سبق الى الاسلام ثلاثة من الرجال، ينتمون الى امم مجاورة للعرب، وهم بلال الحبشي، وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي فدين الاسلام جاء به محمد صلى الله عليه وسلم للبشر عامة، فهو لا يخص جنساًً او قبيلة او امة، وقد دخل فيه الناس من كل جنس، ففضل السبق الى الاسلام يكون للعربي وغير العربي لقد كان بلال بن رباح ثاني رجل استجاب للدعوة الاسلامية بعد ابي بكر رضي الله عنهما، وبلال ينتمي الى الحبشة، فالاحباش استقبلوا المهاجرين الاوائل في بلادهم واحسنوا اليهم. وبلال يقيم في مكة، وهو من العبيد المستضعفين، فلا حول له ولا قوة، ولا حرية تتيح له الهجرة كما هاجر غيره، فصبر على الاهانات والعذاب المتتابع. لقد غضبت قريش على النبي صلى الله عليه وسلم بسبب ما جاء به من الدين والدعوة الاسلامية، واشتد غضبها عندما دخل عدد غير قليل من عبيدها في الاسلام، ومنهم بلال بن رباح، وخباب بن الأَرَتّ، وصُهَيب بن سنان، وعمار بن ياسر، وسمية ام عمار، لقد حاولت قريش ثني عبيدها عن الدخول في الاسلام فلم تستطع، فلجأت الى التعذيب، فكانت تلبسهم ادراع الحديد، وتقيدهم، وتطرحهم في بطحاء مكة في وقت الظهيرة، والشمس في ذروة شدتها وحرارتها، وقد طعن ابو جهل سمية فقتلها بسبب اسلامها، فبلال واحد من هؤلاء الصابرين، فقد ناله من التعذيب ما الله به عليم، ومن ذلك اغراء غلمان مكة بالركض به بين جبلي مكة، بعدما شدوا في عنقه حبلاً، وهو لا يستطيع ردعهم عن ذلك، ومن صنوف تعذيبهم قيام امية بن خلف بطرح بلال على ظهره في وقت اشتداد الحر في بطحاء مكة، ثم يأمر بوضع صخرة كبيرة على صدره، ويقول لايزال على ذلك حتى يموت او يكفر بمحمد، وقد اعان الله بلالاً على العذاب، فصبر، وكان يردد: احد احد ولا يزيد عليها، فأنقذه الله الواحد الاحد، بأن اشتراه، ابو بكر رضي الله عنهما، واصبح حراً طليقاً، وقد اصبح من المقربين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو مؤذنه، وخازن بيت المال، دام على ذلك حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد وفاة الرسول خرج الى الشام مجاهداً حتى توفي بها في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما في سنة عشرين للهجرة. وسابق الروم الى الاسلام صهيب بن سنان، المعروف بصهيب الرومي، فقد دخل في الاسلام في زمن ضعف المسلمين بمكة، فعذبته قريش، كما عذبت غيره، فصبر، و ثبت على اسلامه، حتى هاجر المسلمون الى المدينة، فرغب في الهجرة، ولكن قريشاً منعته من الخروج من مكة، وعندما استعد للهجرة اخذ عدة المحارب من سهام وسيف، وصمم على الخروج، وكانت قريش تراقب الخارج من مكة، فأوقفته وصدته عن مواصلة السير، فقال يا قوم انكم تعرفون اجادة رميي بالسهم، ولن تصلوا الي حتى ارميكم بكل ما معي من سهام، ثم اضربكم بسيفي، فان كنتم تريدون مالي فهو لكم، فرضيت قريش بذلك وخلت سبيله، ولما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، قال الرسول:« ربح البيع» وقد لازم صهيب الرسول صلى الله عليه وسلم، وحضر معه حروبه كلها، بدراً واحداً وغيرهما، وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كان لصهيب منزلة عند الخلفاء، حتى ان عمر بن الخطاب رضي الله عنهما اوصى بأن يصلي صهيب بالناس، حتى يجتمع المسلمون على امام، وقد توفي صهيب رضي الله عنه في سنة ثمان وثلاثين من الهجرة. وسابق الفرس الى الاسلام سلمان الفارسي، ابو عبدالله خرج من بلاد فارس ينشد لقاء الرسول صلى الله عليه وسلم، فوقع في قبضة اعراب استعبدوه ثم باعوه، وقد آل امره الى رجل من بني قريظة في المدينة، فلما استقر سلمان في المدينة، وعلم بمقدم الرسول صلى الله عليه وسلم قصده بقباء واعلن اسلامه، وقد اعانه المسلمون على شراء نفسه من مالكه فأصبح حراً متصرفاً. ومواقف سلمان الفارسي في الاسلام كثيرة، ولكن اهمها ادلاؤه بالرأي في حفر الخندق، عندما حاصر الاعراب المدينة، فقد حفر المسلمون الخندق، فامتنعوا به، وانتصروا على اعداء الاسلام. وقد شهد سلمان المعارك التي خاضها المسلمون ضد اعدائهم، وتولى في آخر عمره المدائن، وكانت وفاته في سنة ست وثلاثين. هؤلاء الثلاثة قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم «صهيب سابق الروم وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبشة».