الحمد لله رب العالمين، القائل في محكم التنزيل: «إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذي يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً»، واصلي واسلم على عبده ورسوله محمد بن عبدالله الذي قال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، وعلى آله وصحابته اجمعين.. اما بعد: فقد اكرمنا الله تعالى بأن هدانا الى هذا الدين القويم، وبعث الينا خاتم الانبياء والمرسلين، وانزل الينا خير كتبه القرآن الكريم، والنور المبين، ليخرج به الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم الى صراط العزيز الحميد. ولاشك ان خدمة كتاب الله من اعظم القربات التي يتقرب بها الى الله سبحانه، ونحمد الله تعالى ان هيأ لهذه البلاد ولاة امر جعلوا العناية بالقرآن الكريم، والعمل به في مقدمة اهتماماتهم، ومن مظاهر هذا الاهتمام: اقامة المسابقات الدولية والمحلية بين ابنائنا وبناتنا لحفظ كتاب الله، وتلاوته وتفسيره، ليتنافسوا في اعظم ما يتنافس فيه المتنافسون، واجل ما يتسابق فيه المتسابقون، كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ان شبابنا وبناتنا وهم يلتقون في المسابقة المحلية على جائزة الامير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات، التي تتشرف وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد بتنظيمها في المدة من 1320 محرم 1422ه بمدينة الرياض يحدوهم الامل في الفوز بالجائزة السخية التي خصصها صاحب السمو الملكي الامير الكريم سلمان بن عبدالعزيز لافضل حافظ وحافظة، لتكون حافزاً لهم للتعلق بكتاب الله، وصرف الهمم، والعناية الخاصة، لاتقان حفظه وتجويده، ودراسة تفسيره، والاجتهاد في تعاهده، والعمل به. ان جائزة الامير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات تعتبر امتداداً للاعمال الخيرية الكبيرة التي يقوم بها سموه في مختلف مجالات الخير، وترسيخاً لسمة من سمات هذه البلاد الطيبة التي ربى الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله ابناءه، عليها، حتى صار فعل الخير، والمسارعة الى اعمال البر من الصفات التي اشتهر بها قادة المملكة العربية السعودية منذ نشأتها حتى هذا العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، ومن ذلك العناية بكتاب الله العزيز، تأكيداً للنهج الاسلامي الاصيل الذي قامت عليه هذه الدولة، وغرساً للخير في نفوس الناشئة من بنين وبنات، للتخلق باخلاق القرآن الكريم، والتمسك بآدابه ومثله العليا، وتنشئتهم التنشئة الاسلامية الصحيحة. لقد غدت عناية المملكة بالقرآن الكريم قدوة يقتدى بها، اذ تشتمل هذه العناية على تعليم ابناء المملكة والمقيمين فيها تلاوة القرآن وتفسيره وتدبره، وحثهم على حفظه، وتنظيم المسابقات لاذكاء التنافس فيما بينهم، وبذل الجوائز، وكذلك اقامة مسابقات دولية يتبارى فيها الناشئة المسلمون من انحاء المعمورة، وكذلك طباعة كتاب الله طباعة تتسم باعلى درجات الضبط والاتقان والجمال، وترجمة معانيه الى اللغات التي يتكلمها المسلمون في بقاع الارض كلها. وبهذه المناسبة المباركة اذكر ابناءنا وبناتنا ان يتعاهدوا القرآن الكريم تلاوة وتدبراً وحفظاً، قال عز وجل : «كتاب أنزلناه مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب»، لان ذلك من افضل الطاعات، وأجل العبادات التي وردت بفضائلها الآثار، قال تعالى: «إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور. ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور»، وروى الترمذي بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف». وينبغي ان نستشعر نحن أبناء المسلمين اهمية القرآن الكريم في حياتنا، وان نعتمد في نقل القرآن الكريم على حفظ الصدور، وهذه اشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة، يقول الله عز وجل : «لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون»، ويقول عز وجل : «فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون»، يعني شرف لك ولمن اتبعك من امتك، وشرف لمن عمل به «وسوف تسألون» انت ومن معك على ما آتاك، وعلى ما عملتم به، ومعنى «فيه ذكركم» فيه شرفكم، وامر دينكم، واحكام شرعكم، وما تصيرون اليه من ثواب وعقاب. ومن مظاهر العناية بالقرآن الكريم: العناية بتدريسه وتجويده وتحفيظه وقراءته وتفسيره ولغته واعرابه وغير ذلك، والقرآن يتسع لعلوم يتعذر حصرها. واوصي نفسي وابنائي وبناتي حفظة كتاب الله ان يخلصوا النية لله تعالى في حفظه وتلاوته وتدبر معانيه، والتعبد لله عز وجل والتقرب اليه بذلك، فان الاعمال بالنيات، وانما لكل امرئ ما نوى، كما ثبت في الصحيحين، وقال تعالى: «وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء»، وقال تعالى: «إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين». وفي الختام يسرني ان ازجي جزيل الشكر وعظيم التقدير لرائد الاعمال الخيرية صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود امير منطقة الرياض راعي الجائزة على دعمه ورعايته وتشجيعه الدائم لحفاظ وحافظات كتاب الله، كما اشكر زملائي رؤساء اللجان والعاملين في المسابقة على جهودهم في هذا الميدان الشريف. اسأل الله تعالى ان يجعل اعمالنا واقوالنا خالصة لوجهه الكريم، وان يجزي ائمة هذه البلاد وقادتها جزاء عباده الصالحين، على ما يسدونه ويقدمونه في سبيل خدمة كتاب الله المجيد، وخدمة الاسلام والمسلمين قاطبة.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. * وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد