يبدو أحياناً أن سبب خسارتنا لأغلى ما نملك ولأعز الناس الى قلوبنا، يبدو أن السبب أحيانا يكمن فينا نحن وليس في الطرف الآخر أو الاطراف الأخرى! فنحن في أحيان كثيرة من لا نعرف كيف نحافظ على ما بين أيدينا، نحن من لا نعرف كيف نتعامل مع مشاكلنا الاجتماعية بشكل صحيح، نحن من لا نعرف كيف نتحسس احتياجات الطرف الآخر أو الاطراف الأخرى رغم تقربهم منا وتوددهم لنا! إنك احيانا حينما تصل الى هذه المرحلة من الشعور بأنك فقدت أعز ما تملك يكاد يصيبك الهلع والخوف لأنك لا تتخيل أبداً ان تخسر أعز ما تملك خصوصا حينما تكون هذه الخسارة مرتبطة بشخص غالٍ وعزيز عليك وخاصة حينما تشعر بأنك حاولت جهدك وبكل الطرق كي تحافظ عليه، وكي تبقي على تلك العلاقة العاطفية القوية بعيداً عن الشكوك والمشاحنات والهزات التي قد تعصف بها من حين لآخر وتهوي بها في غياهب بئر عميقة أو في اسفل وادٍ سحيق، تسعد من كل ذرة في قلبك حينما ترى البسمة على شفتيه وحينما تشعر بالسعادة على محياه وتتمنى ان تطول تلك السعادة، ولكنك تفاجأ بعد يوم أو أكثر بتلك السعادة وقد انقلبت حزنا لأنه بدأ يتغير عليك ويعاتبك على امور معينة هو نفسه يعرف أنها خارجة عن ارادتك، امور متعلقة بطبيعة شخصيتك واسلوب حياتك امور حينما تسمعها منه تتضايق بحق ، ليس منه بالطبع، ولكن لأنك لست كما يفكر او يظن! وما يزعجك بحق تلك الصدمات النفسية التي تتلقاها لأنك تشعر انك السبب في ضياع أغلى ما لديك وما بين يديك صدمة تجعلنا في حالة ذهول لأيام غير مصدقين لما يحدث لنا ودهشتك نابعة من تلك التساؤلات المزعجة التي تراودك وتلح عليك لعل أبسطها: أأهون عليه لهذا الحد؟ أأستحق منه كل هذا؟ أهذا ما أكافأ به؟ أبهذه السهولة ينتهي كل شيء؟ أبهذه الطريقة تكون النهاية؟! وانت في مثل هذه الظروف الصعبة تتعب نفسيا وقد تلوم نفسك على كل شيء ولكن من منا يستطيع ان يلوم قلبه بألا يحب؟ بألا يعطي ويضحي؟ من منا يستطيع ان يتنبأ بالعواقب أو النهاية؟ إننا نعمل ما يمليه علينا ضميرنا وما يقودنا اليه احساسنا ونستجيب بلتقائية وببساطة شديدة لأن العواطف والمشاعر الانسانية خارج نطاق الحسابات الرياضية والاعتبارات المادية. فالعواطف تتجه مع من ترتاح اليه وتجد فيه نفسها بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى مهما كانت منطقيتها! تسير مع من تشعر انه بقربها وجانبها ومن يحميها ويصونها من كل عابث يريد النيل منها او التحرش بها والاساءة اليها. ترتبط مع من تتيقن انه من اللحظة الاولى قد فهمها واستطاع ان يخاطبها بما تريد وان يتحدث باسمها برضاها وكأنه المتحدث الرسمي عنها. ولكن الظروف الصعبة والمواقف المتأزمة المتكررة تجبرك احيانا أن تنقطع عن عمل كل شيء جميل قد تعودت عليه، تجبرك ان تعيش وَحدة وانت بين الناس، تجبرك ان تعيب قليلا لعل وعسى ان يكون هذا هو الحل لمشكلتك ومعاناتك. ولكن حتى هذا الحل هو الآخر يتعبك، يقلقك، يحيرك، يجعلك انساناً آخر أنت نفسك غير راض عنه والسبب انك اكتشفت من