القيادية الناجحة بعلاقتها الإنسانية مع مرؤوساتها وحسن اتصالها بهن ان تعرف اسلوب الاتصال الامثل للتعامل مع كل واحدة منهن وأي اسلوب يجب اتخاذه من الأساليب ، ، هل هو مثلا التخويف او الاقناع او التعليم لأنها ان سلكت اسلوبا مع موظفة لا يتفق وشخصيتها فلن تستطيع قيادتها ، فالمديرة التي تعتمد في اتصالاتها كثيرا على اسلوب تخويف موظفاتها باستخدام العقاب، أو الحرمان من مزايا وظيفية معينة لترغمهن على تنفيذ أوامرها مستندة على نظرية «ميكيافيلي» في كتابه المشهور الأمير، سنة 1513م وهي أن «الغاية تبرر الوسيلة»، لأن ذلك الاسلوب هو أسهل اتصال بالنسبة للمديرة غير الجديرة بوظيفتها، إن هذا الأسلوب سيؤدي إلى آثار سلبية في العمل وسيؤثر على أهداف هذه الإدارة وبالتالي على أهداف المجتمع ككل، علماً بأن المديرة لو استخدمت في اتصالها أسلوب العلاقات الإنسانية واعترفت بآدمية مرؤوساتها واحترمت عواطفهن فإنها حتما ستثير رضاءهن الداخلي، وزيادة انتاجيتهن، ونذكر هنا المثل الذي أورده «إيريك فرم» وهو أحد المفكرين في الطبيعة البشرية، في هذه المناسبة بالأعمال التي تؤديها ربة المنزل من تنظيف وطهي وغيره وهي نفس الأعمال التي تؤديها الخادمة، ولكن الأولى خاصة إذا كانت تحب زوجها وأولادها ويملؤها الشعور بالسعادة والرضى فهي تؤدي عملها بنفسية سعيدة وبإتقان كبير في فترة زمنية قصيرة بينما تجده الثانية مرهقا ومملا وتنجزه في فترة زمنية طويلة وبصورة غير متقنة ايضاً، فالقيادة كما يعرفها «تانبوم ومزاريك» هي «عملية التأثير التي يزاولها القائد من خلال اتصالاته وعلاقاته بالمرؤوسين»، ونستنتج من هذا التعريف ان العناصر الأساسية التي يجب توافرها في المديرة لتكون قيادية ناجحة هي أن تمتلك ما يلي: 1 المهارات القيادية اللازمة، 2 القدرة في التأثيرة على المرؤوسات، 3 معرفتها بالأسلوب الذي تنتهجه مع مرؤوساتها، إن نجاح القيادية في عملها يقاس من خلال نجاح إدارتها في بلوغ هدفها بكفاءة عالية وبانسجام مع مرؤوساتها، ومع بعضهن البعض ورضاهن والتفافهن حول مديرتهن وحبهن لها واعجابهن بأسلوبها وتنفيذ أوامرها من منطلق اتباعهن لها بحب ورضي وليس خوفا من سلطة او عقاب، فالقيادة إذن ليست عملية فردية تنحصر في القائدة فقط بل هي مزيج من خليط يتكون من أطراف ثلاثة هي القائدة والمرؤوسات والموقف، ولهذا يجب تدريب المديرات الحاليات تدريبا فكرياً، مع تنمية مهارات الاتصال لديهن، ومهارات تقييم الأداء حيث انه هو السبيل الذي يوضح لهن ما إذا كانت وظائف مرؤوساتهن تتوافق وميول اولئك الموظفات وتتفق مع قدراتهن وتتناسب مع مؤهلاتهن وطموحاتهن، وبأنهن في المكان المناسب الأمثل لاستغلال قدراتهن ومهاراتهن، وتحتاج مهارة تقييم الأداء الى نظام الاتصالات لتعرف المديرة من خلاله الفروق الفردية بين المرؤوسات، مع الالتزام بالدقة والعدل والابتعاد عن تأثير العلاقات الشخصية في الحكم عليهن، فقد نلاحظ احيانا اختلاف تقارير الأداء الوظيفي مع تغيير المديرات اختلافا شديدا ومتباينا، كما نرى ان المديرة تتساهل احيانا في متابعة إحدى موظفاتها لعلاقتها الشخصية معها بينما تتشدد في المتابعة مع أخريات لا تربطها بهن علاقة شخصية، ولهذا يفضل أن تتم عملية التقييم تقييما متبادلا بين المديرة والمرؤوسات لان هذه الطريقة تلقي الضوء على فاعلية أسلوب المديرة مع مرؤوساتها إذا ما كان هناك ضعف في هذا الأداء، ولهذه المعلومات قيمة عظيمة إذا ما درست بأسلوب واع وتحليل علمي فسيؤدي هذا الى نتيجة أفضل في مجال العمل كما يجب أن تضع المديرة نصب عينيها ان تحديد الأهداف وليس توجيه النقد هو العامل المهم في تحسين الأداء ونظرا لأهمية الاتصال للمديرات فيجب ان يتم تدريب مديرات الإدارات الحاليات عليه لتعريف المديرة بأهمية الاتصال ومهارته لأن جهل المديرات بتلك الأهمية سيولد آثاراً سيئة مثل سوء الفهم، وإثارة العداء بينها وبين مرؤوساتها، وشعورهن بعدم الإنصاف، إن عدم فهم المديرة أحياناً أن لكل مرؤوسة حدا لتحمل النقد لا تستطيع تجاوزه بل وتتجه بعد هذا الحد لرفض التوجيه واظهار الاستياء، وعدم فهم المديرة ايضا بأن نقد الصفات الشخصية لمرؤوستها وليس عملها ستعتبره إهانة شخصية حتى ولو لم تجب عليه في حينه لعدم استطاعتها المجابهة، وعندها لن تجني المديرة من اتصالها هنا الفائدة المرجوة منه في توجيه مرؤوساتها وتصحيح أخطائهن، إنني هنا أوجه دعوة لكل قارئة لهذا المقال من المديرات أن تحاول التوصل إلى حلول لما يواجهها من مشكلات واحتكاكات في العمل، ومما لا شك فيه ان تلك المشاكل تعتبر تحديات لقدرات المديرات وتنشيطاً لمهاراتهن وان يحاولن تطبيق بعض ما جاء في هذا المقال وان يضفن اليه ما شئن من خبراتهن وخصوصيات مشكلاتهن، فلن تتوقف المديرات عن مواجهة التحديات ، ولن أتوقف انا بدوري عن التفكير في زيادة الإنتاجية وفي أهمية الموارد البشرية والتي تعتبر تحديا قويا للدول النامية ألا وهو الرقي بمواردها البشرية واستثمارها افضل استثمار لتحقيق خططتها التنموية الطموحة، أدعو الله العلي القدير أن يلهمنا طريق الهدى والرشاد،