في أوائل شهر ربيع الأول 1422ه صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله باختيار أربعة من أفاضل العلماء أعضاء في هيئة كبار العلماء وهم: أصحاب الفضيلة الدكتور صالح بن حميد والدكتور أحمد سير المباركي والدكتور عبدالله الركبان والدكتور عبدالله المطلق والذي يعرف هؤلاء الرجال من قرب يدرك ان هذا الاختيار لم يأت من فراغ ولا وليد المصادفة بل كان اختيارا منه حفظه الله لمكانة هؤلاء العلمية والعملية وللمسؤولية العظمى التي سيضطلعون بها مع كوكبة من زملائهم أعضاء الهيئة. فأن يختار رجل كالشيخ صالح بن حميد امام وخطيب المسجد الحرام ورئيس رئاسة الحرمين الشريفين والذي كان عضوا في مجلس الشورى خلال فترتين والذي كان عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بجامعة أم القرى ثم عميدا لها والذي كان ولا يزال بمشيئة الله صاحب حلقة للتدريس في المسجد الحرام وذا اسهام في الدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة داخل المملكة وخارجها وله من البحوث المنشورة في قضايا متعددة. وأن يقع الاختيار على طالب علم متمكن مثل الشيخ أحمد بن علي سير المباركي والذي كان عضو هيئة تدريس في كلية الشريعة بجامعة الامام وفي الدراسات العليا فيها أكثر من ربع قرن يحاضر ويبحث ويشرف على الطلاب في اعداد البحوث ويناقش الرسائل العلمية ويشارك في ندوات ولجان متخصصة وبعدئذ يعمل عضوا بمجلس الشورى فترتين ثماني سنوات. وان يختار الدكتور عبدالله الركبان عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة وفي الدراسات العليا بجامعة الامام والذي ظل في قاعات محاضراتها أكثر من ثلاثة عقود يحاضر ويبحث ويرعى الباحثين ويوجههم الى طرق موضوعات وقضايا معاصرة ويناقش الأبحاث والرسائل ويشارك في لجان وندوات ومؤتمرات. وان يكون من ضمن المختارين الدكتور عبدالله المطلق عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء قرابة عقدين ونيف يحاضر ويناقش الرسائل ويشارك في برامج علمية ودعوية وله حضوره في مجال البحث والفتيا والدعوة. أقول: ان يقع اختيار ولي الأمر على هؤلاء الرجال وحالهم مثلما ذكرت بل أكثر يجعلنا نحن المستفيدين من أعمال هيئة كبار العلماء الموقرة مطمئنين ان شاء الله لما يصدر عنهم بل ويجعل المسلمين كلهم على ثقة ان الأمر أسند الى أهله. كما ان هذا الاختيار يجعل هذه النخبة أمام استشعار المسؤولية الكبرى التي اختيروا للاضطلاع بها أمام الله سبحانه وأمام الأمة. ان القاسم المشترك الذي يتوافر لدى هؤلاء الفضلاء هو أنهم من الجيل المخضرم الذي عاش فترة علمائنا الأجلاء ودرس عليهم وأخذ عنهم وأفاد علمهم وفقههم أمثال الشيخ محمد بن ابراهيم وعبدالله بن حميد وعبدالعزيز بن باز وعبدالرزاق عفيفي وطبقتهم عليهم رحمة الله. مضيفين الى ما أفادوه من فقه هؤلاء الافادة مما جد من قضايا العصر ومستجداته حيث شاركوا بآرائهم وعلمهم في بحث تلك المستجدات على ضوء الكتاب والسنة وفقههما ووفق المقاصد السامية للشريعة الغراء التي من أبرزها بل ذروة سنامها رعاية المصالح ودرء المفاسد. نعم: ان لدى هؤلاء من الرصيد الفقهي والتصور العلمي لتلك المستجدات الكثير والكثير وذلك من خلال دراستهم الشرعية وتلقيهم ومن خلال ممارستهم للتدريس عقودا من الزمن ومن خلال أبحاثهم واشرافهم على طلابهم الجامعيين وفي الدراسات العليا للماجستير والدكتوراه ومن خلال مشاركاتهم في الندوات والمؤتمرات. ان هذا الرصيد الفقهي يجعلنا نقدر لخادم الحرمين الشريفين هذا الاختيار ونقدر لهؤلاء فضلهم ومكانتهم ولهذا نضرع الى الله سبحانه أن يكون لهم عونا وسندا وان يجعل مشاركتهم زملاءهم العلماء أعضاء الهيئة الحاليين زيادة في عطاء هذه الهيئة ومَدَداً لها في أداء رسالتها الفقهية في خدمة الاسلام والمسلمين.