بعد هذه التوطئة التحفظية التي ارجو ان تكون مشجعة على الرصد الدقيق الصادق لبداية الرواية والقصة، ومستوى هذه البداية في المملكة احسب اننا لا نجد اي عناء في تحقيب الفترات ومرحلتها، فالمتعقب لتأريخية القصة والرواية وفنيتهما تبدو له مراحل ثلاث: مرحلة الريادة، ومرحلة التأسيس، ومرحلة الانطلاق. وهي احقاب ليست وهمية وليست افتراضية، والمؤرخون للحركة الادبية يكادون يجمعون على ان الأستاذ عبد القدوس الانصاري 1403ه 1983م يعد رائد العمل الروائي والقصصي في الادب العربي في المملكة العربية السعودية بروايته «التوأمان» وقصة «مرهم التناسي» يضارعه في ذلك روائيان هما: احمد السباعي ومحمد علي مغربي، وهؤلاء الثلاثة لا جدال في ريادتهم على ان الانصاري اشار الى ريادة عزيز ضياء ومحمد حسن الفقي، واهمية رواية (التوأمان) ليست في سبقها ولا في بنائها الفني المتواضع للغاية ولا حتى في لغتها الادبية فحسب وانما في موضوعها القائم على تجسيد الصراع الحضاري في وقت مبكر، صدرت هذه الرواية عام 1348ه 1930م ومن المؤسف ان هذه الريادة المتواضعة المبكرة نسبيا، ما كانت قادرة على استدراج الادباء المعاصرين للانصاري لمواصلة الاداء الروائي وكأني بهذه الريادة قد جاءت سابقة لاوانها بحيث اصبحت كصوت نشز خرج على رتابة الايقاع وانفلتت من سرب المقلدين والمحافظين، ومن ثم بادر القادرون على اسكاته او احباطه وذلك بعدم المبالاة به او بالاسفاف في نقده ليعود الايقاع الى سالف عهده لا يتخطى القصيدة العمودية والمقالة الصحفية، وهذا الاحجام او المواجهة العنيفة من الدارسين والنقاد، حمل بعض الكتاب على استنهاض الهمم وتحفيز الجهود لمواصلة ما بدأه الانصاري في روايته. ومقالة «الرواية الادبية وحاجتنا اليها» للاستاذ محمد عالم الافغاني المنشورة في المنهل قبل اثنين وستين عاما اي عام 1360ه كتبها عندما تباطأ الادباء في اقتفاء اثر الانصاري، والمقالة ادانة قاسية للمرحلة التي لم تحتف بالمستجد، ولمن لم تغرهم بداية الانصاري الجريئة. ومبادرة الرواد لم تكن تقليدية في المضامين اذ حمل الرواد مهمة الاصلاحيين الاجتماعيين ويبدو لي ان مضمون الرواية في تلك الفترة يقوم على التوجيه والارشاد ليس غير، وهو ما المح اليه كثير من الدارسين ولم يكن للرواية وظيفة اخرى تند بها عن توجيه الرأي العام واصلاح شؤونه، ومع هذه المهمة الاصلاحية يظل الموقف من العمل القصصي دون المستوى المأمول، واستنهاض الافغاني للادباء يؤكد ما توقعناه من رؤية دونية للعمل الروائي، فالادباء حسب تصوره (ينظرون الى الرواية كسقط المتاع) (المنهل ج6 س 5 جمادى الاولى 1360ه ص 103) ذلك قوله الذي التقطه من الواقع وهو امتداد طبيعي للرؤية التراثية لمثل هذه الانواع الادبية، ولعلنا نذكر وصف الادباء والمؤرخين لمن يمارسون التمثيل (بأهل السماجات) وتلك رؤية مضارعة لما اشار اليه الدكتور عبد الملك مرتاض، مما اومأنا اليه من قبل. ولسنا بصدد النقد والتقويم لهذه المواقف، وانما نحن بصدد الرصد التاريخي والقيمي للرواية العربية في المملكة، وتكافؤ الامكانيات والمعوقات. وقد نعود الى مساءلة ما نرى مساءلته في هذا السياق. ولأن الاديب الانصاري رائد خذله قومه فقد دأبت مجلة المنهل التي يرأس