اللحظة الأولى لابتعادك انك اخطأت في حق الطرف الآخر، هذا الطرف الذي لا ذنب له سوى انه احبك بصدق وضحى من أجلك الكثير والكثير هذا الطرف الذي لا يزال ينتظر رجوعك اليه بكل شوق ولهفة لأنك انت كل شيء بالنسبة اليه. فيالسذاجتنا حينما نعتقد ان الغياب والبعد والفراق هو الحل الوحيد لمعاناتنا مع من نحب! ويا لسذاجتنا أحياناً حينما نعتقد اننا نجحنا في نسيان ما نريد نسيانه الى الابد دون آثار جانبية مؤلمة! بل يا لغرورنا حينما نعتقد مجرد اعتقاد ان كل شيء قد انتهى بينما قلوبنا تحترق ألما وشوقاً، بينما أعيننا تغالب دموعنا تحاول جاهدة منعها من الخروج، بينما كل شيء فينا من حركاتنا وسكناتنا يدل على اننا ما زلنا نقاوم تلك القرارات التعسفية التي اتخذناها بحق أنفسنا ومازلنا نسعى جاهدين للرجوع عنها. أليست هذه الحال هي حال الكثير من العلاقات الزواجية والاسرية والعاطفية؟ أليست تلك هي التجارب اليومية المتكررة التي تمر علينا يوميا فتنكد علينا حياتنا وتعكر صفو سعادتنا؟ بل أليست تلك التجارب التي نتعرض لها والمواقف التي نمر بها هي ما تعرفنا بحقيقة من هم حولنا؟ من يستحقون حبنا وتضحياتنا؟ بل من يستخفون ان نزعل ونتضايق حينما نخسرهم او مجرد التفكير اننا سوف نفتقدهم؟ بلى انهم كذلك واكثر لأنهم ببساطة ليسوا أشخاصا عاديين! همسة صدقني.. لا أعرف حقيقة.. لماذا انقطعت عنك.. طوال هذه الفترة؟! ولِمَ أنا كذلك؟! *** صدقني.. لا أعرف لذلك سبباً واضحاً.. أو حتى مبرراً مقنعاً.. فأنا أريد أن أعود إليك.. أفضل مما كنت.. ولكنني حتى الآن.. لم أقوَ! *** ربما لخجلي منك.. من نفسي.. لأنني لا أملك.. ما أبرر به غيابي عنك.. أو فعلتي معك.. لأنني أخشى عتابك لي.. ذلك العتاب القاسي.. الذي تعودته منك دوماً.. ذلك أراه في عينيك! في نبرة صوتك! ذلك العتاب المتكرر.. الذي حينما أسمعه منك.. تُظلم الناس في وجهي..! يشعرني بأنني لاشيء! لا أستحق حبّك لي! *** نعم.. أعترف انك لا تستحق مني كل هذا! ولكن ماذا أعمل؟ وكيف أتصرف؟ وانت لا تفتأ تعاتبني! تطالبني بما لا أقوى عليه تلقي باللوم عليَّ دوماً! وكأنني أتعمد إساءتك. او جرح مشاعرك. نعم.. أنا الآخر متعب.. لا أقل عنك ألماً.. ولكن.. ماذا أعمل.. كي أريحك مني؟! كي لا أكون عبئا عليك.. قل لي أنت ارجوك.. الى متى أظل اشعر.. بأنني مصدر ألمك؟ بأني سبب تعاستك *** الى متى.. وانا أرى دموعك الغالية.. تنهمر من أجلي وبسببي؟ الى متى.. وشعور الذنب نحوك؟ يكاد يقتلني.. يمزقني؟ *** أعرف أنني أسأت بحقك.. حينما قاطعتك طويلاً.. ولم أسأل عنك. أو أطمئن عليك.. ولكن ما حيلتي.. وهذه هي مشاعري؟ *** انني أنا الآخر أتألم.. أشعر بالأسى ولكن عزائي.. أنك مازلت كل شيء.. لم تتبدل مشاعري نحوك.. ولم يتغير احساسي تجاهك.. رغم غيابي عنك.. ورغم كل ما حدث.. *** أعرف أنه قاس على كلينا.. ان نظل غرباء.. أن نكون حاضرين غائبين.. أن يجتر كلّ منَّا ألمه.. بعيداً عن الآخر.. ولكن.. أليس هذا هو الحب؟! أليس هذا هو الألم؟!