فلقد اطلعت كغيري من القراء على ما سطرته أنامل الأخ الفاضل/ عبدالعزيز بن خليف الحجاج الشمري حول تأييده إعادة الضرب في المدارس كوسيلة تربوية والذي نشر في جريدتنا الغراء في يوم الأربعاء الموافق 20 من ذي القعدة العدد 10366 ولأهمية تناول مثل هذه المواضيع التربوية التي يحتاج إليها ذوو الاختصاص من المربين والمعلمين أحببت المشاركة بإبداء الرأي فطرح مثل هذه القضايا لفت نظري وشد انتباهي مما كان له بالغ الأثر في تسطير هذه الوقفات اليسيرة: أولاً يخطىء البعض من المعلمين أو حتى أولياء الأمور عندما يتحدثون عن أهمية عرض التعليم عن طريق الترهيب وذلك باستخدام وسائل تربوية جافة وغير ناجحة على المدى البعيد كالضرب على سبيل المثال فتراهم يسترجعون الذكرى ويبكون الأطلال في الحديث عن بعض أولئك المعلمين السابقين وكيف كانوا يتعاملون مع الطالب عند ارتكابه أي مخالفة وذلك بتشديد العقوبة عليه بالضرب المبرح تارة وبالأعمال الشاقة تارة أخرى وبالتالي ربما كانت هذه التصرفات سبباً في عدم انتظام الطالب في دراسته، بل لقد وصل الحال ببعضهم إلى تمجيد تلك الأفعال والتصرفات وتأييدها وإعلاء شأنها. لكن السؤال: ألم يعلم هؤلاء أن الفرق كبير والبون شاسع بين طالب اليوم وطالب الأمس من حيث عموميات التربية وازدواجية المناهج البيئية منها والمدرسية.ورضي الله عن الإمام علي بن أبي طالب حيث يقول: «لا تقسروا أولادكم على أخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم» وهذا دليل واضح وبرهان جلي على أن طرق التربية كثيرة وعديدة يستخدم بعضها ويترك البعض حسب تغير الزمان وتجدد المكان.إذ المقصود هو الوصول إلى حلول تربوية ناحجة فالوسائل لها أحكام المقاصد. ثانياً لا شك أن الضرب بالحدود المعقولة وسيلة من الوسائل التربوية التي أقرها الإسلام في التعامل مع الرعية التي يعولها الأب أو الزوج وغيرهما كالمربي والمعلم لكنها منوطة بعدم تحقق الوسائل السابقة لها كالإرشاد والتوجيه أو القيام باستخدام طرق أخرى لا تقل أهمية عن تلك وهي تختلف حسب القدرات والإمكانات.بل ولا يعني هذا أن نتمسك بهذه الفسحة من الشرع فنصب جام غضبنا على من تحت أيدنا فهذا قصور في الفهم واستعجال للنتائج والتي ربما لا تتحقق في ظل استخدامنا لهذه الأساليب والتصرفات. ناسين أو متناسين الطرق الأخرى التي أرشدنا إليها شرعنا الحكيم في الكتاب والسنة حول استخدام وسائل الإقناع وطرق الحوار وحلول المشكلات بطرق استراتيجية وأساليب متنوعة لا تخفى على من أنيطت به مهام العلم وشرف التعليم. ثالثاً يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا وأكثر واقعية مع الآخرين ومع طلاب المدارس على وجه التحديد فلا تعجب فعجب قول بعضهم «لا تضرب يا أستاذ الضرب ممنوع» وبهذه العبارة والفكرة السائدة تولد لدى بعض الطلاب حب الإثارة والعبث أمام المعلم لعله أن يتعرض له بالضرب فينال الجزاء القاسي مما يكون سبباً ومدعاة لسخرية أولئك المراهقين وتنقيصهم له، بل لك الآن وضع يدك على رأسك فلقد بلغ الأمر بأحدهم بعد أن «أخطأ» المعلم في حقه وعاقبه عقاباً بدنياً فما كان من صاحبنا إلا رفع قضية حول هذا الزلل والخطأ غير المتعمد من المعلم بأن يحال هذا الأخير عن التعليم لهذا السبب، ومن هذا المنطلق يجب أن ننظر لقضية الضرب نظرة تربوية شاملة تحمي المعلم من استخفاف الطالب وتطاوله على كرامة معلمه. وإلا فإن الأمر خطير والخطب جسيم، وهذا ليس تأييداً للضرب بقدر الخوف من تبعاته السلبية في ظل التربية الحديثة المعاصرة.إلا أن الأمل معقود بعد الله على نظر المسؤولين في التربية والتعليم في تنقية الشوائب وإزالة كل ما يعوق مسيرة التعليم الخالدة التي نقطف ثمارها ونتفيأ ظلالها خوفاً من ندرة الثمرة وتقلص الظل الوارف. خالد بن عايض البشري الرياض