تحريرها على استنهاض الهمم، والالقاء باللائمة على الادباء الذين لم يستوهم هذا الفن، لاعتقادهم بأن الاشتغال بهذا اللون من الادب مخل بالمروءة. لقد فتح الانصاري مجلته للابداع القصصي وللترجمة القصصية وللمقالات الاستنهاضية، وخصص ملفات منها لهذا الغرض، واستكتب الادباء واصحاب المحاولات، كما فتح مجلته للدراسة والنقد القصصي، غير ان ثمرة هذه الجهود جاءت متأخرة ودون المؤمل، فالادباء والكتاب والنقاد لا يرغبون في تغيير صورتهم لدى الرأي العام، والشباب يحبذون الاقتداء بالرواد الذين ترفعوا عن ممارسة الابداع القصصي، والانصاري المصر على التمكين لهذا الفن حقق بذلك الريادة في مجال الابداع وفي مجال الدراسات، والملفت للنظر انه شغل بعد ذلك بالكتابة والتأليف ولم يبدع بعد «التوأمان» شيئا ذا بال، فبعدها كتب قصة قصيرة تحت عنوان «مرهم التناسي» وتوقف عن الابداع القصصي والشعري معا ولربما كانت الحملة النقدية المسفة التي قادها محمد حسن عواد من اسباب تراجعه المبكر عن الابداع الشعري والروائي والوقوف عند حد المحاولات ونحن لا نشك في ان حظه منهما ضئيل، وليس في مستوى علمه واسهاماته الصحفية والادبية واللغوية والتاريخية ولكنه يظل رائدا لا ينازع في الريادة. ولم يكن الانصاري ولا معاصروه من كتاب ونقاد ومبدعين يعون الفروق الشكلية الدقيقة في الابداع السردي وفي التوصيف، وامتد ذلك الضعف الى من بعدهم، حتى اتضحت الرؤية وتمايزت الانواع في ذهن المبدع والناقد والمتلقي على حد سواء. لقد عرف القراء فيما بعد كم هو الفرق بين القصة، والرواية، والمسرحية. والانصاري بوصفه رائد الرواية المحلية والمتوقع منه الوعي المبكر بما طرأ على الساحة العربية من فنون جديدة، يكتب مقالا ادبيا عن حركة الابداع الفني ثم لا يفرق فيه بين القصة والرواية والمقالات الاجتماعية ذات الشكل الحواري والسيرة الذاتية والتمثيلية الاذاعية والمجموعات القصصية. واستعراض مقاله الافتتاحي القصير في مجلة المنهل عام 1374ه يظهر فيه التوسع في مفهوم الفن القصصي والروائي وهو توسع لا يقوم على ارضية استيعابية لشروط الفن الروائي اذ كل عمل ينطوي على حوار ثنائي او اكثر يعد عملا قصصيا عنده. ثم هو لا يفرق بين القصة والرواية والسيرة فهي في نظره فن واحد فالكلام عنده: شعر، ونثر. والنثر: مقال، وقصة. ويتسع النوع القصصي لكل ما لا يتسع له المقال الصحفي. وذلك تقسيم لم يتولد عن قناعة واختيار وانما عن تصور اولي. ومن عجب ان بعض المحدثين من النقاد يميلون الى هذا الخلط في طريقهم الى الميل كل الميل الى مصطلح (الكتابة) بوصفه مصطلحا يلغي كل الانواع الابداعية ويؤاخي بينها. ولو عدنا الى مقال الانصاري الافتتاحي (قصة القصة عندنا) ومقال الافغاني المشار اليه سلفا لوجدناهما يحددان امرين في غاية الاهمية لمن اراد ان يرصد لبداية العمل الروائي والقصصي: فمقال الافغاني يشير الى الرأي العام وموقفه من الفن القصصي والروائي، وهو موقف تثبيطي مخذل. اما مقال الانصاري فقد رصد دور رواد الادب من ناشئة البلاد، ودفعهم لمركبة الادب على حد قوله الى الاتجاه الحديث، ولكنهم قصروا جهودهم على (ادب المقالة) و(القصيدة) وقصروا عن (ادب القصة) وعذّر لهم بقوله: «فأدب القصة ما يزال شيئا جديدا