قالت المؤلفة الكريمة )ص71(: «بعد مقتل متعب )سنة 1285ه( رحل الكبار من أفراد العائلة: بمن فيهم عمه عبيد وابن عبيد، حمود، وشقيق متعب محمد، عن حائل متوجهين الى الرياض. وحين استتب الوضع لبندر في منصبه شجع أعمامه على العودة الى حائل. وقد توفي عبيد في الرياض ولم يعد إلا حمود، وآثر محمد الالتحاق بالقوافل التجارية المسافرة بين الجزيرة العربية والعراق». ولم تعز الكلام السابق الى أي مصدر. وليس في المصادر المتوافرة أن عبيدا وابنه حمودا ذهبا من حائل الى الرياض بعد مقتل متعب. بل إن المؤرخ النجدي إبراهيم بن عيسى، قد ذكر بأن مقتل متعب كان بممالأة من عبيد. وتدل الروايات الشفهية على أن وزير متعب لم يكن يظهر لعبيد ما كان يستحقه من الإكرام والإجلال، وأنه كان وراء سوء العلاقة بين متعب وأبناء أخيه طلال. وقد قتل عبيد ذلك الوزير لما بلغه مقتل متعب. أما محمد فقد نص ابن عيسى )عقد الدرر، ص 62( على أنه كان قد ركب الى الرياض بهدية الى الإمام عبدالله بن فيصل، وأنه كان في هذه العاصمة عند مقتل أخيه متعب في حائل. وذكر هذا، أيضا، ضاري الرشيد )ص 185(. والذي تدل عليه المقارنة بين المصادر المختلفة هو أن عبيد بن رشيد لم يكن راضيا عن المكانة التي وصل إليها وزير الأمير متعب، وأنه قتله لاعقتاده بأنه وراء سوء العلاقة بين أبناء طلال وعمهم متعب، وهو السوء الذي أدى إلى قتلهم ذلك العم. ولقد أورد فهد المارك في تعليقه على نبذة ضاري الرشيد )نشر الشيخ حمد الجاسر، ص 105( شعرا لبندر بن طلال يدعو فيه على من حرضوه على عمه متعب، ومنهم عبيد، كما أورد شعرا لعبيد يدعو فيه - كما قال الأستاذ فهد - على متعب مما يعني أن علاقته به لم تكن حسنة. ولعل من أوضح الأدلة على أن عبيدا مات في حائل قول ابنه حمود، متوجدا على تلك البلدة بعد مغادرته لها إثر قتل أبنائه لأبناء الأمير عبدالعزيز بن رشيد، الذين كانت أمهم بنتا لحمود: المسجد اللي به على أبوي صليت إلى أذّن المذّن نصيته لحالي وهناك مقبرة في حائل تسمى مقبرة عبيد. أما محمد بن عبدالله بن رشيد فكان في الرياض عند مقتل أخيه متعب - كما ذكر سابقا - فرأى البقاء فيها ليتدبر أمره. ولعله كان يعتقد بأن عمه عبيدا كان محمد حرض أبناء طلال على عمهم متعب، وبخاصة أنه لم يقف منهم موقفا رافضا لفعلهم، هذا إذا لم تقبل الروايات التي تدل على تحريضهم على عمهم، وكان رجوع محمد الى حائل في مثل تلك الظروف فيه مجازفة وخطورة. لكن عندما توفي عبيد، سنة 1286ه، تغير شيء من تلك الظروف. وشعر أبناء طلال، فيما يبدو، أن وفاة عبيد ستشجع محمدا على محاولة الثأر لأخيه متعب. ولذلك سافر الأمير بندر نفسه الى الرياض، محاولا حل المشكلة مع عمه محمد. ونجحت وساطة الإمام عبدالله بين الطرفين بحيث يبقى بندر أميرا، ويكون محمد أميرا لقوافل الحج بين العراق والحجاز عبر جبل شمر. وسافر بندر وعمه محمد من الرياض الى حائل حسب تلك التسوية. - قالت المؤلفة الكريمة )ص73(: «في نهاية القرن التاسع عشر امتدت دائرة نفوذه )أي نفوذ الأمير محمد بن رشيد لتشمل القسم الأعظم من نجد، بما في ذلك منطقة القصيم والعاصمة السعودية الرياض. وفي عام 1891 قام بطرد العائلة السعودية من الرياض». من المعروف أن الأمير محمد بن رشيد توفي عام 1315ه )1897م(، أي قبل نهاية القرن التاسع عشر بثلاث سنوات. وقد ذكرت المؤلفة الكريمة نفسها وفاته في العام المذكور قبل عدة سطور من كلامها المقتبس هنا. ومن الثابت أن الإمام عبدالرحمن بن فيصل غادر بأسرته الرياض عام 1309ه/1891م، لأنه أدرك عدم جدوى محاولة الوقوف أمام ابن رشيد. لكن أن يقال إن هذا الأمير طرد العائلة السعودية من الرياض فيه عدم دقة واتهام لابن رشيد بأمر لم يقم به. - قالت المؤلفة الكريمة )ص 75(: «إن سعود بن حمود وأخاه فيصلا قتلا أخاهما سلطان أواخر يناير عام 1908م )أواخر سنة 1325ه(، ولم يحكم سعود إلا عامين. والذي ذكره المؤرخان إبراهيم القاضي )ص33( وعبدالله البسام )تحفة المشتاق، ورقة 180 