وهكذا نواصل الرحلة مع هذا النوع من الأمثال: 17 «أخلف من ولد الحمار»: مورده: يعنون البغل، لأنه لا يشبه أباه الحمار، ولا أمه الفرس، فالبغل يأتي نتيجة نزو الحمار على الفرس، قالوا: وليس في الحيوان ما ينزو على غير نفسه ويلقح، الا الحمار والفرس. ولا تلاقح بين البغل والبغلة، ولهذا قال العرب: «أعقمُ من بغلة». مضربه: يضرب في مخالفة الفرع للأصل. 18 «عشَّرَ تعشير الحمار»: مورده: قال الجوهري: تعشير الحمار: نهيقه عشر مرات في طلْق واحد، قال الشاعر: لعمري لئن عشّرت من خيفة الردى نُهاق حمارٍ، إنني لجزوعُ وذلك انهم كانوا اذا خافوا وباء بلد عشّروا كتعشير الحمار، قبل ان يدخلوه، زاعمين ان ذلك يدفع عنهم الوباء . وقد رفض عروة بين الورد ان يعشّر عند دخوله ارض المدينة في العصر الجاهلي، لئلا تصيبه حمى يثرب )الملاريا(، وكشف لهم عن سخف هذه الخرافة ولم تصبه الحمى. مضربه: يضرب في المبالغة في الاحتياط بما يظن به الحفظ. 19 «حمارٌ يحمل سفراً»: مورده: اصله قوله تعالى: «مثل الذين حُمِّلوا التوراة ثم لم يَحْملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً» )الجمعة 5(، اي يثقله حَمْلُها ولا ينفعه علمها. مضربه: يضرب لكل من يعلم ولا يعمل بعلمه. 20 «هم يتهارجون تهارُج الحُمُر» الهرْج هنا: كثرة النكاح، وقد هرَجَها يهرُجُها ، هرْجاً، اذا نكحها، وفي حديث صفة اهل الجنة: «إنما هم هَرْجاً مَرْجاً»، دلالة على كثرة نكاحهم للحور العين. مورده: الأصل فيه حديث ابي الدَّرداء )اللسان مادة هرج(: «يتهارجون تهارُج البهائم»، أي يتناكحون ويتسافدون. مضربه: يضرب لشدة الاختلاط والإقبال على الجنس. 21 «بال الحمارُ، فاستبالَ أحمرةً»: اي حملهنّ على البول. مورده: الأصل فيه ان الحمار اذا بال بين الحمير أثار فيهم شهوة البول، فيقلدونه في ذلك، كأنه يُعديهم بذلك، تماما كما يعدي أحدنا جلساءه بالتثاؤب. مضربه: يضرب في تعاون القوم على ما يكرَهُ. 22 «تركته جوف حمار»: اي لا خير فيه، وانظر المثل الثاني عشر، فان هذا المثل رديف له. 23 «أصبَرُ من حمار»: قال في حياة الحيوان للدميري )1/238(: من الحمر ا لأهلية نوع يصلح لحمل الأثقال، ونوع لين الأعطاف، سريع العدْو، يسبق براذين الخيل، وهذا المثل انما يتجه الى النوع الأول، ولهذا كانت كنية الحمار: «أبو صابر» و«أبو زياد» قال الشاعر في الهجاء: زياد ٌلستُ أدري من أبوه ولكن الحمار أبو زياد وما يزال أهل الشام الى اليوم يكنون الحمار: «ابو صابر» وقد قدّم الممثل السوري غوار الطوشي مسلسلا تلفازيا بعنوان «ابو صابر»، كان يطل فيه مع حماره على الناس من خلال الشاشة الفضية، ويتحاوران تحاورا يقضي الى «إياك أعني واسمعي يا جارة»، وتأثُّراً به كتبت مشهداغنائيا يحمل العنوان نفسه قدمناه خلال الحفل السنوي لثانوية قباء بالمدينةالمنورة، التي كنت حينها مديرا لها ولقي ذلك المشهد كثيرا من الاستحسان وكان مطلعه منسوجا على غرار أغنية لطارق عبد الحكيم: «أنا قلت يكفي الهجر..» وهو: أنا قلت يكفي العض يا حماري على لسان كل البقر كن كويّس لا تِعَنْفص يا حماري، لا بد من ظلم البشر أنا لي حمار أذانيه كبار يا ناس حرام تظلموا حماري مضربه المثل: يضرب لقوة التحمل. 24 «شرُّ المال ما لا يُزكَّى ولا يُزكّي»: مورده: الأصل في عدم الزكاة قوله صلى الله عليه وسلم «ليس في الجَبْهة، ولا في الكُسْعَةِ ولا في النُّخَّةِ، صدقة». الجبهة: الخيل. الكُسْعَة: الحمير. النُّخَّة: الرقيق ، او البقر العوامل. والأصل في عدم الذبح ما روى جابر رضي الله عنه وغيره: «ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل» متفق عليه. مضربه: يقال في امتلاك مالاخير فيه.