لم ينضج ثمره في العالم العربي ومما هو جدير بالاضافة ان السائد من قبل وقد يكون من بعد التردد في عد العمل القصصي والروائي على الاقل ابداعا بحيث يعترف بأدبية النص. وقد اشار الانصاري في مقاله الى رواد القصة في الادب العربي في المملكة واشار الى نفسه والى زميله : عزيز ضياء ومحمد حسن فقي، ثم عدد الذين اسهموا في كتابة القصة في الصحف والمجلات، حيث ذكر منهم: محمد سعيد العامودي وطاهر زمخشري، وعزيز ضياء، واحمد رضا حوحو، ومحمد عالم الافغاني، وامين يحيى، وحسين سرحان، وامين رويحي، وعبد السلام هاشم حافظ، وحسن عبد الله قرشي، واحمد محمد جمال، وشكيب الاموي. وهؤلاء على حد قوله ممن اكتفوا بنشر قصصهم في الصحف والمجلات، اما الذين نشروا اعمالا قصصية وروائية فعد منهم: احمد السباعي، ومحمد علي مغربي، وحسين سراج في مسرحياته الشعرية، واحمد محمد جمال، وعبد الله عبد الجبار، واحمد عبد الغفور عطار، وهؤلاء جميعا يكادون يدخلون في مرحلة الريادة، وان امتد الزمن ببعضهم فادركته سمة الخصرمة. والمؤرخون والدارسون للابداع الروائي والقصصي من امثال منصور الحازمي ومحمد صالح الشنطي وسيد محمد ديب، وطلعت السيد، ومسعد العطوي، واحمد السعدني، وسحمي الهاجري، يقتصرون على ثلاثة رواد هم: الانصاري، والسباعي، والمغربي، لمبادرتهم في طبع اعمالهم ويغفلون عن مضارعين لهم في كتابة القصة والرواية، من امثال محمد حسن فقي الذي نشر في الصحف المصرية قصتين هما «زهرة الاثم» و«الاسرة البائسة» والاستاذ عبد الوهاب آشي الذي ابدع رواية «خالد» ولم تنشر والاستاذ عزيز ضياء الذي نشرت له مجموعة من القصص منها «الابن العاق» و«ليس ابني» و«وعيد»، والاستاذ حسين سرحان الذي نشرت له المنهل بعض القصص، وامين يحيى الذي نشر قصة «الوفاء» وكتب عنها العامودي دراسة ادبية اشاد فيها بتألق هذا الفن عند الكاتب، وتفشيه في الاوساط الادبية». ومرد هذا الاهمال من الدارسين المعاصرين ومن الاكاديميين منهم الى ان بعض الدارسين والمؤرخين للظواهر الادبية ولادب الاقاليم يتكئ بعضهم على بعض، وتتناسل البحوث من بعضها، مع اضافات وتشقيق إنشائي. ونحن لكي ننصف الحركة الروائية والقصصية في البلاد لابد من النبش عنها في الصحف والمجلات وقديم المطبوعات ونادر المحفوظات التي لم يكن من السهل الوصول اليها، كما يجب ان ننقب في المصادر والمراجع عمن اهملهم النقد المتخفف الذي يتعجل الاشياء ولا يباشر القضايا، ومشكلة الحركة النقدية عامة ان الاكثرين يقتصرون على المتداول ومن ثم لا ينشئون نقدا وانما يعيدون قولا واذا فوجئوا باضافة جديدة جدوا في اسقاطها واتهام صاحبها وهذا بعض ما لقيت من عنت. والانصاري الذي تعقب بافتتاحيته الروائيين والقصاص، لا يرى ان هذه البدايات جيدة اذ يقول: «وهو على كل حال تقدم نسبي لا يصل الى حد الزعم بإمكان تصدير نتائجه الى الخارج والواقع انه لم تظهر في الافق بعد تلك الشخصية اللامعة في فن القصص التي تبعث في هذا الفن الرفيع النضارة والاشراق وتجذب الى نتاجه انظار جمهرة القراء». وهذا التوصيف الصادق للمشهد الروائي يجعلنا في حل من مواجهة الحقيقة. ولعلنا نعرف ان رواية «التوأمان» لم تزد عن ثلاثين صفحة، وان قصة «مرهم التناسي» لم تزد عن عمود