ب( أن مقتل سلطان حدث في جمادى الأولى سنة 1326ه، وأن مقتل سعود تم في شعبان من تلك السنة. بل إن موزل نفسه ذكر )ص 247( أن مقتل سعود حدث في بداية سبتمبر من عام 1908، أي شعبان سنة 1326ه. ولقد ذكر ضاري الرشيد، أيضا )ص 215( أن إمارة سعود بن حمود كانت ثمانية شهور. وسواء أخذ بروايتي القاضي والبسام أو بروايتي موزل وضاري الرشيد فإن إمارة سعود لم تدم إلا شهورا، لا سنتين كما قالت المؤلفة الكريمة. - قالت المؤلفة الكريمة )ص83(: «كان قتل الأشقاء بين أسرة الصباح الحاكمة في الكويت شائعا جدا. فالشيخ مبارك أصبح حاكم الكويت بعد اغتيال شقيقيه». والسؤال هو: هل يصح أن يقال إن قتل الأشقاء بين آل صباح كان شائعا جدا لمجرد قتل مبارك لشقيقيه؟ ثم قالت: « في القرن التاسع عشر اتبعت الخلافة السعودية من حيث الأساس نظام الأقدمية، ولكنها بدأت تبتعد عن هذا النمط حين عين الإمام فيصل ابنه عبدالله لخلافاته قبل موته. وكان لدى الإمام فيصل ثلاثة أبناء آخرين تمردوا على شقيقهم المعين مع عمهم عبدالله بن تركي». والدارس لتاريخ الدولة السعودية يجد أنه كان لمحمد بن سعود ابنان: عبدالعزيز وعبدالله، وأن البيعة أخذت لسعود بن عبدالعزيز خليفة لأبيه قبل وفاة هذا الأب بستة عشر عاما مع وجود عبدالله بن محمد بن سعود. وكان للإمام فيصل أربعة أبناء: عبدالله وسعود ومحمد وعبدالرحمن. أما سعود فاختلف مع عبدالله. وأما محمد فوقف معه، لا ضده. وأما عبدالرحمن فمن الواضح أنه انضم الى سعود . لكنه بعد أن أصبح حاكما تنازل عن الحكم لأخيه عبدالله. وأما عبدالله بن تركي، أي عم أبناء فيصل فقد وقف مع عبدالله بن فيصل. وهكذا يتضح أن ما قالته المؤلفة الكريمة غير صحيح في أغلبه. - قالت المؤلفة الكريمة )ص95(: «كان فيصل )بن تركي( معروفا بالإمام، وهي تسمية كانت تعني في السياق السعودي - الوهابي قائد الصلاة والزعيم السياسي للأمة الإسلامية، أي أن التسمية كانت تفيد بما معناه الزعامة السياسية والدينية لأنه لم يكن هناك فارق بين الاثنين». ومما تجدر الإشارة إليه، هنا، هو: أ. سُمِّي بالإمام حكام سعوديون قبل فيصل بن تركي. ب. كان لكل حاكم سعودي - بمن فيهم فيصل - إمام للصلاة. فإمام المسجد ليس هو المراد بالإمام الحاكم. ج. تطلق كلمة الإمام، أحيانا، على عالم الدين المتميز. - في حديث المؤلفة الكريمة )ص 96 - 97( عن الإمام فيصل وأبنائه اعتمدت على وايندر وسفران، وهما كاتبان حديثان، ولم ترجع الى مصادر أصلية مثل ابن بشر والفاخري بالنسبة للإمام فيصل وابن عيسى بالنسبة لأبنائه. ولذلك لم يكن غريبا أن تقع في بعض الأخطاء، ومنها أنها قالت: إن عبدالله بن فيصل، حين غادر الرياض إدراكا لعجزه أمام أخيه سعود لجأ الى جبل شمر الذي كان أميره محمد بن رشيد بحثا عن مساعدة، لكنه لم يجدها. والواقع أن عبدالله غادر الرياض سنة 1287ه، وقصد جبل شمر، ولم يصل الى الجبل. ومن المعروف أن محمد بن رشيد لم يتول الإمارة إلا سنة 1289ه. ومن تلك الأخطاء قولها )ص 97(: إن عبدالرحمن بن فيصل أصبح إماما في الرياض بعد وفاة أخيه سعود. وهذا صحيح. لكنها تابعت كلامها قائلة: لكن أبناء أخيه سعود طردوه من الرياض، وإن عبدالله بن فيصل عاد الى الرياض، ونصب نفسه إماما بعد التوصل الى اتفاق مع أبناء سعود. وهذا غير صحيح. والذي حدث هو أن عبدالرحمن ظل إماما في الرياض بعد وفاة أخيه سعود، ولم يطرده أبناء أخيه منها وإن لم تعد العلاقة بينه وبينهم جيدة. ثم توجه عبدالله بن فيصل الى الرياض، وبذلت مساع كان من نتائجها أن تنازل له أخوه عبدالرحمن عن الحكم، فدخل المدينة وبايعه أهلها. ومن الواضح أن هذا لم يرق لأبناء سعود. فغادروا الرياض الى الدلم، وذلك عام 1293ه. - قالت المؤلفة الكريمة )ص 166( في حديثها عن معركة بقعاء، التي حدثت سنة 1257ه: «إن عشيرتي الصقور والسلاطين من قبيلة أمير عنيزة.» ومن المعروف أن أمير عنيزة حينذاك، يحيى بن سليم، ينتمي الى قبيلة سبيع، وأن الصقور والسلاطين من قبيلة عنزة.