صحفي. وهذا كل انتاج رائد الرواية والقصة في الادب العربي في المملكة. وهذه القلة الكمية، والتواضع الكيفي لا يحطان من قدر الانصاري ودوره البارز في الحركة الادبية في المملكة عامة، وفي مجال القصة والرواية على وجه الخصوص، ويكفيه مجدا انه انشأ مجلة (المنهل) التي ما زالت مثابة من مثابات الكتَّاب في الوطن العربي منذ اكثر من ستين عاما. والذين لا يملكون الوثائق ولا يتقصون في التنقيب يقنعون بالثناء المسرف والتداول التاريخي وينقمون على الذين يواجهون النصوص ويحددون المستويات ويحقون الحق. لقد فرقت بين الريادة التاريخية والريادة الفنية، وهكذا يقال في ريادة شوقي للمسرح الشعري ريادة تاريخية، وريادة توفيق الحكيم للمسرحية النثرية ريادة فنية، وهذا التفريق من باب احقاق الحق والدقة في التقصي والعدل في التقويم يزعجان البعض، لان فيهما تكسيرا للسوائد ونسفا للمواضعات، وفات اولئك ان الانصاف لا يعد من الاساءة للرواد ولا للحركة الادبية، وانما الاساءة والتغرير في الاقتصار على التقريظ، وتداول الاحكام العامة المتوارثة، والنقاد امناء لانهم بمنزلة القضاة، فلا مسوغ للثناء المطلق ولا قيمة لتوارث جاهزية التصورات والاحكام، ان مهمة الناقد البحث والتنقيب والتقصي والموضوعية واستقلالية الرأي، وعلى المتلقي احترام المبادرات وتقدير الاضافات والتخلص من عقدة الابوية والماضوية، وعند هذا يجب احترام التراث وتقدير الرواد والثناء على جهودهم ومبادرتهم والتعامل معهم من خلال سياقهم وانساقهم. وعلى ضوء ذلك فلا تثريب في ان نقول: ان الفروق الفنية الدقيقة لم تتضح معالمها عند الرواد بدءا بالانصاري ومرورا بمعاصريه كالسباعي والمغربي وبدايات عزيز ضياء والفقي، وتبعا لذلك فاننا في البدايات على الاقل لا نستطيع الفرز بين الاعمال القصصية والروائية فالمصطلح لم تتضح معالمه عند المبدعين والدارسين الرواد على حد سواء. حتى انهم ليسمون الرواية قصة طويلة، والقصة الاقل قصة صغيرة وقد يطلقون على الاصغر (اقصوصة) ولهم فيما بعد ذلك آراء حول الفوارق وصلت ببعضهم الى عد الكلمات وربط ذلك بالحجم لا بالفوارق الفنية المتعلقة بالاشخاص والاحداث والازمنة والامكنة وسائر الوحدات الفنية. وفات اولئك ان بعض الدارسين عد (اللص والكلاب) لمحفوظ قصة، على الرغم من تجاوزها المائتي صفحة. ولهذا فالانصاري نفسه خلط بين انواع الفنون ظنا منه ان القص يتسع لكل هذه الانواع ما دام ينطوي على سرد روائي او حوار. ومما هو في اطار الاشكالية ضعف البرزخ بين الفن القصصي والنثر الفني، حتى لقد بغى بعضها على بعض ولم يكن كما هو بين النثر والشعر وان جاءت (قصيدة النثر) مؤاخية بين الفنون، وتلك جناية تعدت ما كنا نتحفظ عليه من دعوى الموهبة القصصية بمجرد توافر القدرة الكتابية ولربما كان ضعف الفوارق من اسباب الخلط، ولسنا معذرين في هذا التحفظ، وانما هي كلمة حق لا نود تأخيرها عن وقتها. والمؤرخون للسرد الروائي والقصصي يكادون يجمعون على ان الروايات الرائدة في الادب العربي في المملكة ثلاث روايات هي: «التوأمان» للانصاري، و«البعث» للمغربي و«فكرة» للسباعي. وقد غفلوا عن آخرين ذكرهم الانصاري في بعض مقالاته كالفقي وآشي وعزيز ضياء، وقد اشرنا الى هذا في المستهل. ويأتي احمد السباعي اكثر نتاجا واقدر موهبة، واوسع ثقافة معاصرة من صاحبيه وهو الوحيد من بين الثلاثة الذي اخلص لفنه ومحضه جهده. وقد نبيح لانفسنا التخطي بالسباعي من الريادة الى التأسيس، فيما لا نجد ادنى مبرر للتخطي بالانصاري والمغربي مرحلة الريادة، ونقول جازمين: ان (البعث) للمغربي تفوق رواية (التوأمان) بمسافات فنية واسعة. تقع رواية (التوأمان) للانصاري في ثلاثين صفحة، وفي ستة عشر فصلا. والتوأمان اخوان هما: (رشيد) و (فريد) وقد ليم الانصاري لغويا بالتثنية وما عليه من بأس اذ يجوز ان يقال: (التوأمان) وللتوأمة مغزاها العميق في تجسيد الصراع الحضاري، فاحد التوأمين وهو (رشيد) درس العلوم العربية في الوطن العربي فيما درس اخوه (فريد) العلوم الاجنبية في الخارج فنجح الاول واخفق الآخر ومن ثم فالرواية تمثل الصراع الحضاري الساذج. والرواية كما اشرت تركن الى الاسلوب التعليمي الوعظي الارشادي التحذيري من مستجدات العصر غير المجدية وتساق باسلوب عربي لا شائبة فيه. هذا المولود المبتسر بعد عقم طويل قوبل بعقوق ونكران لا يليقان به لقد نُقدت الرواية نقدا عنيفا بل اصفه بالنقد المسف، وبالذات من الاستاذ محمد حسن عواد رحمه الله الذي امتدت كلماته المفحشة الى ذات الانصاري، ونسبه وتلك سمة لم يتخلص منها العواد في كل منازلاته ومن عجب ان الدارسين للحركة النقدية يغضون الطرف عن مثل هذه البذاءات التي لا تشرف بها الريادة النقدية، ويعدون العواد رائدا لا يسأل وقد يبلغ الاعجاب به حدا لا يطاق بحيث يعد المساس به مساسا بالمواطنة. ومن مثالب اي حركة نقدية او فنية او فكرية الاغراق في تقديس الشخصية على حساب الموضوعية. ومن بعد العواد جاء الاستاذ عزيز ضياء رحمه الله الذي رصد للعمل القصصي والروائي وذلك حين كتب مقدمة لرواية «غدا انسى» للقاصة امل شطا حيث وصف العملين «التوأمان» و«مرهم التناسي» بالتفاهة والخواء، وبدائية التعبير والاداء. والعواد وعزيز ضياء من كبار المثقفين والنقاد اذ ذاك على الاقل وممن يعول عليهم في قيادة حركة نقدية راشدة وممن كان لهم تواصل مع ادباء العالم العربي ومؤاخذتهم الفنية في محلها لو انها ربطت في سياقها ولم تسف عند بعضهم اذ ليس بالامكان افضل مما كان وكان عليهما في تلك المرحلة ان يطلبا المزيد من المتباطئين لا ان يخذلا الجسورين. والحركة النقدية حول العمل القصصي والروائي تبدو متواضعة تواضع الريادة الروائية والقصصية وكان العواد مهيئا للتأصيل والمعاصرة لو لم يكن حاد المزاج عنيف القول مسف العبارة، وبالمثل فان عزيز ضياء يمتلك آلية النقد لو انه وضع يده على اعمال روائية وقصصية متعددة المستويات والاتجاهات، واذ قلنا بالريادة الروائية والقصصية فاننا مضطرون للقول عن الريادة النقدية للاعمال الروائية، ولا نجد بدا من النظر الى العواد وضياء بوصفهما رائدين للنقد الروائي ولن نفصل القول عن امكانياتهما النقدية فذلك له مجاله في مدخل الحركة النقدية. وماذا على النقاد لو انهم باركوا خطوات الانصاري واسنهضوا همم المتثاقلين لقد ادى هذا النقد العنيف الى توقف الانصاري وتخوف الآخرين واستمرار التعثر، ان خطأ العلاج اضر بتلك المحاولة الرائدة وهذا في نظري من اقوى معوقات الانطلاقة الروائية في المملكة.